Al Jazirah NewsPaper Saturday  12/07/2008 G Issue 13071
السبت 09 رجب 1429   العدد  13071
أما بعد
محاسبة النفس
عبدالله بن عبدالعزيز المعيلي

يحتاج الإنسان بصفة عامة، والمسلم بصفة خاصة، إلى خلوة يومية لمحاسبة النفس ومراقبتها، وأفضل أوقات المحاسبة قبيل النوم، وللمحاسبة مجالات وتقسيمات، يأتي في مقدمة أولوياتها مجال العبادات الفروض والنوافل العملية والقولية، ومجال العلاقات الاجتماعية، ومجال المعاملات المالية، ومجال الاتزان النفسي، ومجال التفكُّر والتدبُّر في آيات الله وآلائه، ومجال صحة البدن وسلامته.

في هذه المجالات الستة يتحرك الإنسان، وحيث إنّ النقص من طبائع البشر، ومن سماتهم المتواترة التي يستحيل أن يتخلّص منها أحد، لهذا فمظنة التقصير واردة، وحتى لا يتأصل هذا التقصير ويستساغ، ويصبح سمة لازمة ملازمة، آسرة مستحكمة، لا بدّ من وقفة محاسبة ومراقبة، وقفة مراجعة وتأمُّل، الغاية منها والقصد، التعرُّف على قرب الإنسان من مقاصد الخير والفلاح، وبعده عن مواطن الشر والهلاك.

ومما يساعد النفس ويهديها إلى السير في طريق الفالحين الفائزين، تعويدها على خلوة مع الذات، خلوة تعزيز وتزكية، تسجل في هذه الخلوة قائمة بالأعمال والأقوال الحسنة التي وفق الله وأعان على ممارستها خلال اليوم المنصرم، وقائمة أخرى بالأعمال والأقوال السيئة التي زلّت فيها القدم وانساقت وراء الهوى والشيطان، ثم تجرى موازنة ومقارنة بين هذه وتلك، وعندئذ تعزم النفس وتحزم على اتخاذ قراراتها تجاه تعزيز سبل الخير ومواصلة السعي والمداومة فيها، والبحث عن سبل خير أخرى للبدء في نهجها وفق شرع الله وهديه، آخذة العهد على زيادة هذه القائمة وتوسيع مجالاتها، وفي الوقت نفسه تتخذ القرارات تجاه تزكية النفس وتطهيرها من سبل الشر، وعقد العزم على تركها وتجنُّبها، مستعينة بالله على التخلُّص منها، آخذة العهد على إنقاص هذه القائمة وتضييق مجالاتها وسبلها، حتى يتم التخلُّص منها كلها.

ومما يساعد النفس على تعزيز الخير والصلاح، وتزكيتها وتطهرها من الشر والآثام، تعويدها وتدريبها وتشجيعها على التساؤلات الذاتية عما بدر منها خلال يومها المنصرم، مثل أن يسأل الإنسان نفسه: هل تتوافق أعمالي وأقوالي التي قمت بها هذا اليوم مع شرع الله ومنهجه القويم؟ ما الأشياء والأمور التي ينبغي أن أركِّز عليها أكثر من غيرها؟ وما الأشياء التي غفلت عنها؟ وما الأشياء التي يجب أن أتجنّب الخوض فيها؟ ويتوّج هذا بمصالحة ومسامحة لكل من بغى عليه أو ظلمه أو تطاول عليه، مع دعوة صادقة مؤمنة بأن يغفر الله للمسيئين ويتوب عليهم .. ففي هذا النهج ما يريح النفس، ويبعث فيها الراحة والاطمئنان، والشعور بالسعادة والرضا.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7789 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد