Al Jazirah NewsPaper Saturday  28/06/2008 G Issue 13057
السبت 24 جمادىالآخرة 1429   العدد  13057
«الجزيرة» تلتقي عددا من الأكاديميين والمفكرين
أزمة القبول.. جهود الجامعات هل تكفي لاحتوائها؟

«الجزيرة» - سعود الشيباني

أجمع عدد من الأكاديميين والمسؤولين والمفكرين على حدوث انفراج في أزمة القبول للتعليم الجامعي العالي السعودي، في ظل المبادرات والبرامج التي تنفذها وزارة التعليم العالي ترجمة لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين بمضاعفة أعداد الجامعات السعودية وتوزيعها في جميع المناطق والمحافظات وما واكب ذلك من برامج ابتعاث.

وأكدوا في أحاديث استطلاعية أجرتها (الجزيرة) معهم أن عملية توحيد الإشراف على الجامعات والكليات الصحية والمهنية تحت مظلة وزارة التعليم العالي سوف يسهم في لم الشتات ويعيد إصلاح المفاهيم ويوفر الفرص.

وأشاروا إلى أنه يجب تنويع مخرجات التعليم الثانوي لتتواكب واحتياجات سوق العمل السعودي بشكل منهجي.

وفيما يلي رصد للمرئيات:

د. العاصمي: بحثنا قضايا القبول داخل مجلس الشورى

** حيث أكد رئيس لجنة الشؤون التعليمية والبحث العلمي في مجلس الشورى الدكتور عبدالرحمن العاصمي، أن المجلس قد بحث في جلسات عديدة داخل أروقته قضايا القبول في الجامعات والتوسع في افتتاحها وزيادة الفرص لمنح الطلاب حق الدخول للجامعات.

وقال: نحن مهتمون للغاية بهذا الجانب وبإيجاد فرص التعليم الجامعي.

وليس أولى من ذلك ما نراه الآن من كمَّ زاخر من الجامعات الجديدة التي أنشأت واقتربت من الـ20 جامعة تتنوع في كلياتها وأقسامها وتخصصاتها في جميع المدن والمحافظات.

وبقراءة سريعة للواقع الجغرافي نجد أن الجامعات والكليات الجديدة غطت جميع المواقع والمدن، وهذا من شأنه خلق المزيد من الفرص للطلاب في مواقع إقامتهم وتخفيف عناء التنقل إلى المدن الكبرى.

* ويعتقد د. عبدالرحمن العاصمي أن الأهم من عملية التوسع في القبول، أن تكون التخصصات مطلوبة ومواكبة لسوق العمل وتتلاءم واحتياجات التنمية سواء طبية أو هندسية أو إدارية والابتعاد عن التخصصات النظرية وعن الرؤية التي تطالب بأن تكون جميع الجامعات والكليات تحت مظلة وزارة التعليم سواء التقنية أو الصحية. قال د. العاصمي: إن الواقع يقول إن جميعها تحت مظلة الوزارة باعتبارها المرجعية والأساس في التعليم العالي، وإن لم يكن بعضها مرتبط مباشرة من الناحية الإدارية والإشرافية. مشيراً إلى أن وزارة التعليم العالي تبذل جهودا ملموسة في تطوير الجامعات السعودية والرقي بها متمنياً التوفيق للقائمين عليها.

الراشد: الأعداد تتزايد ويجب التركيز على الأهم

** أما الأستاذ عبدالرحمن الراشد رجل الأعمال رئيس الغرف التجارية بالمنطقة الشرقية، فله رؤية مختلفة حيث يؤكد أن أعداد خريجي الثانوية العامة تزداد يوما بعد الآخر والمعدلات تؤكد نموا متزايدا وإقبالا غير عادي من الشباب السعودي نحو الجامعات والتعليم الجامعي إلا أنه يجب التركيز هنا على النقطة الأهم وهي المجالات المهنية والتقنية.

وهذا المجال والقائمون عليه ربما يعانون من القيود المالية في عملية استقدام الخبرات التقنية والمهنية العالية من خارج المملكة.

وهنا أرى أنه يجب إعادة برمجة هذه الأوضاع وإيجاد آليات مناسبة لها.

** وحول علاقة رجال الأعمال والقطاع الخاص بعملية القبول في الجامعات والمساهمة في مخرجات التعليم الثانوي، قال: القبول كقبول لا علاقة للقطاع الخاص به ولكن القطاع الخاص أسهم بشكل فاعل في المشاركة باستحداث الجامعات والكليات الأهلية ومساندة أدوار الدولة في هذا الشأن.

وما نلمسه أن هناك طلبا متزايداً على التعليم بشكل عام سواءً الجامعي أو المهني.

والمفرح أن هذا التزايد قابله مبادرات ملكية رائعة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي وجه بالتوسع في التعليم الجامعي العالي وضاعف أعداد الجامعات بشكل كبير، ولو عدنا للوراء قليلاً نجد أنه حتى وقت قريب لم يكن لدينا سوى سبع جامعات فقط، وها نحن أمام عشرات وعشرات الجامعات والكليات هذه الأيام.

وتطرق الأستاذ عبدالرحمن الراشد إلى عملية توزيع الكليات ما بين التعليم العالي والتدريب المهني والصحة. وقال: وجهة نظري الشخصية أنه لا يشترط أن تكون بالضرورة تحت مظلة واحدة. ففي دول كثيرة في العالم يحدث هذا، ولكن الأهم هو كيفية الارتقاء والتطوير وهذا ما يقوم به القائمون على وزارة التعليم العالي لدينا.

د. العمر: حدث انفراج ولكن ليس بدرجة الرخاء الكامل

يقول الدكتور عبدالعزيز بن سعود العمر: نشأت أزمة القبول في بلادنا عندما بلغت القدرة الاستيعابية للجامعات حدودها القصوى، وأوصدت عندئذ الجامعات أبوابها أمام كثير من الطلاب الباحثين عن فرص التعليم الجامعي. بل إن الجامعات وبتوجيهات سامية اضطرت أحياناً إلى تجاوز قدرتها الاستيعابية لحل أزمة القبول ولو جزئيا. وازدادت أزمة القبول حدة عندما بدأ سوق العمل السعودي يفرض على خريجي المرحلة الثانوية اختيار تخصصات بعينها، عندئذ لم يجد بعض خريجي المرحلة الثانوية مناصاً من البحث عن فرص تعليمهم الجامعي في جامعات عربية (اليمن، مصر، السودان، الأردن). من جهة أخرى واجهت الجامعات السعودية حرجاً شديداً عندما أصبح المتقدمون للقبول بها يحصلون على تقديرات أو نسب مرتفعة جداً غير مسبوقة، وكثيرا ما سمعنا بطلاب لم يتم قبولهم رغم حصولهم على نسبة تتجاوز 97%.

ويضيف: ولعل مما أسهم في تصاعد أزمة القبول القيمة الاجتماعية التي يمنحها المجتمع ويسبغها على الشهادة الجامعية، وهذا ما دفع بكثير من الأسر إلى محاولة إدخال أبنائهم التعليم الجامعي بأي صورة كانت وتحاشي البحث عن فرص في أماكن أخرى. وأزمة القبول لم تظهر في مؤسسات التعليم العالي فقط، بل ظهرت أيضاً في جهات تعليمية أخرى (كليات ومعاهد تقنية، كليات عسكرية، معاهد الإدارة، إلخ)، وفي العموم يعود سبب ظهور أزمة القبول إلى عدم توفر فرص القبول الجامعي بالمعدل الذي يتناغم مع التزايد السكاني غير المسبوق في المملكة.

ويرى د. العمر أنه قد حصل انفراج في ازمة القبول في الآونة الأخيرة تمثل ذلك الانفراج في زيادة أعداد الجامعات السعودية الحكومية بأكثر من الضعف، وفي فتح فرص التعليم الجامعي الأهلي، وكذلك في فتح فرص الابتعاث الداخلي والخارجي.

وإذا استمر تعليمنا الجامعي في التطور بنفس الزخم الحالي، فسوف تصبح أزمة القبول جزءا من التاريخ.

وقدم د. العمر مقترحات لحل أزمة القبول تمثلت في:

زيادة فرص التعليم الجامعية أمام الجمهور (فتح جامعة لكل 0.5-1 مليون مواطن)، تشجيع التوسع في فتح الجامعات الخاصة، توظيف أحدث نظم الإدارة والمعلومات في استقبال ومعالجة بيانات الطلاب المتقدمين للقبول، إحداث مزيد من التنسيق بين الجامعات المتقاربة حيال القبول بما يقلل صداع الطالب وأسرته في رحلة البحث عن قبول وبما يضمن عدم نقل الطلاب بين الجامعات بحثاً عن قبول، توفير مزيد من فرص التدريب أمام خريجي المرحلة الثانوية خصوصاً في المهن التي يحتاجها المجتمع، فتح مزيد من برامج الدبلومات الجامعية المتخصصة، فتح مجالات الدراسات العليا خارج وداخل المملكة بغرض توفير الكوادر التدريسية الجامعية، تعريف طلاب المدارس الثانوية وتوعيتهم بالفرص المتاحة لهم مستقبلاً.

السويد: أزمة القبول

تراكمت منذ عقود

ويرى الإعلامي والكاتب عبدالعزيز السويد أن أزمة القبول في الجامعات والكليات قديمة وعمرها عقود. وهناك أسباب مختلفة لاستمرارها منها تراكم سنوات من عدم إيجاد الحلول وجمود عانت منه الجامعات والكليات وعدم وضوح الخطط. ويضيف: أما مسؤولية المجتمع فهذا الأخير هو في الأساس متلقي يستقبل أكثر مما يرسل وتتشكل من ذلك الاستقبال تطلعاته ونهج يراه أفراده أنه الأمثل للمستقبل الواعد وقد جرى على مدى السنوات الماضية تلقينه بإصرار واستمرار أن الشهادة الجامعية هي الأساس للحصول على شهادات الدكتوراه حتى غير المطابق للجودة منها.

وأضاف عبدالعزيز السويد قائلاً: واستمر هذا الوضع، فلم يتم الحزم الرسمي تجاهه، اللهم إلا مؤخراً وبمحدودية تعتيم من وزارة التربية والتعليم هذا في قمة المشهد الأكاديمي الذي تبدأ خطوته الأولى بالحصول على شهادة الجامعة فلماذا يستغرب الواقع الآن. ولذا فإعادة صياغة المجتمع تحتاج إلى جهود كبيرة ووقت طويل نحن بعيدون عنه، مع أن الوقت مناسب لأن الحاجة لوظائف معينة لا تحتاج لشهادة جامعية كثيرة جداً، والمطلوب أن نفكر بالمهنة قبل الشهادة لأن الأخيرة تحولت إلى حلية اجتماعية.. أنت جامعي؟ أيضاً طلبة الثانوية العامة لا يهتم بهم الاهتمام الصحيح فلا يحضّرون التحضير المناسب قبل أن يختاروا وجهتهم.

نعم للإشراف الواحد على جامعاتنا.. ولكن بحسن الإدارة

وعن عملية توحيد الإشراف على الجامعات والكليات والأفكار التي يحملها لذلك؟

قال الأستاذ عبدالعزيز السويد:

نتيجة توحيد عملية الإشراف على الجامعات والكليات تعتمد على حسن الإدارة لها والتخطيط المستقبلي. فإذا تحولت إلى مركزية تنخرها الواسطة والمحسوبية فالأوضاع ستزداد انحداراً.

أما إذا أحسن إدارتها وتطلعت لعمل وطني يلم الشتات ويعيد إصلاح المفاهيم وتوفير الفرص فيمكن توقع نتائج أفضل.

إن خريج الثانوية العامة مثل التائه المحتاج إلى إرشاد وهو يتفهم إمكانياته وتطلعاته يمكن توجيهه للطريق الأمثل.

* الرغبة في التعليم الجامعي هل هي ثقافة مجتمع أم هو خلل في البدائل المتاحة.
«طالعوه في الجزء الثاني»



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد