Al Jazirah NewsPaper Monday  30/06/2008 G Issue 13059
الأثنين 26 جمادىالآخرة 1429   العدد  13059
فن التعامل مع الآخرين (2-2)
فهد بن سليمان الخليفة

أدركنا أن الآخرين هم مجموعة من الأفراد المختلفين في طباعهم وأذواقهم وأعمارهم وسلوكياتهم وأن السلوك الإنساني هو مجموعة من النشاط المختلف الذي يمارسه الإنسان في حياته كالأفعال والتصرفات والتعبيرات وغيرها لتحقيق حاجاته ورغباته، فالسلوك له سبب وله دوافع وله هدف يسعى الفرد إلى تحقيقه، ولكل شخص عوامل مؤثرة في شخصيته من عوامل جسمية ونفسية وخارجية من ثقافية وتعليمية واجتماعية، وحينما أدركنا هذا الجانب المهم والركيزة الأساس في التعامل وأيقنا أن منسوبي المساجد هم أولى الناس بالتعامل الطيب والخلق الحسن فلعل هذه الدورة تكون مفتاحاً لكل خير وسبباً في نشر السلوكيات الحسنة والصفات الجميلة التي يتمتع بها - ولله الحمد - منسوبو المساجد.

ومن هذا المنطلق ولكون ديننا الإسلامي حث على سلوكيات فعَّالة قد تخفى علينا أو تغيب عنا في غمرة انفعال أو ثورة غضب أو عواطف متضاربة؛ لذا فإن أساس التعاملات هو الخلق الطيب والسلوك الحسن واحترام متبادل وعدالة وإنصاف وابتسامة صادقة وخلق حسن وهذا - ولله الحمد - لا يكلف على الإنسان شيئاً كثيراً وإن الحلم بالتحلم، فلا بد لي ولك وله ولها ولنا جميعاً أن ندرك جميل صفات أمرنا بها وحسن أخلاق دعينا إليها من التواضع مع الناس وتفهم احتياجهم مع انشراح الصدر والمناقشة بدون انفعال، وتعلم فن الحوار والاستماع والإنصات وأن نسعى جهد أنفسنا إلى تطوير ذواتنا وأن نغير من سلوكياتنا السلبية وطبائعنا الصعبة، وأدعوكم إلى الابتسامة فهي خلق عالٍ وأجر وصدقة (تبسمك في وجه أخيك صدقة) أدعو نفسي وإخواني إلى امتلاك مفتاح البساطة وعدم التكلف في التعامل وإصلاح ما بينك وبين الله يصلح الله ما بينك وبين الآخرين، وعامل الناس بمثل ما تحب أن يعاملوك به. ولنا جميعاً في القدوة الكبرى والأسوة العظمى نبينا وحبيبنا محمد أجمل صور التعامل وأروع الأمثال في كيفية معاملته للناس من زوجة وأبناء وأقارب وجيران وأصحاب بل وحتى مع الأعداء.. ولقد اجتهد أهل السير وأصحاب السنن بذكر هذه السيرة العطرة بكل تفاصيلها ودقائقها حتى غدت للناظر واضحة المعالم وبينة الطرق فكانت بحق روضة للأنوار في سيرة خير البشر نبينا المختار. فقد كان خلقه القرآن وكان أحسن الناس خَلقا وخُلقاً وأهداهم إلى الحق طرقاً، كان يعفو ويصفح وكان يحلم على جهل الجاهلين وكان أصدقهم لهجة وأكثرهم تواضعاً وأفصحهم لساناً وأرحمهم قلباً، لم يكن بفظ ولا غليظ ولا صخَّاب في الأسواق ولا يجزي السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح ولم يكن سبَّاباً ولا لعاناً ولا فاحشاً ولا بذيئاً.. فهذه جملة يسيرة من أخلاقه وحسن تعامله - صلى الله عليه وسلم - وإلا فهو منبع الأخلاق ومعدن الصفات الفاضلة ومصباح الهدى والسراج المنير ألا يكون لنا اهتداء بسيرته واقتداء بسنته فنكسب الدنيا والآخرة ألا نتعامل مع الناس بكل حكمة وروية فنكسب قلوبهم ونربح ودهم، فالناس يحتاجون إلى أساليب راقية ومداخل جيدة ومراعاة لظروفهم ونفسياتهم واحترام لأفكارهم وعقلياتهم يحتاجون إلى كلمة حسنة ومدخل ودي؛ فيأسر الإنسان قلوبهم ويؤثر على نفوسهم ولا مانع من الوصول إلى درجة عالية في النجاح في التعامل مع الناس مع صلاح النية وصدق التوجه ومعرفة عيوب النفس واصلاحها وتهذيبها والله الموفق لكل خير والمسدد لكل رأي والهادي إلى كل رشد، مع أمنياتي بالمتعة والفائدة في هذه الدورة والفعاليات المصاحبة لها وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مدير إدارة الأوقاف والمساجد بمحافظة عنيزة



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد