Al Jazirah NewsPaper Wednesday  11/06/2008 G Issue 13040
الاربعاء 07 جمادىالآخرة 1429   العدد  13040
يارا
عبد الله بن بخيت

منذ أن ولدت من بطن أمي وأنا أسمع من يجلد ويشتم ويقذف قاسم أمين. إلى درجة أنني كنت أشعر بالقشعريرة عندما أسمع اسمه. لو أقمت استفتاء عن أكثر الشخصيات في التاريخ العربي المعاصر ناصبه الناس الكراهية والعداء بين الشعوب العربية فلن ينافس قاسم أمين إلا القليل. ارتبط في ذهني بكلمات ثلاث أو أربع تعد المفاتيح لموقف الناس من هذا المفكر. السفور، التغريب, تحرير المرأة.

حدث السفور وتبين أنه موضع خلاف ومع ذلك بقيت سمعة المسكين على حالها كما بدت أول القرن العشرين. من يفك غربته. معظم من يقرأ مقالي الآن يتملكه نفس الشعور تجاه قاسم أمين. ربما أتلقى شتائم وسباب لأني فقط ذكرت اسمه.

قبل سنوات بعد الصلاة مباشرة سألت محدثنا الصغير في إحدى المساجد: لماذا تسب قاسم أمين: فقال بعد أن كادت تتفجر عروق رقبته: إنه داعية الخراب وفساد المرأة. ثم انطلق يلقي علي المحاضرة المعادة في كل مرة يتحدث فيها الناس عن المرأة: مؤامرة الغرب, والهجمة الشرسة, والغزو الثقافي, والأم إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق.. إلى آخر ما نسمعه في كل مرة نشغل فيها أسطوانة المرأة. تركته يمضي في محاضرته ويكمل حديثا سبقته عليه أجيال وأجيال. سمعته وسمعت المصلين مئات المرات. وفي كل مرة يرد فيها اسم قاسم أمين تنهال من فمه الشتائم وكأنها ألقاب تخص هذا المفكر البائس. لم أكن في ذلك الحين أهتم بهذه القضايا. لم أقرأ لقاسم أمين ولا أعرف ما قاله إلا من خطباء المساجد والوعاظ والدعاة. قاسم أمين في رأسي هو رائد السفور والفجور والتغريب والتحلل. كلمات مليئة بكل أنواع التشوه. قبل أن تبرد عواطفه ويتخفف مما في قلبه من حقد سألته: هل قرأت كتب قاسم أمين بنفسك. التفت علي وقال إيش؟! قالها بصرخة معتبرة. من الواضح أن هذا السؤال لم يخطر على باله. لم يسأله أحد من قبل هذا السؤال ولم يتوقع أن يطرح عليه. رغم بدهيته. لأن الثقافة التي ينطلق منها هذا الواعظ الصغير تعتمد على الحقن والتوارث. لا أحد يختبر المعلومات التي سمعها من شيخه أو من خطب الجمعة. بعد تلك الحادثة صرت في كل مرة ألتقي واعظاً أو داعية أحرك الموضوع يمين و شمال حتى نأتي على سيرة قاسم أمين فتنهال على الفور الشتائم عندها أفاجئه بنفس السؤال: هل قرأت كتبه؟ معظمهم لا يحتاج أن يقرأ قاسم أمين أو غيره. لقد سمع ذلك وهذا يكفي. وعندما يكبر هذا الداعية يتحول هو إلى شيخ راسخ الثوابت. من بين هذه الثوابت شتم قاسم أمين وتلقين وعاظ المستقبل خاصية شتم قاسم أمين. حتى صار الموقف منه متواترا غير قابل للنقاش أو النقض.

الآن في هذه اللحظة هناك عدد كبير من القراء بدأ يتململ.. بدأت كلمات التغريب والسفور والفجور تتقد في عقله وتغلي. سأوجه لهؤلاء السؤال نفسه: هل قرأتم كتب قاسم أمين بأنفسكم؟.

فاكس: 4702164


Yara.bakeet@gmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6406 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد