Al Jazirah NewsPaper Wednesday  11/06/2008 G Issue 13040
الاربعاء 07 جمادىالآخرة 1429   العدد  13040
مركاز
هوايات -2-
حسين علي حسين

تعلقت بهواية جمع الطوابع مبكراً، ربما كنت حينذاك في العاشرة أو أكثر قليلاً، لكن ما أحيط به تماماً الآن، هو أن هذه الهواية بدأت من زوار المدينة، وما أكثرهم وأروعهم وأكرمهم، عندما ينزلون هذه المدينة، العامرة بالحب والمودة والحنان، كنا نجدها فرصة كبيرة لنعمل في المواسم وما أكثرها في المدينة، حيث نلتقي بالزوار الذين يأتون معهم ببعض البضائع البسيطة والمقتنيات الشخصية، لبيعها والصرف من ريعها على رحلتهم، وكان بعض الحجاج أو الزوار من هواة جمع الطوابع، وهم يعرفون على من يسوقون بضاعتهم، وغالباً ما يجدون زبائنهم في شارع العينية أو أمام البريد، ومن هناك بدأت الهواية وهي التي جرتني إلى تكوين علاقات واسعة وفي وقت مبكر، فقد عرفتني على رجال في سن جدي، ورجال في سن والدي، غير الذين هم في سني أو أكبر قليلاً، وكل هؤلاء ليس لهم من عشق إلا نشر آخر الأخبار عن أحدث أو أقدم طابع بريد، وكان هناك محل يقوم بتسويق الطوابع أمام المسجد النبوي مباشرة، ويعمل به أكثر من رجل من الطاعنين في السن والخبرة، ليس لهم من هواية سوى جمع الطوابع، وبيعها وشرائها وتبادلها مع الغير، لكنني نادراً ما صادفت هاوياً يضحي بطابع ليس له نسخة منه، فهذا الهاوي يتخيل أن الهواء سوف يحجب عنه لو انسل طابع واحد من بين يديه.

قال لي زميلي في المدرسة الابتدائية، إن في المدينة رجلين طاعنين في السن، يعتبران من كبار هواة جمع الطوابع، وقد وعدني أن نقوم معاً بزيارة لمنزل أحد هذين الهاويين على أطلال منطقة المناخة، تجمعنا ثلاثة من الصبية، وطرقنا الباب على الرجل، كان الوقت عند الغروب، وكان كل منا يضع ألبوم طوابعه تحت إبطه، استقبلنا الجد بابتسامة حانية، أخذنا إلى المجلس، أحضر لنا الشاي، ثم غاب في الداخل ليحضر لنا شنطة الكنز، ألبومات طوابع كبيرة وصغيرة بدون عدد، كان في كل ألبوم مجموعة من نوع معين من الطوابع، ألبوم لطوابع البواخر والطائرات آخر عن الكشافة وآخر عن الطيور والأسماك، وكانت الطوابع مرتبة تماماً، وكان مع الرجل مجهر أو مكبر، يقوم باستخدامه بحرص مع بعض الطوابع، وبالذات القديمة جداً، أو التي عليها ختم اليوم الأول للصدور، أو التي بها عيوب في التخريم أو التواريخ أو الرسم أو النقش، كانت الطوابع التي بها عيوب ذات قيمة عالية، لذلك فقد خصص لها ألبوماً مختلفاً في الشكل واللون والزوايا، وكان يستخدم ملقاطاً رقيقاً في إخراج وإدخال الطابع في جرابه! ولأول مرة رأيت في تلك الزيارة كتب ومجلات خاصة بالطوابع، ولأول مرة أرى من يحل الطوابع التركية مكانة خاصة، فقد كان الرجل من جذور تركية، وكان يتقن التركية تماماً وإن كان من مواليد المدينة، فقد عاصر الرجل آخر عهد الأتراك في المدينة، أما الرجل الثاني فقد كان أطول باعاً وكان لديه باب واسع تدخل منه الطوابع إليه، ومن خلال عمل الرجل دليلاً لزوار يأتون من أكثر من بلد، وكانت عناوينهم كلها لديه، لذلك فقد كان حصوله على الطوابع عبر الزوار ورسائلهم سهلاً...، وحتى الآن لا أدري كيف تخلصت من هذه الهواية العجيبة التي أكلت مدخراتي ونقلتني من طور إلى طور بسرعة رهيبة!



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5137 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد