Al Jazirah NewsPaper Tuesday  17/06/2008 G Issue 13046
الثلاثاء 13 جمادىالآخرة 1429   العدد  13046
إشراك الأطباء في ملكية المنشآت الصحية سيُحدّ من استثمار رجال الأعمال في القطاع الخاص

قرأت ما كتبه قلم الأستاذ محمد أبو حمراء في صحيفة الجزيرة الغراء يوم الخميس 8 جمادى الآخرة 1429هـ عن حصر ملكية المستوصفات في الأطباء أو على أن يكون الطبيب شريكاً في المستوصف. ومع احترامي لكل ما جاء في المقال الذي يعبّر فيه أبو حمراء عن شعور كل مريض يهمه مستوى الخدمة وليس الملكية، ولأهمية الموضوع أطرح رأيي في ضوء التطورات التالية:

1- زيادة عدد السكان في المملكة والوافدين إليها زيارة أو عملاً وخصوصاً بعد افتتاح (الزيارات).

2- اتجاه وزارة الصحة إلى إعطاء القطاع الخاص دوراً كبيراً في تقديم الرعاية الصحية على مختلف مستوياتها وأنواعها.

3- الاتجاه إلى التأمين الصحي على الوافدين وبعدهم المواطنون، وقيام شركات التأمين بدور الوسيط بين المريض المؤمَّن عليه وبين المستشفيات والمستوصفات كمقدم الخدمة.

4- فتح مجالات الاستثمار في المملكة في كافة القطاعات بما فيها الخدمات الصحية أمام المواطن، ودعوته باستثمار أمواله داخل المملكة، وفتح باب المنافسة في ذلك، وتقديم الوعي لدى المواطنين والوافدين ومطالبتهم بحصولهم على أرقى الخدمات بأقل التكاليف.

5- تقدم الوعي لدى المواطنين والوافدين ومطالبتهم بحصولهم على خدمات مميزة ليس من حيث كفاءة الأطباء والفنيين، بل حتى من حيث نوعية مباني المنشآت الصحية ونوعية التجهيزات التي يجب أن تحتوي عليها.

6- المنافسة الشديدة بين دول الجوار في تقديم الخدمات للمواطن الخليجي؛ فأي تقصير في دولة يجعل الجميع يتجه إلى الدولة أو الدول الأخرى. ولا نريد أن تكون مملكتنا الحبيبة ممراً أو جسر عبور للغير أمام هذه التطورات التي تفرض علينا أن نغير ونبدل من نظرتنا إلى طبيعة الأعمال، فترى كل مجالات الأعمال أياً كانت مجالات الاستثمار تُفتح على مصراعيها لكل قادر على الاستثمار، ونضع الضوابط لذلك الاستثمار. وعلى سبيل المثال الاستثمار في مجال الرعاية الصحية سواء كانت مستوصفات أو مستشفيات علينا أن نضع ضوابط، ومنها مثلاً وجود أطباء مؤهلين وطاقم من الفنيين والإدارة من ذوي الكفاءات العالية يشرف عليهم إدارة قادرة إدارياً أو فنياً أو طبياً لكي تكون ذات مسؤوليات تتحملها تحت إشراف دقيق ومتابعة من وزارة الصحة، فهل نحكم على رجل الأعمال النشيط والمخلص الذي استثمر أمواله على بناء المستوصفات بالغة التكاليف في التخطيط والتنظيم والتنفيذ بأن يُشرك معه طبيباً وهو في غنى عنه؟ ماذا سيحدث للمؤسسة الصحية في حال كون صاحبها طبيباً لو مات (لا سمح الله) وبقي أبناؤه الذين بدؤوا معه العمل وهم ليسوا أطباء؟ فهل لا بد أن تباع إلى طبيب أو يلغى الترخيص؟ هذا سؤال كبير..

وهل سيقبل رجال الأعمال أن يضخوا ملايين الريالات في استثمارات وقوتها تجاه رجل واحد؟ وهل الهدف من هذا خلق سوق سوداء للأطباء السعوديين لكي تتجاوب مع هذا النظام؟..

كيف يمكن التوفيق بين الإدارة أو المتابعة أو التخطيط والعمل في عيادته للكشف على المرضى؟

لماذا ينص على أن يكون الطبيب شريكاً؟ أليس له الحق في فتح مستوصف أو مستشفى أو عيادة خاصة به تحمل اسمه ويمارس فيها عمله وله كامل دخلها وله كمواطن سعودي أن ينشئ ما يريد أو يشارك في ذلك ولكن بحالة هو يختارها وحسب الرغبة؟

لم أفهم وهكذا غيري كثيرون من الناس الهدف من إشراك الطبيب في ملكية المستوصف.. هل الملاك والمستثمرون يديرون أعمالهم ويشرفون على تفاصيلها وهي ملكية بالنسبة المئوية للطبيب الذي يدير ذلك المستوصف ويشرف عليه؟ ولو قلت جدلاً نعم إننا نتحدث عن الإدارة والإشراف للدول المتقدمة اتجهت إلى تخصيص جديد لتلك الإدارة وهو (إدارة المستشفيات والمنشآت الصحية).

الطبيب لم يدرس ولم يُهيَّأ للإدارة والإشراف وإنما للكشف على المرضى وإعطائه العلاج المناسب كل في تخصصه، فما علاقة ذلك بالملكية؟!

ثم إن هذا الاتجاه في تخصيص الأنظمة هل سوف تطرح غداً أنظمة جديدة تنص على أن المطاعم يجب أن يملكها أو يشارك فيها سعوديون متخصصون في الأغذية، والجامعات الأهلية والمدارس الخاصة يجب أن يملكها أو يشارك في ملكيتها السعوديون المتخصصون في التربية، وحتى في كافة قطاعات الاقتصاد والإنتاج والخدمات؟.. من المؤسف ألا نفرق بين مجالات الاستثمارات المختلفة التي يجب أن تُفتح لكل مواطن قادر متمكن، ونبين الشروط والمؤهلات والضوابط لتقديم الخدمات، ونعتقد أن المتخصص أو مشاركته أو إدارته هي الضابط الوحيد.

إن هذا سوف يضيق على الكثير من المقتدرين من المواطنين، وسوف يحد من المنافسة الشريفة في مجال الرعاية الصحية، وسوف يفتح سوقاً سوداء.

إذا نظرنا إلى الشركات ذات الأنشطة المتعددة والرأسمالية القوية والإدارة العليا بهذه النظرة سوف نحجم نشاطاتها من فتح مستشفيات متخصصة راقية ومستوصفات مميزة خمس نجوم ونحوها من الخدمات الصحية الجيدة والمميزة.

والله ولي التوفيق.

فيصل بن سليمان الخرشت



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد