شاهدت قبل أيام أحد كبار السن يظهر على إحدى القنوات الفضائية وهو يتحدث عن سوق قديم حيث قال إن هذا السوق كانت ترتاده البادية وآلاف الجمال القادمة من نجد والحجاز للاكتيال والتمون من القمح والتمور وبيوت الشعر والقرب والحبال، وللمصادفة كنت لتوي عائداً إلى الرياض العاصمة من منطقة القصيم بزمن لم يتجاوز الثلاث ساعات والذي كان يقطعه الأجداد على الجمال على مراحل تستمر أياماً أو شهوراً، وقد قست على نفسي أنموذجاً حيث ركبت السيارة (الجيب) بدلاً من الجمل وشربت المياه ووصلت إلى منزلي الذي ينعم بالكهرباء والماء بدلاً من بيت الشعر والحبال الذي سكنه الآباء والأجداد وهذا من نعم الله عزَّ وجلَّ ثم بفضل ما تحقق لهذه البلاد من توحيد وأمن وأمان على يد المؤسس وبعده أبناؤه البررة ولو عمل مقارنة أو تعداد لهؤلاء البادية الذين تحدث عنهم ذلك الرجل لوجد أن أغلب أبنائهم وأحفادهم أصبحوا أساتذة وأطباء مرموقين، بل إن البعض منهم أصبح يمتلك سوقاً كاملاً بمفرده يماثل هذا السوق الذي تحدث عنه والذي كانت ترتاده الآلاف من رجال البادية، والطعام والخير أصبح متوفراً بكثرة وفرص العمل أيضاً متوفرة منذ أن أنشأ الملك عبدالعزيز نظام الهجر والقرى من أجل استقرار البادية الرحل ثم ظهور خط التابلاين في الشمال واستقرارهم نهائياً ودخول أبنائهم وبناتهم المدارس وانخراط الشباب منهم في خدمة الوطن حيث أصبحت الحبال والقرب شيئاً من الماضي وأصبحت بيوت الشعر تبنى بجانب القصور كمجالس تحمل عبق الماضي.