Al Jazirah NewsPaper Sunday  29/06/2008 G Issue 13058
الأحد 25 جمادىالآخرة 1429   العدد  13058
نوافذ
الانغلاق
أميمة الخميس

المادة التي يقتات عليها الفكر الإرهابي بالتأكيد هي الانغلاق الفكري والجمود في المفاهيم والتعصب وكراهية المختلف.

والمتقصي أحوال الحروب عبر التاريخ يجد أنها كانت تلوذ بفكرة تهيمن على معتنقيها كغيمة مغيبة عن الوعي، وتجعلهم كالمنوَّمين مغناطيسيا، يقتلون ويسفكون الدماء ويسعون في الأرض دماراً وفساداً ولاء لهذه الفكرة.

كل دروب التعصب والتشدد والفكر المصمت على يقينه تفضي إلى الفناء والدمار وما يتقاطع مع الحياة كأمانة وقيمة.

قبل أسبوعين حدثت لدينا حادثة بسيطة ويسيرة في تفاصيلها لكنها جليلة جدا في أبعادها التاريخية ومقاصدها الشرعية، وأستغرب بأنه لم تسلط عليها الأضواء الإعلامية بشكل كافٍ، ولم يحتفى بها كما تستحق.

فقد قام مجموعة مستنيرة من شيوخ السلفية الأفاضل بالالتفاف حول مائدة حوار مع مجموعة من شيوخ الشيعة السعوديين، والحوار كما نقلت بعض الأخبار كان إيجابيا ساميا قادما من بوابات التسامح وقبول الآخر الشاسعة في الاسلام، وقد تصعد الحوار لأبعاد سامية وانتهى بأن صلى الجميع في مسجد واحد متجهين لقبلة واحدة ورب واحد.

لكن في الأسبوع الذي يليه لم تستمر الصورة بهذه النصاعة والمثالية، فقد اتجه بعض من المواطنين الشيعة إلى أحد المساجد السنية في المنطقة الشرقية للصلاة كنوع من التعبير عن الامتنان ورد الجميل وترسيخ الرغبة في التعايش، فصدتهم جماعة خارج المسجد ومنعت عباد الله عن بيت الله ولم تسمح لهم بالدخول.

بالطبع تلك الجماعة العاجزة عن استقراء روح التسامح والتعايش الإسلامية هي نفس الجماعة العاجزة عن مغادرة منطقتها الضيقة ورؤية المشهد بشكل أكثر شمولية، ورصد بواكير الفتنة الطائفية التي تحاول الدول الكبرى المحتلة إثارتها وتأجيج عواصفها في المنطقة، وعاجزة أيضا عن أن تعي بأن التعايش والقبول بات اليوم جزءاً من الأمن القومي ومظلة لجميع المشاريع الإنمائية القادمة والمسخَّرة لنا وللأجيال القادمة. إنه الفكر الملتف على صخر جموده وتعصبه، والفكر الذي مازال متورطا بالتفاصيل الطقوسية بعيدا عن الجوهر الثمين، والفكر الذي كان يغذي ما يربو عن 500 إرهابي، كانوا يعملون في الخفاء من أجل دمارنا ودمار اقتصادنا وتفكيك وحدتنا وتماسكها.

الرحلة النبيلة السامية التي بدأها مجموعة من شيوخ السلفية الأفاضل، المنطلق الوطني يحتم ألا تكون الأخيرة، بل يجب أن تكون بداية لمرحلة بيضاء وأرض عامرة، الجميع يعلم أن الطريق لن تكون معبدة ومرصوفة بالزهور، ولن تكون آمنة وسالكة في جميع نقاطها، لكن هذا جزء من تحديات ومصاعب المهمة الوطنية.

والسبيل الوحيد الذي سيقيل عثرات هذه الأمة ومتطلبات مكانتها الدينية بين الشعوب وروابط وحدتها الوطنية ومشروعها الحضاري الكبير.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6287 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد