Al Jazirah NewsPaper Thursday  19/06/2008 G Issue 13048
الخميس 15 جمادىالآخرة 1429   العدد  13048
فيما لا يزال الشاب متردداً في ولوج الأعمال الحرفية
جازان: 42 (نجارة) سعودية على رأس العمل!

جازان - إبراهيم بكري

كثير من المهن والحرف اليدوية عائدها الاقتصادي كبير وذات أرباح طائلة تعادل أضعاف المرتبات الشهرية، ولن تنخفض معدلات البطالة في أي مجتمع كان إلا بانخراط أهله في تلك المهن والتي بلغة الأرقام تحقق أرباحاً شهريه تتجاوز راتب مدير في أي قطاع حكومي!!.

وهاهي المرأة في جازان تدق ناقوس البداية لتمارس مهنة عزف عنها الشباب فكرة وليدة تقف خلفها امرأة جازانية تدعى عائشة شبيلي لا تحمل أيّ مؤهل دراسي سوى شهادة المرحلة الابتدائية لكنها تمتلك الخبرة التي تتجاوز أعلى شهادة (مهنة شريفة) أنها أول امرأة جازانية تزاول (مهنة النجارة) تجاوزات كل الظروف والعقبات لتؤسس (ورشة المرأة السعودية للأثاث والديكور) في نواة نحو مستقبل أفضل لتفعيل دور الأسرة المنتجة، فتيات جازان لم تعد المانكير والمكياج تزين أيديهن تلك الأنامل الناعمة تزينها اليوم (المطرقة، القدوم، المنشار، الرندة، المبرد، القوس، المزروق) في ملحمة تشرق بالعطاء والتجدد.

هذا المشروع كادت أن تجهضه روتين الإجراءات والأنظمة قبل أن يولد بحجة أن المرأة ليس لها حق مزاولة مهنة النجارة، فرفضت أمانة جازان منح المشروع ترخيصاً لإقامته، لكن طموح المرأة الجازانية أكبر من أي عقبات وإجراءات معقدة.

صاحبة المشروع لم تجد أمامها إلا الداعم الأول للمرأة بجازان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز خلال مكالمة هاتفية واحدة أجرتها صاحب الفكرة مع سموه الكريم ليبادر دون تردد في توجيه أمانة جازان باستصدار ترخيص محل لهذه المرأة، وهذه اللفته الإنسانية والموقف النبيل من أمير جازان منح المشروع الأمل من جديد ولقد زاد المشروع فعالية تبني جمعية الملك فهد الخيرية النسائية بجازان له.

(الجزيرة) من جانبها قامت بزيارة (ورشة المرأة السعودية للأثاث والديكور) لتشهد قصة تميز 42 متدربة من بنات جازان حملن (المطرقة, والمنشار) في رحلة البحث عن الرزق ومصدر دخل يمنحهن الأمل من جديد في ظل شح الوظائف الحكومية، بعضهن يحملن أعلى الشهادات الجامعية، لم يجدن وظيفة معلمة فبادرنا بتعلم (مهنة النجارة) والأكثر جمالاً هو تبني المشروع للفتيات ذوي الدخل المحدود.

الأستاذ عائشة شبيلي صاحب الفكرة مديرة الورشة أوضحت ل(الجزيرة): بأن المركز يعمل على تدريب 42 فتاة من فتيات جازان بالتعاون مع جمعية الملك فهد الخيرية النسائية وافتتحت الورشة لتلبي احتياجاتهن في تعلم تنجيد الكنبات والمجالس العربية وخياطة الستائر بجميع موديلاتها وأفخم الديكورات بالإضافة إلى تجهيز غرف الاستقبال بجميع اكسسوراتها وتجهيز شراشف الولادة بجميع متطلباتها وكذلك تجهيز ليلة العمر والليلة الثانية وتغليف عربات الملكة وتنجيد السجاد.

وأشارت الشبيلي إلى أن الدورة ستقام في أكثر من محافظة من محافظات المنطقة تتدرب المرأة فيها على كل هذه الحرف طيلة 3 شهور تستطيع من خلالها الخوض في مجال العمل بكل ثقة واقتدار.

وتوقعت الشبيلي أن توفر الدورة 50 وظيفة في هذا المجال متى ما وجد الدعم المادي من الجهات المعنية فالموقع الحالي ضيق مساحته لا تتجاوز 100 متر مربع فنأمل الحصول على دعم مادي من رجال الأعمال والجهات المعنية خاصة أنه يصب في مصلحة ذوي الدخل المحدود.

وعن بداية الانطلاقة قالت الشبيلي إن المركز كان أساسه مشغلاً بسيطاً للخياطة وبعد ملاحظة الإقبال الشديد من الفتيات في هذا المجال تأكدنا أن المجتمع بحاجة ماسة لمثل هذه المهن الحرفية وبالتعاون مع جمعية الملك فهد الخيرية النسائية بجازان استطعنا أن نحقق ما نصبو إليه.. وأضافت بقولها (لكن هذا لا يعني أننا لا نحتاج للدعم فنحن بحاجة إلى لفتة من المسؤولين ورجال الأعمال في المنطقة وخارجها خاصة ونحن في شقة ذات إيجار سنوي يصل إلى 30 ألف ريال كما أن مساحتها غير كافية لاستيعاب العدد الكافي من المتدربات فهن بحاجة إلى من يقف معهن ويساندهن لكي يحقق الجميع الأهداف المنشودة).

ومن جانبها أكدت للجزيرة رئيسة مجلس إدارة جمعية الملك فهد الخيرية النسائية بجازان الأستاذة أميمة بنت منور البدري قائلة: كان لنا في جمعية الملك فهد الخيرية النسائية بجازان فرصة التعرف واللقاء بالأخت المكافحة السيدة عائشة شبيلي صاحبة المشروع الرائد والمتميز، وكان لنا شرف تقديم الدعم المعنوي لها والتعريف بمشروعها في عدد من ملتقيات الجمعية وأنشطتها. وزادت: (تبنت الجمعية المشروع من خلال التعريف به وتشجيع صاحبة الفكرة والوقوف معها وتوجيهها ودعمها بعدد من المتدربات وهن من بنات الأسر التي ترعاها الجمعية، وقد تكفلت صاحبة المشروع جزاها الله كل خير بتحمل تكاليف تدريبهن مجاناً إسهاماً منها في تدريب وتعليم بنات الوطن حرفه ومهنة يدوية تعينهن على فتح مشاريع خاصة لهن بما يكفيهن هم السؤال والحاجة).

ونوهت الأستاذة أميمة البدري بالدعم المعنوي والتشجيع من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان لهذا المشروع فهو داعم للجميع وبخاصة المرأة وسموه معنا في جمعية الملك فهد الخيرية النسائية بجازان دائماً بدعمه اللامحدود وتشجيعه يدفعنا ويحثنا على بذل المزيد من أجل نهضة المرأة في منطقة جازان وإثبات وجودها وكيانها كفرد مستقل قادر على المساهمة وبتميز في رفع وعي وتنمية المجتمع على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

واختتمت الأستاذة أميمة البدري رئيس مجلس إدارة جمعية الملك فهد النسائية الخيرية بجازان تصريحها للجزيرة قائلة: ولنا أمل أن يحظى المشروع بدعم من قبل المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني واستصدار الشهادات للمتدربات واعتمادها من قبل المؤسسة.

ومن جانبها (الجزيرة) التقت بعدد من المتدربات الحريصات على تعلم مهنة النجارة لرصد مشاعرهن عن قرب فأكدت أمل بركات معلمة بمتوسطة وثانوية تعليم الكبيرات بمنطقة جازان أن المرأة ترغب في كثير من الأوقات إلى تغير كل ما يحيط بها في المنزل أو في العمل لكسر الروتين والملل ولإضافة لمسات جمالية حسب الذوق أو المزاج ولأن المرأة بطبيعتها تحب الجمال والتغير فمن رأي الشخصي أن هذه الدورة تحقق للمرأة الاكتفاء الذاتي وسهولة إضافة لمسات جمالية فريدة في منزلها أو مكتبها وهذا يزيد من ثقتها بنفسها.

وأضافت شوق ناصر مهاوش قائلة هناك الكثير من الفتيات يرغبن في مثل هذه الدورات لاكتساب مهارات تبقى معهن مدى حياتهن خاصة وان الكثير منهن لا تملكن في يدها أي مهارة كما ان وقتها يهدر دون فائدة وبالتالي تستطيع مجابهة الظروف المعيشية بكل يسر وسهولة وليس عيب أن تمارس المرأة مهنة النجارة.

أما فهيدة عبدلي معلمة وربة منزل تقول: لقد دخلت هذه الدورة من أجل الاستفادة لأن المرأة تحتاج إلى تغير مظهر أثاثها فمن الصعب كسر ميزانية الأسرة من أجل التغير الدائم وقد استفدت من الدورة أشياء عديدة ومفيدة للمرأة من حيث عمل الشراشف وتنجيد الكنبات وعمل الأريكة.

وأشارت سمية محسن خرمي أن سبب دخولها هذه الورشة وجود الموهبة لديها لكن كان ينقصها الإتقان الذي وجدته هنا في هذه الورشة وأيضاً طمعاً بعد إكمالي لدورة أن أحصل على وظيفة ومصدر دخل شهري تمكنني من تطوير نفسي أكثر مع الوقت.

وأضافت عذبة القحطاني من جمعية الثقافة والفنون إن هناك أسباباً عديدة لمشاركتها بهذه الدورة وأولها صقل موهبتها ومن ثم إفادة مجتمعها الذي هو بحاجة لمثل هذه الأعمال، وقالت (هناك الكثير من الفتيات يحلمن الآن أن يكونّ بجانبنا والالتحاق بمثل هذه الدورة كما أن لها فائدة في المجال الفني لدى جمعية الثقافة والفنون).

أما زهراء راشد فتقول إن ما نلاحظه اليوم هو سيطرة العمالة الوافدة على مثل هذه الأعمال الحرفية والفنية وهو أمر مؤسف بالرغم أن هناك في مجتمعنا من بنات الوطن من يملكن الموهبة على إتقان مثل هذه الأشياء لكن لم يجدن الفرصة وما هذه الدورة إلا واحدة من هذه الفرص التي سيكون لها مستقبل بإذن الله.

وحول معارضة البعض في عمل المرأة بهذه المهن الحرفية بحجة أن مكانها بيتها لتربية أولادها أكدت أفراح حمد عاثي إحدى المتدربات ب(ورشة المرأة السعودية للأثاث والديكور) ل(الجزيرة) قائلة: إن الأصل الأصيل في مهمة المرأة أن تقوم برعاية بيتها وزوجها, وتربية أولادها خلقياً لتعد جيلاً طيباً يُسهم في بناء الأمة, ومع ذلك فإن الإسلام لا يمنع المرأة من القيام بأي عمل يعود عليها بالفائدة أو على أسرتها بالنفع أو على مجتمعها بالخير, وقول السيدة عائشة رضي الله عنها: (إذا صلت المرأة فرضها وأطاعت زوجها وأمسكت المغزل كانت كأنها تسبح الله) وهذا يكفي كدليل أن من واجب المرأة الاستفادة من وقتها وإمكانياتها على أفضل وجه لتنمية مواهبها وتحسين معيشة أسرتها والمساهمة بتطوير مجتمعها, ما دامت هذه الأعمال لا تخرج عن إطار المباحات الشرعية حيث الأصل في الأمور الإباحة, وما دامت لا تحول بين المرأة وبين مهامها الأسرية النبيلة.

وأضافت إشراق حيدر محاسبة المشروع للجزيرة بأنه: إذا كان الإسلام دين الفطرة فهو أيضا دين الواقعية يضع الأمور في مواضعها المناسبة, ويقف الموقف الوسط, فالله عز وجل الذي خلق الإنسان وأمره ببناء المجتمعات يعلم أن هناك ظروفاً قد تضطر المرأة للخروج إلى العمل, فهو يسمح لها أن تخرج للمصلحة الفردية أو الجماعية؛ ولقد كانت المرأة في العهد النبوي تجني الأرض وتستصلحها بالزرع والغرس, وكانت تغزل بيدها وتبيع نتاجها وتتصدق بثمنه للفقراء أو للجهاد -عندما كان للجهاد معناه المقدس وليس كما هو الحال الآن- وكانت المرأة تشتري وتبيع وتمارس ما يحلو لها أو ما تحتاج إليه من المهارات وتشترك في كثير من الصناعات اليدوية المتاحة لها أو تشرف عليها, ومن أمثلة ذلك عملها في دباغة الجلود بيديها لتعمل منه ثياباً أو ستراً أو بساطاً, وكانت زينب زوجة رسول الله امرأة صنّاعة باليد تدبغ وتخرز وتصدق في سبيل الله, ولم يقل لها أحد أنه ليس بك حاجة إلى هذا العمل أو أن هذا العمل خاص بالذكور دون الإناث.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد