Al Jazirah NewsPaper Sunday  08/06/2008 G Issue 13037
الأحد 04 جمادىالآخرة 1429   العدد  13037
شيء من
الكنس تحت السجاد!
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

التركيبة السكانية لبعض دول الخليج، وبالذات الإمارات، مثيرة للقلق بالفعل. هذا ما نبه إليه مؤخراً الفريق ضاحي خلفان قائد شرطة دبي بجرأة وشجاعة. وهي المشكلة، أو العلة، التي تنذر بالخطر على مستقبل هذه الدولة الخليجية. فالإماراتيون يتزايدون بنسبة كبيرة، بينما الوافدون يتزايدون بنسبة أكبر، الأمر الذي جعل نسبة المواطنين من عدد السكان في حدود الـ10% أو تزيد قليلاً. هذا التفاوت مثير للقلق، ليس بالنسبة للإماراتيين فحسب وإنما للسعوديين أيضاً، وكذلك بقية دول الخليج الأخرى؛ فهي قنبلة ديموغرافية موقوتة نراها تتشكل بالقرب منا، وتفجرها سينعكس على المنطقة ككل وليس على الإمارات فحسب. وقد وصف أحد الكتاب هذه المشكلة، وتعامل الإماراتيين معها، بأنها نوع من أنواع (الكنس تحت السجاد)، حيث لا تتم معالجتها، وكبح جماح مسبباتها عملياً، وإنما يتحدثون عنها، وبحدة أحياناً، وينتهي الأمر بانتهاء الحديث.

الهوس بالتنمية العمرانية، والعناية بالكتل الخرسانية، التي تجتاح الإمارات في الآونة الأخيرة، والسوق المشرعة أبوابها على مصاريعها للأجانب، دون النظر إلى تأثير ذلك على التركيبة السكانية، والهوية الوطنية، قد يكون لها تبعات خطيرة على المدى البعيد، وهنا بيت القصيد.

وهذا لا يعني أن ما نراه من تقدم اقتصادي هناك ليس بذي شأن، غير أن هذه المظاهر البراقة، والأبراج التي تعانق السحاب، والخدمات في مختلف المجالات، واجتذاب المستثمرين، وارتفاع معدلات النمو الاقتصادي، يجب ألا تحجب عنا السلبيات الخطيرة التي تكتنف هذه (النهضة) العمرانية التي تشهدها الإمارات، وأهمها إن أهل البلاد الأصليين يتناقصون عملياً مقارنة بزيادة أعداد الأجانب؛ وعندما تختل التركيبة السكانية، وتتفاقم مع مرور الوقت لصالح الأجنبي، ومع النهم لزيادة النمو الاقتصادي، وتزايد العمالة الأجنبية التي يتطلبها الإعمار دون مراعاة المخاطر والأعراض الجانبية لهذه النهضة الإسمنتية، فإن ما لا تحمد عقباه قد يكون النتيجة.

ولا أحد يستطيع أن يتنبأ بمستقبل (تداعيات) هذا الخلل في التركيبة السكانية في الإمارات. نعم، التنمية الاقتصادية هي (شرعية) بقاء الدول؛ ففي العصر الحديث تسقط الدول التي تهمش التنمية الاقتصادية، وتفكك الاتحاد السوفييتي دليل يقطع كل شك بصحة هذه المقولة. غير أن النمو الاقتصادي هناك يأتي على حساب أهل البلاد الأصليين، ليتحولوا في بلادهم إلى (أقلية)، ويصبح الوافد الأجنبي هو الشريحة الأكثر تعدادا، وهذا الاختلال في التوازن لصالح الأجنبي سيتبعه -لا محالة- مطالبات (حقوقية) وسياسية في المستقبل من قبل (الأكثرية) الأجنبية لن يملك الإماراتيون في النهاية إلا الإذعان لها.

والتركيبة السكانية في الإمارات حالة فريدة من نوعها، إذ لا يُشبهها في اختلال التوازن بين الأجانب والمواطنين بهذا القدر من التفاوت دولة أخرى. وهذا ما يجعل التنبؤ بتبعاتها على المدى الطويل مسألة صعبة، لعدم وجود حالة مشابهة تاريخياً يمكن الاستناد إليها في استشراف مستقبل هذه الحالة. غير أن كل الإرهاصات تشير إلى أن هناك احتمالات خطرة لهذا الخلل الكبير في البنية السكانية لصالح الأجانب، وهو ما يختصره الفريق ضاحي خلفان قائد شرطة دبي عندما قال: (أخشى أن نبني عمارات ونفقد الإمارات)!.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6816 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد