Al Jazirah NewsPaper Monday  30/06/2008 G Issue 13059
الأثنين 26 جمادىالآخرة 1429   العدد  13059
يارا
عبد الله بن بخيت

من الواضح أن الإرهاب لا يريد أن ينتهي بالسرعة التي نتمناها. فالرقم الذي أعلنته وزارة الداخلية كبير ومخيف. لا يمكن تشكيل خلية من خمسمائة شخص إلا بوجود أرضية ينمو فيها مثل هؤلاء. أرضية اجتماعية تهيئهم. لا يمكن إقناع خمسمائة شخص بالانخراط في العمل الميداني إذا لم يكن هناك آلاف من الشباب مستعدون نفسيا ويؤمنون بالأهداف التي يعمل من أجلها هؤلاء الإرهابيين ولا يمكن أن يوجد هؤلاء (الآلاف) إذا لم يتوفر الفكر الذي ينتظمهم والدعم العلني بغض النظر عن المسمى الذي يتخفى وراءه. ولابد أيضا من وجود أماكن مكشوفة يلتقي فيها هؤلاء بجواسيس الفكر الضال أو مندوبيهم الرسميين المندسين.

من الواضح أن الأمن السعودي بلغ درجة عالية من الاحترافية واليقظة والعمل الاستباقي. حتى صرنا نسمع عن إلقاء القبض لا عن الأعمال الإرهابية. صار رجل الأمن السعودي أسبق بخطوات كبيرة من عدوه ولكن من الواضح أيضا أن العدو لا يريد أن يستريح أو يهدأ لا يريد أن يقر بعجزه. في كل مرة نظن أنه انهزم وخرج من المعركة نفاجأ بأنه مازال موجودا ومستعدا أكثر. الذي قرأ كتاب إدارة التوحش سيعرف أن فلسفة المعركة سوف تتغير وتأخذ بعدا أكثر مراوغة. الإرهاب مثل الميكروبات المخادعة تعيد تشكيل نفسها. لا تلغيها المضادات الحيوية. لا يلغيها سوى البيئة المطهرة النظيفة. المعركة الحقيقية ليست بالسلاح, وليست بالخطب والمواعظ وليست بالمناصحة . تبدأ المعركة بتقويض الصلة بين الإرهابيين وبين الشباب. على سبيل المثال إذا كان هناك من يصر على بقاء ما يسمى بالمراكز الصيفية فيجب أن تتغير هذه المراكز جذريا. يجب إلغاء أي شيء اسمه محاضرة من برامجها. أن يكتفى فيها بالأنشطة الرياضية والفنية على أن تسند إدارتها بالكامل للأندية الرياضية ورعاية الشباب. الجميع يعرف أن وزارة التربية والتعليم كانت في يوم من الأيام مرتعا للفكر الضالِ ومازال بها بقية لا يستهان بهم. تسرب هؤلاء (البقية) إلى عقول الصغار وارد والدليل أن هناك من يقاتل من أجل بقاء هذه المراكز وكأنها واردة في نص شرعي أو كأنها من أركان الدين. يلحق بذلك أيضا المخيمات الدعوية وبعض مدارس تحفيظ القرآن وغيرها من الأماكن التي تنطوي على بعد ديني أياً كان هذا البعد. بوضوح يجب أن تعاد البيئة الفكرية والاجتماعية السعودية إلى ما كانت عليه في السبعينات من القرن الميلادي الماضي. أن تكون علاقة الناس برجال الدين علاقة دينية أبوية لا علاقة فكرية قيادية وأن تختفي وظيفة الداعية من الوجود مع إبطال أي تجمع يقوم على فكر ديني. إقناع الناس بأن المجتمع السعودي مجتمع إسلامي نظيف لا يحتاج إلى جرعات دينية إضافية. البيت والمدرسة وحدهما كفيلان بتربية النشء السعودي على الإسلام النقي. كلما قلت التجمعات ذات الصبغة الدينية كلما قل تعرض الشباب لمندوبي الإرهاب المندسين الذين يستغلون الدين مع الأسف وكلما تقلص عدد الدعاة كلما تقلصت أذرع الإرهابيين الممتدة.

فاكس 4702164
YARA.BAKEET@GMAIL.COM


لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6406 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد