Al Jazirah NewsPaper Thursday  12/06/2008 G Issue 13041
الخميس 08 جمادىالآخرة 1429   العدد  13041
تصدير مواد البناء وسرقة لقمة العيش
د. عقيل محمد العقيل

اتصل علي أحد المعارف لأتوسط لديه عند أحد ملاك مصانع الأسمنت المشهورة ليؤمن له كمية من الأسمنت التي ينوي تصديرها لإحدى دول الخليج. وعندما سألته عن خلفيات الموضوع أفادني بأنه حصل على وعد بأن يحصل على كمية تقدر بآلاف الأطنان، وبناء على ذلك الوعد استطاع تأمين ثلاثين شاحنة لنقل الأسمنت، وتعاقد على شراء أربعين أخرى ليصبح العدد سبعين شاحنة ضخمة لنقل الأسمنت، تعمل طوال الليل والنهار من وإلى المملكة حاملة ليس فقط الأسمنت، بل ومعها لقمة عيش كان من الممكن أن تكون في فم طفل سعودي، ولكن الجشع أعماه وتسبب في هذه المهزلة السعرية التي لم يكتوِ بنارها إلا أصحاب الدخول المتوسطة والمتدنية الذين تكالبت عليهم الظروف ومعها هؤلاء الجشعون من التجار ومَن على شاكلتهم.

وحينما شرحت لصاحبي وجهة نظري التي حاولت فيها إقناعه بأن ما يعمله هو خيانة لدينه ووطنه وأمانته وأنه يتسبب بذلك في غلاء مواد البناء التي تصاعدت في السنة الأخيرة فقط لتصل إلى أكثر من 65% لأكثر المواد التي جذبت معها فيما جذبت عدوى الغلاء لباقي المواد، قال لي بعبارة سمجة: (إن السوق حرة والبائع يتبع مصلحته).

هذا الجاهل هو صدى لبعض التجار الذين قرأت لهم تصاريح تهاجم قرار منع التصدير للخارج، وبدؤوا يعزفون على وتر المصلحة الوطنية ويستجدون الدولة بتذكيرها بأنها تملك جزءاً من تلك المصانع، وكأنهم بذلك يقولون للدولة تعالوا نحن وإياكم نكسب ونبيع بالغالي؛ لأن المستهلك الخارجي يدفع أكثر. والمعزوفة السمجة الثانية هي التذكير بأن مصلحة المساهمين أصبحت مهددة بقرار المنع، متناسياً أن المنع أتى من جهة يهمها مصلحة المستهلك بالدرجة الأولى، ويهمها كذلك مصلحة التاجر، وأنها توازي بين المصالح؛ فالوطن هو الأهم.

يا سيدي الكريم.. أيها التاجر.. لن أسرد عليك منافع المنع الذي أرى أنه أتى متأخراً، وليته أتى مبكراً، ولن أسرد عليك قائمة بأرباحك للعام الفائت والأعوام التي قبله؛ فأنت خير من يعلمها، ولكن أريد أن أشكر الوزارة على قرار منع تصدير الحديد، وقرار منع تصدير الأسمنت، وهذه خطوة أتمنى أن أرى خطوات أكثر تتبعها، ومنها تفعيل قرارات منع الاحتكار التي سمعنا عنها كثيراً، وعسى أن نرى تطبيق العقوبات بناء عليها في القريب العاجل. وكل قرار وأنت عزيزي التاجر الجشع بخير.



alakil@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد