مما لاشك فيه أنّ العلاج بالليزر وما لحقه من تطور وتقدم خاصة خلال السنوات الماضية، جعل منه علاجاً فعالاً وآمناً إلى حد كبير. والمتأمل في ذلك لا يملكه إلا الإشادة بهذا التطور وهذا الإنجاز الرائع. غير أنّ التطور التقني الطبي لم يتوقف عند هذا الحد .. بل تزامن مع تقدم في مجالات أخرى كالعلاج بالضوء والعلاج بالموجات الترددية والعلاج بالبلازما وغيرها.
ولعلِّي أتطرق من خلال هذا المنظور إلى جزئية وجدت نفسي ملزماً بالحديث عنها لكثرة تكرارها ألا وهي التسآل الشائع: (يا دكتور .. أيهما أفضل العلاج بالليزر أم بالضوء؟) .. فلقد أصبح هذا السؤال يتردد على مسامعي بشكل يومي تقريباً، ولحظت من خلاله الحيرة التي يعيشها المرضى والراغبين في هذه العلاجات. ولقد زاد من هذه الحيرة موقف بعض الأطباء، فهناك من نصب نفسه مدافعاً عن الليزر وأنه العلاج الفعّال الذي لا يعلى عليه! وفريق آخر بالغ في مديح العلاج بالضوء، وأنه أحدث ما توصل له العلم. وفي الواقع أنّ أياً من الرؤيتين لا يعد مسلكاً علمياً صحيحاً. فالحديث عن العلاج بالليزر أو الضوء، مصدره دراسات علمية أثبتت الفاعلية والأمان لهاتين التقنيتين لعدة مشاكل جلدية، وحصلت على موافقات هيئات علمية عالمية معتبرة .. نعم قد يتفوّق علاج على علاج، ولكن هذا يرتبط بعدة عوامل منها نوع الجهاز والمعايير المستخدمة وخبرة الممارس وطبيعة ونوع الحالة المعالجة. كما أنّ تناول هذا الأمر من خلال أي العلاجين أفضل في حد ذاته نقطة شائكة. فلماذا الإصرار على هذا الطرح؟ فالعلاج بالليزر والعلاج بالضوء تقنيتان متطورتان يجب النظر إليهما كخيارات علاجية متاحة يتم استثمارها إلى أقصى حد لما فيه مصلحة المريض. والدليل على ذلك هو التوجهات العلمية الحديثة بالجمع بين هذين العلاجين لتحقيق أفضل النتائج. كما يمكن استخدام الضوء في علاج بعض الحالات الممانعة لليزر والعكس صحيح. ولقد كانت إحدى توصيات المؤتمر العالمي الأوروبي لليزر والذي عقد مؤخراً، الجمع بين التقنيات الحديثة لتحقيق أفضل نتائج ممكنة.
وفي اعتقادي أنّ الحكم على العلاج بالضوء في مجتمعنا في غالبه نتاج تأثير هذا العلاج في إزالة الشعر. فعلى أنه في مجمل القول يعتبر الليزر أكثر فاعلية في إزالة الشعر من الضوء فلا يعني ذلك عدم فاعلية الضوء على الإطلاق. كما أنّ هناك عوامل لا يمكن تجاهلها تحدد فاعلية العلاج سواء بالليزر أو الضوء. وأتذكر قبل عدة أسابيع زارت عيادتي إحدى المراجعات التي تتلقّى العلاج بالضوء لإزالة الشعر في أحد المراكز الطبية، وكانت ترغب في تغيير علاجها إلى الليزر استجابة لنصائج زميلاتها.
فسألتها هل هي مستفيدة من العلاج بالضوء؟ فأجابت بأنها راضية وسعيدة جداً بالنتائج. فنصحتها بالاستمرار في العلاج بالضوء وعدم الالتفات لتلك النصائح.
وخلاصة القول إنّ الليزر والضوء كلاهما نتاج التقدم الطبي التقني، ولهما الكثير من المنافع، وهما خياران علاجيان يمكن استخدامهما على حدة أو متتابعين أو معاً، بحيث يتحدد ذلك من قِبل المختص على أن لا يكون توفر أحد هذين العلاجين دافعاً للتسويق لهذا العلاج أو ذاك.
استشاري الأمراض الجلدية وجراحة الليزر
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود والاستشاري بعيادات ميدكا