Al Jazirah NewsPaper Wednesday  11/06/2008 G Issue 13040
الاربعاء 07 جمادىالآخرة 1429   العدد  13040
من مدريد إلى مدريد ومسيرة سلطان الخير العربية
عبدالإله بن سعود السعدون *

التزمت القيادة العليا في بلادنا العربية السعودية بسياسة ثابتة وضع استراتيجتها الوطنية مؤسس وموحد دولتنا الفتية الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود أسكنه الله فردوسه الأعلى، وتعتمد هذه الاستراتيجية التخطيط والتنفيذ الموحد المرتكز على الحكمة والعدل أمام كافة القضايا العربية والإسلامية وتضع المصالح القومية المشتركة أساساً لهذه السياسة الصادقة الهادفة لخير الأمة العربية والإسلامية.

وتبرز قضية فلسطين في محيطها العربي والإسلامي كأهم قضايا العصر الإنسانية وقد تعرضت أرضها لأقسى اعتداء أممي بالتصريح للسارق بإعلان دويلته بالدم والتراب الفلسطيني وترك شعبها وصاحب الوطن الأصلي مشرداً وتائهاً بين قرارات مجلس الأمن الدولي والتي تحولت لملفات متراكمة دون تنفيذ ولم تستطع الحروب الثلاث في إزالة الأتربة عن هذه الملفات المشكلة بل زادت في ضياع الأرض والجيل العربي وتعرض الإنسان الفلسطيني لصنوف وحشية من التسلط والقسوة نفذتها الجيوش الإسرائيلية المحتلة وسرق المسجد الأقصى وحرقت قبته وأصبح القدس الشريف مدينة غربية وشرقية وإسرائيلية السيطرة من كل جهاتها.

وتشكل مدينة مدريد محطة أساسية في مأساة العصر قضية شعب فلسطين المحتل عند عقد المؤتمر الدولي للسلام فيها حيث قرر العالم كله ومعهم العرب استراتيجية وحيدة لحل القضية المشكلة بالطرق السلمية على مبدأ الأرض مقابل السلام المنتظر.

وكسبت إسرائيل اعترافات عربية عديدة دون خطوة إيجابية واحدة نحو السلام العادل المنتظر بل أعادت احتلالها للضفة الغربية وأحرقت أرض غزة بهجماتها الجوية الغادرة وتبين وبوضوح عدم رغبة العدو الصهيوني بالسلام كوسيلة وحيدة وناجحة لفرض الحل النهائي للمعضلة الفلسطينية.

وأحدقت الممارسات الإسرائيلية غير المسؤولة وتعنتها المستمر في خرق كل اتفاقيات السلام والتي حددتها معاهدة أوسلو التي دفن كل بنودها الجانب الإسرائيلي دون تطبيق وتصفية عرابيها رابين - عرفات وتعددت المشروعات المقترحة لإيجاد الحلول ابتداء بخارطة الطريق ومبادرة الاتحاد الأوربي ولجنته الرباعية. وقدمت الدبلوماسية السعودية وبتوجيه وإشراف القيادة العليا في المملكة العربية السعودية بتقديم مبادرة الملك عبدالله والتي أصر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله أن يطلق عليها صفة المبادرة العربية والتي تبناها مؤتمر القمة العربي المنعقد في بيروت 2002م وجاءت بنودها المتعددة تحمل بكل صدق وشفافية وعدل الوصول إلى الحل العادل والسلمي الذي يضمن حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعلى كامل الضفة الغربية وغزة وضمان أيضاً حق العودة للفلسطينيين المهجرين عن أرضهم وبيوتهم في كل أرض فلسطين، وقد كانت إجابة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد ونائب رئيس الوزراء وزير الدفاع والمفتش العام لصحيفة (أي بي سي) الإسبانية ضافية في تلخيص مبادرة السلام العربية بقوله حفظه الله: حرصاً من المملكة على إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني المستمر منذ عام 1948م وما يعانيه من قتل وتشريد وحصار. وتحقيق السلام في فلسطين مما يدعم بشكل كبير الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط فإن المملكة دعمت كل الجهود لتحقيق السلام، فقد أيدت وحضرت مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط عام 1991م وما تلاه من مساعي لإحلال السلام. وانطلاقاً من هذه الثوابت واستناداً لأسس ومبادئ الشرعية الدولية وقراراتها، فقد أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مبادرته التاريخية للسلام في منطقة الشرق الأوسط التي تبناها مؤتمر القمة العربي في بيروت عام 2002م وذلك لفتح آفاق جديدة من التعايش السلمي المبني على استعادة الحقوق العربية وإنهاء النزاع العربي الإسرائيلي وإحلال السلام الدائم في المنطقة. وأصبحت هذه المبادرة بشموليتها لكافة القضايا هي الأساس لكل الجهود العربية التي تبذل في سبيل تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط. حيث بلورت المطالب الفلسطينية والعربية في موقف واحد مشترك يعبر عن مواقف جميع الدول العربية، وقد أكدت جميع القمم العربية التي تم عقدها بعد قمة بيروت تمسك الدول العربية بهذه المبادرة التي أصبحت تمثل الموقف الموحد للأمة العربية. إلا أن الأمر المؤسف هو استمرار إسرائيل في رفض وتجاهل جميع المبادرات الدولية السلمية الجادة والمخلصة لحل النزاع وإصرارها على انتهاج السياسات أحادية الجانب وكسر جميع القواعد والقوانين الدولية والانتهاك المستمر لحقوق الإنسان من خلال بناء وتوسيع المستوطنات وبناء الجدار العازل وفرض العقوبات الجماعية على الشعب الفلسطيني وتجويعه مما أدى إلى تعميق المعاناة الإنسانية للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة لذلك فإننا نطالب بالتدخل الفوري والحازم لفك الحصار وإنهاء المعاناة الإنسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني وأن يمارس المجتمع الدولي دوره في الضغط على الجانب الإسرائيلي للتجاوب مع مبادرة السلام العربية لإحلال السلام العادل والشامل في المنطقة.

وتمثل الجهود الخيرة والمباركة لمسيرة سلطان الخير في لم الشمل العربي وتصفية أجوائه من كل الشوائب الخفيفة الهاجس الدائم لفكر سمو ولي العهد وأصبحت القاسم المشترك لكل النوايا الحسنة والتطبيق الصادق لكل الخطوات الثابتة نحو التضامن العربي والإسلامي وهذا ما تسعى لتحقيقه بصدق وشفافية عالية قيادتنا العليا المخلصة لمواجهة قضايا أمتنا العربية العليا لما فيه من تحقيق النصر والعدل والحق لشعوبنا العربية والإسلامية والوصول لمستوى موحد من القرار العربي على المستويات الإقليمية والدولية وهذا ما تتمناه شعوبنا العربية والإسلامية من قياداتها المخلصة ونصل بالتالي الاحترام كل العالم.

واستطرد سمو ولي العهد الكريم قائلاً: (يجب علينا نحن كعرب أن نزيل أي مشكلات عندنا، وأن نحكم العقل في كل شيء وألا نحكم العاطفة أبداً ويجب أن نكون عوناً لبعضنا البعض حتى نضرب مثلاً أعلى لأنه إذا احترمت نفسك احترمك الناس).

وعبر سموه عن الجهود السعودية المبذولة والمستندة على متانة العلاقات الدولية التي تمتع بها دولتنا الحبيبة والتي دفعت الإدارة الأمريكية ولأول مرة في تاريخها مع مسيرة القضية الفلسطينية أن يعلن أول رئيس أمريكي -بوش الابن- دعمه لإقامة دولة فلسطينية مستقلة بجانب دولة إسرائيل، وقد أوضح سمو ولي العهد ذلك قائلاً حفظه الله: (نحن نريد أن تقوم دولة فلسطينية كاملة التنظيم كاملة الواجبات كاملة الحقوق ذات سيادة وحدود كاملة وإن شاء الله يوفقنا جميعاً).

وجاءت كلمة السفير الليبي الدكتور عبدالواحد رمضان عمودي نيابة عن السفراء العرب المعتمدون لدى إسبانيا ترجمة عربية حقيقية لنجاح زيارة سمو ولي العهد إلى إسبانيا وتثميناً لجهود المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وساعده القوي ولي عهده سلطان الخير من أجل خدمة المصالح العربية والإسلامية العليا وتحقيق الاحترام الدولي لكل القرارات العربية والصادرة من مراكز القرار الواحد نحو قضايانا المصيرية.

حيث قال السفير الليبي: (إن زيارة ولي العهد الناجحة للمملكة الإسبانية الصديقة تشكل دفعة جديدة ولبنة مهمة في تطوير العلاقات العربية الإسبانية التي تشهد تطوراً في مختلف المجالات).

* محلل إعلامي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية
هيئة الصحفيين السعوديين



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد