Al Jazirah NewsPaper Sunday  08/06/2008 G Issue 13037
الأحد 04 جمادىالآخرة 1429   العدد  13037

مؤرخ العقيلات إبراهيم المسلَّم (رحمه الله)
د. محمد بن عبدالله المشوح

 

على الرغم من علاقتي الوطيدة بالأستاذ إبراهيم المسلَّم رحمه الله ولقاءاتي معه مرات عديدة في دارته وإقامته بالقاهرة أو حضوره لبعض فعاليات الثلوثية إلا أن صدمة تلقي خبر وفاته رحمه الله كان علىَّ صعباً.

وزاده ألماً أنني لم أعلم بالخبر إلا بعد أشهر من وفاته رحمه الله.

عتب أنقله إلى أبنائه وإخوته وذريته الذين نحمل لهم التعازي أيضا بوفاة حبيب الجميع أبي علاء رحمه الله.

والأستاذ إبراهيم طالما لاحق شخصيات عديدة وأسرا كثيرة يتقصى أخبارهم ويتتبع رجالاتهم ويدون قصصهم بجهد مشكور على الرغم من نأي الديار وبعد الأوطان.

إلا أن عشقه وحبه لمسقط رأسه بريدة وولعه وحنينه إلى دياره القصيم وتعلقه بوطنه الكبير المملكة العربية السعودية قاده ذلك إلى أن يقوم بما عجز من القيام به الآخرون.

وها هو كتابه الخالد (رجال من القصيم) يبقى سجلاً هاماً لشخصيات وطنية صادقة خرجت من أرض القصيم المعطاء.

كان أبو علاء رجل ثقافة بحق يتمتع بعلاقات رائعة مع المثقفين المصريين والسعوديين على حد سواء.

كما امتاز إبراهيم المسلَّم بأنه فرغ حياته الأخيرة للتدوين والكتابة في إسهامات ثقافية عديدة جادة.

ويبقي كتابه الفريد (العقيلات أخبارهم أسفارهم) أول كتاب جامع لتلك الشخصيات العظيمة التي خرجت من بريدة خصوصاً والقصيم عموماً لتجوب البلاد وتتجاوز النقاط فوصلوا إلى أطراف الهند والعراق والشام ومصر وفلسطين والأردن والسودان.

وكان كتابه أول دراسة محلية جامعة عن العقيلات فتقصى في جمع فريد أخبارهم وقصصهم وحكاياتهم وشخصياتهم وأمراءهم وصار كتابه مرجعاً دقيقاً لأي باحث عن (العقيلات).

أما كتابه الآخر الرائع فهو رحلتي مع العقيلات والذي قامت جمعية الثقافة والفنون بطبعه مرة ثانية فهو إضافة أخرى رائعة عن العقيلات من خبير مرافق وهو العقيلي إبراهيم المسلَّم.

وإني أهيب بالنادي الأدبي بالقصيم وجمعية الثقافة والفنون بإعادة طبعة مرة ثالثة لنفاد طباعته وكثرة الطلب على هذا الكتاب.

ولو لم يكن لأبي علاء سوى هذين الكتابين لكفاه.

لقد كان رحمه الله محباً لوطنه المملكة العربية السعودية على الرغم من إقامته بمصر الشقيقة لأكثر من الثلاثين عاماً. إلا أنه كان يقول لا أصبر عن السعودية ولو لأشهر قليلة.

ومما حفلت به حياته رحمه الله عناؤه في البحث عن أخبار الشخصيات وإلحاحه على الناس بتزويده بمعلومات دقيقة عن أسرهم حتى وصل كتابه إلى تسع أجزاء.

لقد ذاق الأستاذ إبراهيم المسلَّم رحمه الله شظف العيش ومرارة البحث عن الرزق فسافر مع العقيلات وتغرب عن وطنه بريده ومسقط رأسه مبكراً حيث ولد بها سنة 1349هـ.

ثم التحق بالبريد في مدينة بريدة سنة 1368هـ. كما اشترك في تركيب ميكروفون جامع بريدة سنة 1372هـ. وأنشأ مكتبة تجارية في بريدة مبكراً مع عدد من أصدقاؤه سنة 1375هـ.

تنقل في عدد من الوظائف الحكومية حتى تقاعد. وتفرغ لأعماله الخاصة.

واستقر بالقاهرة منذ سنة 1392هـ.

لقد كان رحمه الله يحمل العديد من الأفكار والمشاريع الثقافية والفكرية الهامة والتي أثمرت له العديد من الإنجازات التي أثرت المكتبة الثقافية بها.

وكان يدون المعلومات ويراجعها بنفسه مع كبر سنه وصعوبة التنقل أحياناً إلا أنه كان يعيش بهمة وعزيمة نادرة.

عشق الكتابة وهوى التدوين وأحب الأدب والشعر ودوّن أخباراً مهمة صار مرجعاً ومقصداً لكل باحث عن العقيلات أو رجالات القصيم أو العلاقات السعودية المصرية وغيرها والكثير.

وعلى الرغم من بعض الأخطاء والملحوظات التي وقعت في بعض كتبه وخصوصاً (رجال من القصيم) إلا أنه يبقى مرجعاً توثيقياً هاماً.

وإذا كان هناك ثمة مزية انفرد بها المسلَّم عن غيره فهو معاصرته وأخذه كثيراً من المعلومات من شفاه شخصيات تاريخية هامة أدرك حياتها ونقل عنهم معلومات هامة.

وها هو يتحدث عن ذلك فيقول بصدق في فاتحة الجزء الأول من رجال من القصيم (والبحث عن المادة والتحري عن دقتها ومراجعة أكبر عدد من الناس الملم بالتاريخ والمعاصرين لهؤلاء الرجال من العوامل التي قد تؤخر دائماً كل عمل يراد له النجاح ويحوز ثقة القارئ العزيز.

وعندما بدأت في البحث عن مادة هذا الكتاب لم أكن أنوي أن يشمل البحث رأس العائلة الذي ينتهي إليها الشخصية لكنني وجدت ذلك مهماً حتى يتعرف القارئ على العائلة أولا ً ثم على الشخصية التي كان لها التأثير. وأعترف أن هذا المنهج هو نتيجة تفكير ورأي عدد من الرجال المهتمين بالتاريخ وقصص البطولات أذكر منهم سليمان ابن ناصر الوشمي - سليمان بن عبدالله الرواف - السفير عبدالرحمن بن صالح الحليسي -صالح بن عبدالله البازعي -السفير علي بن عبدالله الصقير - الشيخ ناصر بن الزعاق -إبراهيم بن عبدالعزيز الربدي وعدد آخر قدموا المساعدة والعون لي للتعرف على أكبر عدد من الشخصيات التي أثرت هذا البحث.

ووعد مني أن أستمر في البحث والتحري عن أكبر من الشخصيات وتقديم نبذة عنها للقارئ الكريم. في أجزاء أخرى مكملة لهذا الكتاب).

أجل إن كل من ذاق وعانى عناء البحث والكتابة والتدوين يدرك حجم الجهد الذي بذله رحمه الله حتى أصدر هذه الموسوعة المتميزة.

ولقد عاش (رحمه الله) شغوفاً بتلقي المعلومة التاريخية الدقيقة محملاً بالعديد من الوثائق والأوراق والمكاتبات التي لا أدري ما فعل الله بها بعد وفاته.

ويا ليت نجله علاء يبادر إلى إهداء مكتبته إلى جامعة القصيم أو نادي القصيم الأدبي حيث المكان الذي تلقاه وليداً فأحبه وعشقه وهواه.

ولا أفضل من أن يذكر بخير مقال وهو مكتبته وعلمه الذي خلفه وراءه.

أما كتاباته الأخرى فأذكر على سبيل المثال منها:

1- كتاب: لمحات عن القضية الفلسطينية، ودور الملك عبدالعزيز: دار الأصالة - الرياض.

2- كتاب: فلسطين والمواقف العربية والدولية: دار الأصالة للنشر - الرياض.

3- كتاب: القصيم والتطور الحضاري: مكتبة الشباب - بريدة -القصيم.

4- كتاب: إطلالة على علم الأوائل - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة.

5- كتاب: فهد بن عبدالعزيز، المسيرة والعطاء.

6- من التراث العربي (11 قصة) - دار الأصالة للنشر - الرياض.

7- كتاب: عنترة 84.

8- كتاب: رحلة صيف - مكتبة الشباب - القصيم - بريدة.

9- كتاب: من رحلات العقيلات (رواية).

10 - كتاب: مكتبة الشباب (5 قصص صغيرة) - الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون - الرياض.

11 - كتاب:العلاقات السعودية المصرية - الدار الثقافية - القاهرة.

12 - كتاب: عبدالعزيز بن سعود، وشخصيات في الذاكرة -الدار الثقافية - القاهرة.

13 - كتاب: رجال من القصيم - الدار الفنية - الدار الثقافية - القاهرة.

وهكذا رحل إبراهيم المسلَّم (رحمه الله( بهدوء كما عاش حياته كذلك.

لكنه ملء السمع والبصر بما خلفه وراءة من جهود علمية واسهامات ثقافية تبقى محفورة لشخصية وطنية صادقة.

رحمك الله يا أبا علاء ويا عاشق الوطن.

مازال يلهج بالأموات يكتبها

حتى غدا وهو في الأموات مكتوبا


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد