Al Jazirah NewsPaper Saturday  05/07/2008 G Issue 13064
السبت 02 رجب 1429   العدد  13064
حتى لا يكون الخصم والحكم!!
علي فريح علي العقلا - جدة

إن لإدارة المرور دورا مشكورا في كبح جماح المتهورين والمخالفين لأنظمة المرور ولكن عتبي بوصفي قانونيا أن بعض هذه الإجراءات مخالفة للإطار العام للقوانين والأنظمة، نعم هناك في نظام المرور (أنه يجوز فرض عقوبة السجن والغرامة مجتمعين) ولكن آلية العمل بهذا النظام هو الخطأ الجسيم الذي تقع به إدارة المرور، فمن المعلوم أن سلب حرية الإنسان بإيداعه دار التوقيف بسبب مخالفة مرورية وبدون محاكمة عادلة تجري وفق ضوابط إجرائية معينة يقررها النظام العام، ويتمكن المتهم فيها من إعداد دفاعه، والطعن في أدلة الاتهام الموجهة إليه أمام قاضٍ مختص؛ كل ذلك سبب إحداث فجوةٍ بين السلطة التنفيذية في المرور والمخالفين لأنظمة المرور في احترام تلك العقوبات، والشعور بعدم الارتياح إزاء تلك العقوبات من عامة المجتمع، ونحن - القانونين- لا ننكر أن المخالفات المرورية والتي هي السبب المباشر في الحوادث المرورية تشكل بعبعاً مخيفاً وظاهرة مأساوية في عالم الإنسانية، تلك الظاهرة التي تفتك بالبشر أشد من فتك الحروب الطاحنة بهم، إذ يجب أن تُتخذ الإجراءات الصارمة بحق المتسببين فيها من مخالفي أنظمة المرور، لكن لا يكون ذلك على حساب حرية الأفراد ومصادرة أدنى الضمانات المقررة للدفاع عن أنفسهم وطعنهم في الأحكام الصادرة بشأنهم. إن تحرير المخالفة التي يقررها رجل المرور - الذي في الغالب لا يحمل مؤهلاً شرعياً أو قانونياً - هو في الحقيقة حكمٌ بالعقوبة، ومعلومٌ أن أي حكم ينطوي على المساس بحرية الأفراد لا بد أن يكون وفق محاكمة علنية عادلة تُجرى وفق أحكام النظام العام، ذلك أن الخطأ من البشر أمرٌ طبيعي في حال صفاء ذهنهم فكيف بمن يعمل الساعات الطوال في الميدان الذي يعج بالسيارات والمخالفات؟!، ولذا فلقد كفلت الأنظمة الجنائية التي يتم التعامل فيها مع المذنبين من بني البشر المقترفين للجرائم ظلماً وعدواناً ومع سبق الإصرار والترصد كفلت لهم الأنظمة الجنائية حق الطعن بالاستئناف في الأحكام القضائية الصادرة من قضاةٍ مؤهلين علمياً، ومهيأين نفسياً للفصل بين الناس؛ إذ ليست الأحكام معصومة من القصور والزلل حتى ولو كانت صادرة عنهم فكيف إذا صدرت من غيرهم كرجال المرور؟؟..

إنه من غير العدل أن يكون رجل المرور الخصم والحكم في وقت واحد، فهو الذي يضبط المخالف لأنظمة السير وفي الوقت نفسه هو مَنْ يقدمه للمحاكمة - الصورية - وهو مَنْ يقوم بتطبيق العقوبة عليه!!.

بل وبدون أن يكون لذلك المخالف الحق في أن يعترض أو يطعن في الحكم.. وخصوصاً في تلك الأحكام التي تنطوي على المساس بحرية الأفراد بالحبس ولو لفترةٍ زمنية قصيرة.

وأرى الحل بصفتي رجل قانون أن يتم الاستعجال في إنهاء إجراءات المحاكم المرورية التي تنصف أو تغلظ العقوبة أو تخففها أو تلغيها وأن يتم بدء العمل بها في أقرب وقت وخصوصاً في المدن الكبيرة التي تضم بين جنباتها الملايين من البشر كمدينة الرياض وجدة والدمام، وهناك بحث متميز في هذا الموضوع للباحث القانوني محمد المحمود يشكر عليه والله الموفق.



alial-aqla@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد