Al Jazirah NewsPaper Tuesday  17/06/2008 G Issue 13046
الثلاثاء 13 جمادىالآخرة 1429   العدد  13046

هذرلوجيا
شعر الجنود
سليمان الفليح

 

بينما كنت أغط في قيلولة عميقة بعد الغداء مباشرة كعادة أغلب سكان المناطق الحارة أيقظني صوت ربابة شجي كان ينطلق من إحدى المحطات الفضائية وبين ما يشبه اليقظة والحلم كان الشاعر البدوي يشدو بلحن حزين

(يا طير يا مومي الجنحان

سلّم اليا جيت لي خلّي

قل له ترى مسكني (جيوان)

معسكر الجيش بيتٍ لي)

فأعادني الصوت إلى أوائل السبعينيات الميلادية، حينما كان شباب المملكة والبوادي العربية المجاورة ينحدرون باتجاه البحر نحو الكويت للبحث عن (الوظيفة) في الجيش حيث الراتب المجزي و(الكشخة) والسيارة اللامعة أو (جيب أبو شنب) أو الوانيت الأحمر الذي يمتطيه الشاب وهو يتجه إلى قبيلته أو قريته في الإجازة السنوية وكان (جيوان) - أي - رئاسة الأركان ومدرسة التدريب في الكويت هو محط أنظار الشباب في ذلك الزمن وما قبله أيضاً، وهذا المشهد يجسده الشاعر الآخر الذي يقول:

(يا عيال يا راكبين الجيب

يا مروحين على ظله

يا شيب قلبي من التدريب

ويا دمعه العين منهله

العسكريه تجيب الشيب

ترثّ على قلبي العلّه)

أقول وبالأمس أيضاً كنت أقرأ شاشة إحدى المحطات هذه الأبيات لشاعر عسكري يقول فيها:

(خوذوا شماغي والقلم و(التحاضير)

وسلم عليهم قل لهم يفصلوني

وبلغ مديري كل تحية وتقدير

وقل له على الطابور لا يحتروني

ما مقصدي ترى (دشاره) وتقصير

لكن نسيم الليل هيض شجوني

حب الولع والبر وملاعب الطير

وجلسة نشامى بالوفاء يذكروني)

***

ومطلع هذه القصيدة بالذات يذكرني بالصديق الشاعر الكبير رشيد الزلامي حيث كنا نعمل أنا وإياه في (وحدة) عسكرية واحدة وحينما أزمع على الرحيل من الكويت جاءني مودعاً وقدم لي (ظرفاً) مغلقا (بالدبابيس) وقال لي: أستحلفك بالله يا أبا سامي أن تسلمه بعد الغد إلى مسؤول (العهدة) شريطة أن تفتحه قبل التسليم أنت شخصياً. وبالفعل أيقنت من حينها أن (أبا جميل) قد نوى الرحيل وحينما فتحت الظرف حسب الموعود وجدت (هويته العسكرية) والأبيات التالية:

(هذي هويتكم وهذي (إبدالي)

وجميع ما في (عهدتي) تاجدونه

الجيش يلقى عسكرياً بدالي

ورزقي على اللي ما تغمّض عيونه)

***

يبقى القول أخيراً إن شعر الجنود هو شعر جدير بالدراسة والتسجيل لأنه يصوّر عالماً قائماً بذاته مليئا بالبطولة والمعاناة والطرافة. ولي عودة إلى هذا الموضوع.

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7555 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد