Al Jazirah NewsPaper Tuesday  17/06/2008 G Issue 13046
الثلاثاء 13 جمادىالآخرة 1429   العدد  13046
شيء من
وإيران دولة محتلة أيضاً
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

عرب الشمال، أو (منظرو) القومية العربية، أراهم هذه الأيام يدافعون عن إيران دفاع الشقيق عن شقيقه، وبحماس منقطع النظير، ويقفون معها في ذات الخندق في مواجهة الولايات المتحدة التي ترفض امتلاك إيران السلاح النووي؛ أما السبب فلأن إيران تناصر القضية الفلسطينية، ورئيسها لا يمل من التهديد بأنه - كما يقول - سيمحو إسرائيل قريباً من الخارطة.

هذه المزايدات مجرد فقاعات صابون، أو هي ذريعة إعلامية لاستقطاب الدعم الشعبي العربي، ليس لها على أرض الواقع، وفي الحسابات الإستراتيجية في المنطقة، اي اعتبار.

وفي الوقت ذاته لا يكف عرب الشمال عن الضغط على الخليجيين، مطالبين بالوقوف معهم سياسياً ومالياً وتعبوياً لنصرة (القضية الفلسطينية) في وجه العدو المحتل. في حين أنهم - عروبيوهم وإسلامويوهم - لا يحركون ساكناً تجاه (الاحتلال) الإيراني للجزر الإماراتية مثلاً، ولا يعبؤون بالخطر الإيراني على دول الخليج، وكأنها قضية لا تعنيهم من قريب أو بعيد.

والسؤال: أليست الجزر الاماراتية هي الأخرى أرضا عربية احتلتها إيران عنوة وبقوة السلاح كما فعلت إسرائيل تماماً، وترفض أي محادثات حولها، فلماذا يُهمشها عرب الشمال، وكأنها أرض لا علاقة لهم بها، ويتجاوزون الاحتلال الإيراني لها؟.. ما الفرق - بالله عليكم - بين أرض فلسطين (المحتلة) وأرض الإمارات (المحتلة)، أليست هذه وتلك أراضي عربية حسب المعايير القومية التي تقول إن أرض العرب من الخليج إلى المحيط؟..

ثم متى كانت النصرة القومية طريقاً ليس له إلا اتجاه واحد يؤدي دائماً إلى عرب الشمال، وقضاياهم، وليس إلى قضايانا أيضاً؟

مشكلة عرب الشمال، وثقافة عرب الشمال، والمتأثرين بثقافة عرب الشمال، أنهم ما زالوا يعيشون في ثقافة خطاب الخمسينات والستينات؛ فهم عرب المركز والبقية عرب الأطراف، وقضاياهم هي الأهم، وقضايانا هي الهامش مقارنة بقضاياهم، وهم مصدروا الثقافة ونحن مجرد (متلقين) لها؛ هذه النظرة الاستعلائية يجب أن نرفضها، وأن نقف منها بحزم، خاصة ونحن نرى تحالف بعض عرب الشمال (الاستراتيجي) مع العدو الفارسي المحتل. وغني عن القول ان العدو الأول والأخطر بالنسبة للخليج هو إيران كما تقول كل المؤشرات، وليس الاحتلال الإيراني الغاصب للجزر الاماراتية إلاّ مؤشراً يضع كثيراً من النقاط على الحروف.

مقايضة مواقفنا مع قضاياهم بمواقفهم مع قضايانا، وعلى رأسها مواجهة الخطر الإيراني الداهم، يجب أن تكون على رأس أولوياتنا. وطالما أنهم لا يعيرون قضيتنا مع الخطر الفارسي أي اهتمام يذكر، فما الداعي إذن لان نكون كرماء (جداً)، ونقف معهم ومع قضاياهم.

حان الوقت الآن - أيها السادة - لأن نتعامل مع هذه الثقافة (العروبية) الاستعلائية ب(نديّة)، ولا نستكين لابتزازها، ولا نكون لها ولثقافتها مجرد رجع صدى كما يفعل بعض مثقفينا للأسف الشديد. نحن لدينا الثروة، ولدينا العلاقات الدولية الأقوى، ونحن التجربة الاكثر تفوقا (تنموياً) من كل تجارب عرب الشمال بلا استثناء، فلماذا لا نملي شروطنا عليهم، بما يخدم مصالحنا، ويدرأ عنا الخطر الإيراني، الذي أراه يكبر ويتغول مع مرور الزمن، وبالذات بعد وصول (المتطرفين) إلى سدة الحكم في إيران، وإقصاء الصوت المتعقل والمتمثل بما يسمى هناك الصوت الإصلاحي الذي كان خير من يمثله الرئيس السابق خاتمي.

ولنتذكر دائماً أن السياسة لا تعترف بالكرم والأريحيات!!



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6816 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد