Al Jazirah NewsPaper Monday  30/06/2008 G Issue 13059
الأثنين 26 جمادىالآخرة 1429   العدد  13059
الزراعة بالمياه البحرية للأمن الغذائي والبيئة
د. محمد العيسى الذكير

يتطلع المواطن إلى المتخصصين لتوظيف البحوث العلمية التطبيقية للمساهمات في المجالات الزراعية التي تحتاج لعقول علمية إبداعية وتطبيقية في الزراعات المحلية، وهي المزروعات التي تُسقى بالمياه البحرية، مع العلم أن المملكة تأتي في المرتبة الأولى بين الدول العربية من حيث طول السواحل البحرية، وهذا من فضل الله على هذا البلد الأمين.

وها هي السواحل الشرقية والغربية للوطن تتدفق منها شلالات المياه العذبة بملايين الأمتار المكعبة يومياً عن طريق التحلية، وسوف تصبح السواحل الوطنية -بإذن الله -، فيها قنوات مغلفة تمد الأراضي الجرداء بالمياه البحرية التي تحوِّلها إلى جنات خضراء، وهذا يتطلب عقولاً علمية إبداعية في مجالات البحوث الزراعية التطبيقية لمواكبة التطورات الحضارية.

يقول الدكتور فواز تيسير العلبي، وكيل جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، بخصوص تفكيره ببحوث تطبيقية لتطوير قمح يتحمل الملوحة، وبالتالي يمكن أن ينمو بريّه بالماء المالح: (فإذا أعطينا علماء جامعة الملك عبدالله الوسيلة لتحديد الجينات في النباتات التي تستطيع الآن أن تنمو في المياه المالحة، ثم نقلنا هذه الجينات إلى القمح أو غيره من الحبوب، فإن الناتج، بمشيئة الله، سيكون له عظيم الأثر للمملكة العربية السعودية).. إن هذا التفكير التطبيقي من مسؤول في جامعة تسابق الزمن في تشييد مبانيها حالياً على الساحل الغربي سوف تكون له نتائج إيجابية للأمن الغذائي -بإذن الله-.

ما دامت البحوث العلمية والإنجازات التطبيقية تسير في تطويع المزروعات للري بالمياه البحرية، فعلى المسؤولين في وزارة الزراعة التخطيط وإجراء الأعمال الميدانية والبحوث لتحديد الأراضي الداخلية والساحلية للزراعات الملحية على أن يشمل التخطيط أيضاً نقل المياه البحرية إلى تلك الأراضي بواسطة مضخات تعمل بالطاقة الشمسية، وكذلك ري الأراضي بمضخات تديرها الطاقة الشمسية ومضخات كهذه تستخدم حالياً في القارة الإفريقية.

على المسؤولين في وزارة الزراعة أن يواكبوا التطورات في مجالات الزراعة المحلية، ويدعموا البحوث العلمية التطبيقية في هذه المجالات الحيوية للأمن الغذائي، وأن يستفيدوا من المركز الدولي للزراعة المحلية.. آمل أن تكون نظرتهم بعيدة المدى لعقود قادمة من السنين لتأمين الغذاء لأبناء الوطن من الموارد الوطنية الطبيعية، أي:

1- المياه البحرية.

2- الأراضي الوطنية.

3- الطاقة الشمسية.

ولدينا مثال حضاري لتأمين المياه العذبة للمواطنين من التحلية المعتمدة على الموارد الوطنية، وهي التي سوف تعتمد مستقبلاً على الطاقة الشمسية الوطنية، لأن النفط، كما هو معلوم، سوف ينضب بعد عقود، كما أن استخدام الطاقة الشمسية سوف يوفر النفط للصناعات البتروكيميائية الأكثر ربحاً للوطن.

إن الاستثمارات في بعض الدول العربية والإسلامية لتلبية بعض الاحتياجات الغذائية شيء إيجابي، لكن الاعتماد على الله ثم على الموارد الوطنية لتأمين الماء والغذاء عن طريق تسخير البحوث العلمية التطبيقية المسخّرة في التطور هو المطلوب أولاً عند أُولي الألباب الذين عندهم نظرات بعيدة المدى.

أمواج المياه تتلاطم على سواحل الوطن الممتدة لمئات الكيلو مترات، وأراضٍ عطشى على مساحات آلاف الكيلومترات المربعة، وطاقة شمسية هائلة تهطل على الوطن بالمجان على مدار العام، هذه نِعم لا تُقدَّر بثمن، وعلى المسؤولين عن الزراعة توظيفها لتأمين الغذاء لأجيال قادمة.

كان الآباء والأجداد -جزاهم الله خيراً-، يهتمون بزراعة أشجار الأثل (الطرفاء) التي تنمو في الأراضي المشبعة بالأملاح أي في السّباخ، وكانوا يستخدمون سيقان تلك الأشجار في تسقيف المباني المختلفة، وفي حراثة الأراضي بواسطة الحيوانات، وفي عمل السقالات أثناء البنيان، وفي نصبها على الآبار لرفع المياه بواسطة الدلاء (جمع دلو)، وفي صناعة عربات الكارو التي تجرها الحمير والبغال لنقل البضائع ومواد البناء.. كما كانوا يصنعون من أخشاب الأثل هياكل الكراسي الكبيرة والأبواب القوية للمنازل والمحلات، وغيرها من بعض المصنوعات الخشبية.

تنمو أشجار وشجيرات الأثل في المدن الساحلية بطريقة طبيعية، وهو ملاحظ حالياً في بعض الأراضي المفتوحة بمدينة جدة، على سبيل المثال، ومما يُؤسف له أن تقوم أمانة مدينة جدة بتقطيع شجيرات وأشجار هذه النبتة التي تنمو في أراضٍ مالحة وجرداء.فبدلاً من أن نحافظ عليها، وخصوصاً في الأراضي الجرداء كمساهمة لصالح البيئة والحد من تطاير الأتربة وكذلك صدّها تعمل الأمانة على تقطيعها، مما يدل على جهل بمزروعات البيئة الملحية في أرض الوطن!! إن شجيرات وأشجار الأثل يجب التشجيع على زراعتها في الأراضي الخالية والمناسبة لزراعتها من أجل صالح البيئة الوطنية ونشر ثقافة الزراعة الملحية.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد