Al Jazirah NewsPaper Friday  20/06/2008 G Issue 13049
الجمعة 16 جمادىالآخرة 1429   العدد  13049

أيهما أقرب أصحابنا أم أصدقاؤنا؟
د. عبدالرحمن بن سعد العجاجي

 

دائما ما يتردد على مسامعنا وألسنتنا كلمات وعبارات ذات مدلولات تترجم العلاقات بين الأفراد فقد تسمع من يقول: (زميلنا - صاحبنا - رفيقنا - صديقنا) لشخص واحد فهل هذا يعطي دلالة أن هذه المصطلحات تعطي نفس المدلول؟

عندما نمعن النظر في هذه المصطلحات ومدى تداولها نجد أن أكثر شيوعا بين الجيل الحالي الصاحب (صاحبي) ولكن هل كل صاحب صديق؟

الصاحب هو من يصاحبك لأمر ما سواء خيرا أو شرا لذا عندما نتدبر كتاب الله والسنة نجد أنهما أشارا إلى ذلك في مواطن عدة منها خطاب موجه إلى الكفار {وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ}، والخطاب الموجه للبشر {وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} قصد بها الزوجة والتي قد تدوم وتستمر العلاقة معها أو تنقطع.

وفي الحديث عندما هم ملك أن يقتل الشاب المؤمن بالله وأرسله مع صحبه ليقتلوه ولكنه يلجأ إلى ربه ويدعوه فينجيه الله ويموتون ويعود هو ويقول له الملك ما فعل أصحابك؟ الصحابة الذين صحبوا الرسول رضي الله عنهم كانوا مخلصين محبين ولكن عندما أشعل الفتنة عبدالله بن أبي ابن سلول وأصبح من المنافقين وطلب بعض الصحابة أن يقتلوه منعهم رسول الله وقال هل تريدون أن يقال إن محمد يقتل أصحابه رغم أنه غير مخلص إلا أنه صنف على أنه صاحب. وعندما تتمعن في مصطلح الزميل أو الرفيق وتحلله تجد أنه مرتبط بعلاقة مؤقتة نعم لها حقوقها الواجبة لكن لها محاذيرها الواجب أخذها بعين الاعتبار.

ولكن عندما تتمعن في مدلول مصطلح (الصديق) تجد أنه جاء من صفة وقيمة عظيمة وهي الصدق وهذا مطلب هام في بناء العلاقات. فالصديق هو الصادق، هو القريب، هو العارف ببواطن الأمور، هو الذي يحب لك الخير، لذا تجد أن النظرة له دائما إيجابية. ولكنك قد تجد البعض ممن يسمون بالأصدقاء وليسوا بهذه الصفة وبالتالي ينطبق عليهم قول الشاعر:

ما أكثر الأصحاب حين تعدهم

ولكنهم في النائبات قليل

هنا ينزلون إلى مراتب أقل في العلاقات فقد يبقى على أنه رفيق رافقك في طريق أو خلافه أو زميل زاملك في وظيفة أو مسجد أو حي تلتقي به لفترة معينة وبقيت في الذاكرة بعض المواقف التي تذكر به أو قد يكون صاحب صاحبك في أمر ما وبقيت هذه الصحبة بذكرياتها لكن أن عاملك بمبدأ الأخوة فستجده غالباً ما يتمتع بإخلاص نابع من رابطة الأخوة.

إننا كمجتمع يتمتع بطيبة فائقة، جعلتنا نندفع في بناء علاقاتنا إلى درجة أننا لا ندرك أين نضع انفسنا ولا أين نضع غيرنا، وفق معادلة (أصدقاؤنا أصحابنا وليس كل أصحابنا أصدقائنا).

إلا عندما نتعرض لموقف ما يجعلنا نعيد التفكير والتصنيف. ولذا وجب أن يكون كل من صنف وجعل في مرتبة الصديق أن يكون متصفاً وملتزماً بمتطلباتها - إنهم قلة لو أمعن النظر والتفكير!!. - رضي الله عنك يا أبا بكر الصديق -.

فهل يعي الجيل القادم هذه المدلولات أم أنه ينطق ويكرر دون أن يحلل ويفهم فاستخدام هذه المدلولات حسب الشخص المراد أو الهدف المنشود أمر مهم بحيث نضع الشخص المعني في مكانه ومكانته الملائمة له.

كم نحن في حاجة إلى أصدقاء مخلصين محبين يتألمون لألمنا ويفرحون بفرحنا، لنكون شركاء تربطنا القيم النبيلة الصادقة.

لننظر من حولنا ونصنف علاقاتنا، هل هم أصحاب أم زملاء أم رفقاء أم أصدقاء؟! وبالتالي نحدد لكل منهم دائرته الخاصة به والتي نتعامل من خلالها معه.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد