Al Jazirah NewsPaper Saturday  12/07/2008 G Issue 13071
السبت 09 رجب 1429   العدد  13071
نعم لإعلام باسم

دعا الصديق الأستاذ حمد بن عبد الله القاضي (عضو مجلس الشورى والأديب والمثقف المعروف) وزارة الثقافة والإعلام إلى تخصيص أجزاء من فترات البث الإذاعي والتلفازي؛ لتقديم أخبار ضاحكة وأحداث باسمة (صحيفة الجزيرة، 5-6- 1429هـ، ص 28)، وهي دعوة لها ما يبررها، ومطلوبة في الوقت نفسه، دعت إليها وطالبت بها السياسة الإعلامية السعودية منذ (17 سنة)، وأقصد الترفيه، بوصفه وظيفة من وظائف وسائل الإعلام السعودية، ولكنه يبدو أنه مؤجل، أو لا داعي له، ما دام الترفيه في بعض الفضائيات العربية يعتمد على العري، و(هز البطن)، وهو توجه يتنافى مع أبسط حقوق المتلقي في الترفيه، إلا إذا كانت تلك الفضائيات (عايزه كدا) على طريقة (المخرج عايز كدا).

لم تعد الابتسامة مرسومة على شفاه متلقي وسائل الإعلام السعودية، إن لم تكن معدومة، كما يبدو أنها لم تدرك أن الترفيه عن النفس له تأثير إيجابي في بناء الشخصية الإنسانية، وإراحة النفس من عناء العمل اليومي، والشعور بالسعادة والتسلية، وهذا التناسي أو النسيان خطأ ترتكبه وسائل الإعلام السعودية، ينبغي تصحيحه تلبية لحاجات الجمهور إليه، مكرسة القول المأثور: (روحوا القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا كلّت عميت).

وإذا قدر لوسائل الإعلام السعودية تلبية دعوة الصديق (حمد القاضي) فلأن الترفيه معطل، رغم أنه وظيفة من وظائفها الأساسية، فقد جاء في مقدمة السياسة الإعلامية السعودية أن من بين الأهداف المتوخاة من وسائلها: الترفيه؛ ولذلك فمن غير المقبول أن يعاني المشاهد، والمستمع، والقارئ السعودي انعدام الترفيه الذي أرى أنه يتمثل في: نشر، وعرض، وإذاعة المواد الخفيفة، التي تتناول الحياة الاجتماعية في ماضيها وحاضرها، بهدف قضاء وقت معين يستريح فيه المتلقي من أعباء العمل اليومي، ويلبي حاجاته إلى الترفيه عن النفس، من خلال المواد الإعلامية الخفيفة التي تشمل - على سبيل المثال لا الحصر - الطرف، والأحاجي، والنوادر (الألغاز) والكلمات المتقاطعة؛ حيث يفترض أن تسهم وسائل الإعلام الجماهيرية في (تحويل الإنسان من فرد بيولوجي، تتحكم الغرائز في سلوكياته إلى شخص يضبط الترفيه سلوكياته، وينظم تفاعله مع الآخرين).

في السنوات الأول من ظهور الإذاعة السعودية كان للترفيه حظ وافر من برامجها، أتذكر برنامج (خمسة فرفشة) وبرنامج (دقائق مع الفكاهة) وبرنامج (دموع وابتسام) أعده الكاتب الفكاهي المعروف أمين سالم رويحي، وبرنامج (طرائف) ومن ثم (مسرح الإذاعة) ف(مسرح التلفزيون) وظهور شخصيات مرحة وفكاهية مثل: أم حديجان (تمثيل عبدالعزيز الهزاع) إلى جانب سعد التمامي، ومشقاص (حسن دردير) و(لطفي عقيل زيني) و(حج تُخته) وغيرهم ممن لا تحضرني أسماؤهم الآن.

إذاً من غير المقبول أن تخلو خريطة وسائل الإعلام السعودية من: الفكاهة، والضحك، والابتسامة، ولدي دراسات إحداها جرت في المجتمع السعودي نجم عنها أن (48.7%) من أفراد العينة استخدموا الرائي (التلفاز) للترويح عن النفس، بينما حصلت الصحف على (37.7%) من موافقة أفراد العينة، فيما تبوأت الإذاعة المسموعة المرتبة الأولى في أداء الوظيفة الترفيهية.

وفي العصر الحالي حيث لا تخلو أي نشرة أخبار في أي إذاعة أو تلفاز من: مآسٍ، وانفجارات، واغتيالات، وأعاصير، وحروب، وكوارث، يصبح من الواجب على وسائل الإعلام السعودية أن تهدئ من روع المتلقي، وأن تمده بما يساعده على الخروج من شرنقة هذه المآسي، وفي تقديري أن المشاهد، والمستمع، والقارئ السعودي، في حاجة ماسة وملحة إلى أن يكسبه الترفيه قيماً، ومهارات، واتجاهات، ومعارف، تنميه وتطور شخصيته، وإن غياب الترفيه عن النفس معناه عدم تزويد الفرد بالراحة التي تساعده على الاستمرار في التعرض للأخبار وتفسيراتها، ولعلي أستدل على أهمية الترفيه بما توصلت إليه باحثة غربية من (أن الترفيه يمتع متلقي وسائل الإعلام، ويجعلهم يشعرون بالارتياح، ويساعدهم على التمتع بأوقات الفراغ، وله قيمة ترفيهية كبيرة)، فهل تمتع وسائل الإعلام السعودية جمهورها؟ وهل تزيح عن كاهله أوجاع ما يسمع، ويرى، ويشاهد من أحداث ومآسٍ؟ صحيح أنها لا تستطيع أن تفعل ذلك على مدى ساعات اليوم والنهار، ولكن الأصح أنها قادرة على ذلك ولو لدقائق من بثها اليومي.

نعم لترفيه راقٍ، ولا لترفيه هابط، ونعم لإعلام باسم.

بدر بن أحمد كريّم
فاكس: 4543856 - الرياض


badrkerrayem@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد