Al Jazirah NewsPaper Sunday  08/06/2008 G Issue 13037
الأحد 04 جمادىالآخرة 1429   العدد  13037
موقف من (التربية).. وآخر من (الحرمين).. محاولة (للفهم)..؟!!
حمَّاد بن حامد السالمي

* طفت على السطح مؤخراً، قضيتان في غاية الأهمية. الأولى تخص ستة آلاف طالب سعودي من منسوبي المدارس الأجنبية في البلاد، وهي مدارس دولية، يلتحق بها من شاء من أبناء الجاليات غير السعودية المقيمة، ويلتحق بها كذلك

- وهذا خيار كان ينبغي أن يُحترم - من شاء من أبناء السعوديين القادرين على الدفع، إلا أن الجهة التي صرحت لهذه المدارس وتشرف عليها، وهي وزارة التربية والتعليم، تهدد الطلاب السعوديين بالطرد من مدارسهم، وأسرهم يهددون في المقابل، بنقل أبنائهم للدراسة خارج البلاد.

* أما القضية الثانية، فهي تخص منسوبي رئاسة الحرمين الشريفين من الموظفين، حيث تصر الرئاسة على دفع رواتبهم (كاش موني)، وهم يصرون على تسلمها عن طريق حسابات خاصة بهم في بنوك البلاد، مثلهم مثل بقية موظفي الدولة، وموظفي القطاع الخاص، وهؤلاء أيضاً، كان ينبغي احترام اختيارهم، الذي ينسجم مع قوانين وأنظمة الدولة، ولا يعارضها.

* أحاول أن أفهم حقيقة، لماذا تتصرف وزارة التربية بهذه الطريقة التعسفية مع ستة آلاف طالب وستة آلاف أسرة، وتقف ضد خيارات خاصة بهم، وهي التي كان ينبغي أن تشكر هذه الأسر، لأنها تحملت عن الوزارة، عبء تربية وتعليم ستة آلاف طالب، طيلة المراحل الثلاث، والتكلفة سوف تبلغ مليارات الريالات، إذا قيست بمثلها في التعليم الأهلي، وهذا الموقف الغريب لا يصادم خيارات أسر سعودية فقط، لكنه يتعارض مع سياسة الدولة، التي تصرف عشرات المليارات من الريالات، لابتعاث الطلاب والطالبات إلى دول كثيرة في العالم، ليس فقط من أجل دراسة المقررات العلمية، ونيل الشهادات العليا، وإنما من أجل الاحتكاك بأمم أخرى، واكتساب مهارات سلوكية وحضارية ومدنية، تدعم التحصيل العلمي، لكن وزارة التربية على ما يبدو، تأبى ذلك على السعوديين، وتسعى إلى تغريب صغار السن إلى بلدان لم يعرفوها من قبل، وتحميل أسرهم أعباء جديدة فوق طاقاتهم، فأي الأمرين أهون في هذه الحالة، احترام خيارات الأسر السعودية في إلحاق أبنائهم بالمدارس التي يرغبون، أم إكراههم على تغريبهم في بلاد بعيدة عن أهلهم ووطنهم، في أعمار صغيرة وحرجة..؟!

* فقط أحاول أن أفهم..!

* أما قضية موظفي رئاسة الحرمين، فهي الأشد غرابة..! ومع أنها وصلت ديوان المظالم، ونظرها قضاته، وردوا حجج مندوبها، إلا أن موقف رئاسة الحرمين يثير الحيرة، وما هو أغرب من غرابة الموقف نفسه، مسوغات الرئاسة، ودفاع مندوبها أمام قضاة المظالم، فالرئاسة ترى أن جميع البنوك السعودية حرام، فلا يجوز تحويل رواتب موظفيها إليها.! ومندوبها يأتي بما لم تأت به الأوائل والأواخر ويقول: بأن رئاسته تستند في عدم تحويل رواتب موظفيها إلى البنوك، على المادة الأولى لنظام الحكم، التي تشير إلى أن المملكة تقوم على كتاب الله وسنة رسوله..! وهذا يعني أن الدولة حين سمحت بفتح البنوك، وجعلت أرصدتها فيها، وحولت رواتب موظفيها عبرها، نقضت هذا المادة، ولم تعد تقوم على كتاب الله وسنة رسوله..؟!!!

* عجيب والله..!!

* ومرة أخرى.. أحاول أن أفهم..!

* هل رئاسة الحرمين، مؤسسة رسمية تعمل إلى جانب عشرات المؤسسات التي هي أكبر منها ومثلها وأقل منها، ويعمل فيها مئات آلاف الموظفين، الذين تأتيهم رواتبهم على حساباتهم في البنوك..؟ أم هي مؤسسة خارج هذه المنظومة..؟

* لماذا صمتت الرئاسة، وسكت مندوبها المفوه طيلة عقود مضت، فلم ينبهنا إلى حرمة هذه البنوك، فنتجنبها على أقل تقدير..؟! وإلى نص المادة الأولى من نظام الحكم، الذي ظن ربما - وبعض الظن إثم - أنه لم يقرؤه أحد قبله..؟!

* نحن نعرف أن جميع السعوديين، كبيرهم وصغيرهم، يتعاملون مع البنوك كل بالطريقة التي يختارها هو، والدولة بما كفلته لمواطنيها من حقوق الاختيار، لم تمنع أحداً من اختيار الطريقة المالية التي يريدها لنفسه مع البنك الذي يريد، وكان على مندوب رئاسة الحرمين، ومن يرى رأيه (الشاذ) في هذه المؤسسة، تطبيق هذه الحرمة على أنفسهم دون غيرهم، والكف عن التعسف، وعن إكراه الناس على أمر يصادم أنظمة رسمية لم تراعها الرئاسة مع موظفيها، وأن يحترم هؤلاء المسؤولون، الذين بأيديهم أمر رواتب هؤلاء الموظفين، ما يختاره الموظف من طريقة في تحصيل مرتبه، مثله مثل بقية السعوديين والسعوديات على كامل التراب الوطني.

* والموقف الآخر في وزارة التربية آنف الذكر، لا يختلف كثيراً عن موقف رئاسة الحرمين، فهناك تدخل لا يسنده أكثر من تفسيرات خاصة بأصحابها، وهنا تدخل غير مبرر، في عهد الإصلاح والانفتاح الذي يقوده الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله.

* كفوا أيديكم عن طلابنا الذين اختاروا المدارس التي يريدون، وارفعوا أيديكم عن حق موظفي رئاسة الحرمين، في تحصيل مرتباتهم عن طريق البنوك التي يرغبون هم أيضاً.

* إلى متى تظل الأمزجة والاجتهادات الخاصة، تتقدم على الأنظمة والقوانين الرسمية..؟!



assahm@maktoob.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5350 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد