Al Jazirah NewsPaper Saturday  12/07/2008 G Issue 13071
السبت 09 رجب 1429   العدد  13071
الأزمة العراقية.. إلى أين؟ 3/3
الدكتور عبدالعزيز بن عبداللطيف آل الشيخ

هنالك - كما تقدم - فجوة بين ما يأتي من أخبار أساسية حسب مقاييس الإدارة الأمريكية وما ورد في تقرير المكتب الرقابي الحكومي. فما يتعلق بمسألة جاهزية الجيش العراقي فحسب معلومات الإدارة الأمريكية فإن 70 في المائة من مكافحة المتمردين the insurgents من المنتسبين للجيش العراقي،

أما الواقع فقد كشف أن ذلك كان في حدود 10 في المائة فقط. المسألة الأخرى ما يتعلق بالأموال المخصصة لإعادة بناء العراق، إذ ذكرت وسائل الإعلام، أنها تتراوح مابين 60 و 70 في المائة، بينما كشف التقرير أن النسبة تتراوح ما بين 11 و28 في المائة فقط. وما بين هذه التقديرات تكمن قضايا سياسية معقدة.

ومن وجهة نظر الإدارة الأمريكية، ومنذ خمس سنوات، يحاول الصحفيون إبراز جهودهم في العراق فيما يتعلق بالمشروعات الأكثر إنتاجية، إلا أن القضية فيما يقال لهم أحياناً: (حاولوا أن تنسوا ما يحصل في بغداد وانظروا ما يحصل خارجها في المحافظات الأخرى). وأحياناً، يقال لهم: (اسمعوا إلى تصريحات السياسيين وإلى تصريحات شيوخ العشائر). وقصة مستشفى البصرة الذي طالما كتبت عنه أخبار فيما يتعلق بتطويره كأحسن مستشفى، يعتبر من أمثلة الفجوة العظيمة بين ما يسمع وما هو في الواقع، إذ ذهب فريق من المهندسين ولم يجدوا شيئاً، ثم عادوا مرة أخرى ليقال لهم: (إنه حال العنف بينهم وبين وضع أساسات المستشفى المذكور).

ويظهر التقرير، الذي رفع عنه طابع السرية، فيما يتعلق بالمداهمات واسعة النطاق التي تركزت في شهر مايو، يظهر التقرير ارتفاع العنف خلال شهري مارس وإبريل والذي قوبل بتركيز من قبل الحكومة العراقية على المليشيات في مدينة البصرة مما نتج عنه فترة من الهدوء. وبلغ عدد الحملات الهجومية ما يقارب تلكم التي حدثت في بداية السنة، وتمثل 70 في المائة من الانخفاض منذ شهر يونيه في عام 2007م. وفي الوقت الذي تؤكد هذه الأرقام إفادات من قبل القادة العسكريين الأمريكيين، إلا أنه يفهم من التقرير أن بيانات تم استخدامها لتظهر تطوراً إيجابياً في الجانب الأمني في العراق إما أن تكون مظللة أو غير صحيحة.

وتبالغ البيانات، كما يذكر التقرير، فيما يتعلق بكفاءة الجيش العراقي، وإنتاج الطاقة الكهربائية، ومقدار المبالغ التي تصرف على إعادة البناء. ويذكر التقرير أن ما يقال عن المكاسب الأمنية في حد ذاتها، قد تم بناؤها بشكل كبير لا على مقياس متقدم من النواحي السياسية والوفاق الاجتماعي وحركية الحكومة العراقية، بل بني على تطورات قليلة محددة وهشة. وتستند فترة الهدوء النسبية في معظمها على زيادة في عدد الجنود الأمريكيين وعلى الاتفاق المهزوز لإيقاف إطلاق النار المعلن من قبل المليشيات الشيعية التابعة لمقتضى الصدر، وعلى البرنامج الأمريكي المتمثل في دفع أموال لمتمردين سابقين.

صحيح أنه من الواضح أن هنالك ثمة تحولات في الحالة الأمنية على الأرض، كما ذكر ناثان فراير، متقاعد عسكري، شارك في حرب العراق في عامي 2005 و 2007، ويعمل في الوقت الحاضر خبيراً في برنامج الأمن العالمي، في مركز الدراسات الإستراتيجية الدولي في واشنطن. ويذكر فراير أن الإدارة الأمريكية تفضل التركيز على هذه الجوانب الإيجابية، إلا أن تقرير مكتب المراقبة، والذي اطلع عليه فراير، يحتوي على معلومات مختلفة عن ملاحظاته عن العراق بناء على تجربته فيها.

أما إستراتيجية بوش فتتمثل في الشعار الذي رفعه: (الطريق الأمامي الجديد في العراق)، ولقد شرح كرستفور ستروب، مساعد سكرتير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط، روح الإستراتيجية المضمنة في الشعار الذي أعلنه بوش في يناير 2007 بقوله: (كما هو الحال بالنسبة لأية إستراتيجية لابد أن يجرى عليها شيء من التحديث والتحوير بين فينة وأخرى، آخذاً في الاعتبار التغيرات التي تحصل في بيئة الإستراتيجية ذاتها). ولقد حدد بوش تنفيذ الإستراتيجية ضمن مدة تتراوح مابين عام وعام ونصف وتشمل الوصول إلى قانون ينظم صناعة النفط في العراق، وتسليم إدارة جميع المحافظات العراقية للعراقيين، وحتى الوقت الحاضر فلم يسلم للعراقيين إلا 9 محافظات من مجموع 18 محافظة، ولم يتم الاتفاق على قانون النفط.

والأدهى من ذلك أن التقرير يؤكد أن ما تم التعارف عليه بخطة الإدارة أو إستراتيجيتها، لا يمثل إستراتيجية بالمعنى المفهوم، بل أقرب ما تكون لسلسلة من الوصفات العملية المبعثرة في العديد من الوثائق تم مراجعتها من قبل مكتب المتابعة. أما ما يعرف بالإستراتيجية فلا بد أن لا تحصر في منظور قريب بل لا بد من أن يكون لها نظرة بعيدة تتجاوز شهر يوليو 2008م. ولربما أعظم قضية في التقرير هي عدم الاتفاق الواضح بين مكتب المتابعة وبين الإدارة الأمريكية حول المؤشرات الأساسية للتطور، فعلى سبيل المثال، من التحليلات المتعلقة بالجيش العراقي، انتهى المكتب بذكر أن 10 في المائة فقط منهم لديهم القدرة على العمل باستقلالية للتصدي للمتمردين وحتى هذه النسبة المحدودة لا تستغني عن الاعتماد على المساندة الأمريكية.

وفي المقابل يذكر البنقان أن 70 في المائة من وحدات الجيش العراقي في مقدمة القائمين على عمليات التصدي للمتمردين، والسؤال هل هذه الوحدات العسكرية العراقية في الصدارة للتصدي أم أنها تعمل في ظل وحدات جيش أمريكية؟ ويؤكد التقرير في أساسه بأن البنقان يدعي بأن الوحدات، على الرغم من تدنيها نوعياً، على استعداد للاعتماد على نفسها أكثر مما سبق. ومن ناحية أخرى فإن الأرقام الرسمية المعطاة لم يستطع المكتب أن يتحقق من ادعاءات الإدارة الأمريكية من أن العراق أنفق والتزم بـ60 في المائة من ميزانية إعادة البناء لعام 2007، وبدلاً من ذلك فالتقرير يعطي نسبة في حدود 28 في المائة فقط.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد