غريب أمر خدماتنا الاستهلاكية اليومية والتي تسبب شح بعضها ونقص بعضها الآخر في تفاقم أزمتي الماء والكهرباء في الكثير من مناطق مملكتنا الغالية وبالتحديد في محافظة عروسنا الجميلة جدة، فبعد زوال القليل من معاناة المواطن والزائر والمقيم لأزمة الدقيق وغلاء الفواكه والخضروات وارتفاع رسوم الدواء والكساء تفاجأ المعنيون بمصاب تلك الأحداث المختلة والمتكررة بظهور علتين جديدين إحداهما يكمن في انقطاع تيار الكهرباء بين الحين والآخر مسبباً خسارة فادحة في الأجهزة الكهربائية المنزلية وأضرار جسيمة بصحة بعض نزلاء المستشفيات العامة والخاصة ونشوب حرائق متفرقة في بعض المصانع والمتاجر والبيوت خلافاً لتلفيات غذائية عديدة تم حفظها داخل الثلاجات والبرادات ومعوقات أخرى لا تخفي على أعين رقابة الجهات، أما الداء الأخطر فتكاً بالعباد والبلاد فهو شح المياه ونقصها والذي تسبب هو الآخر في تلف المحاصيل الزراعية وغلائها المفاجئ وحرمان كبار السن والنسوة والولدان من الاستحمام وتفريش الأسنان ونظافة الأبدان وهي عوامل مهمة لأداء فروض الطاعات والصلوات وتنقية الجسم وتطهره من الأوساخ والنجاسات بالإضافة إلى أن تلك العلة المأساوية المتكررة قد ضاعفت من رسم غسيل السيارات وحرمت بعض الفنادق وملاك الفلل والعقارات من التمتع بملئ المسابح والخزانات، الأمر الذي نتج عنه مضاعفة الطلب على توفير الماء وبأي ثمن إلا أن الوضع قد ازداد صعوبة وحدة وخصوصاً مع وجود المزاحمات والمضايقات والمضاربات في المجمع الخاص بمصب (الوايتات) والذي اكتظ فناؤه بمئات المحتاجين لتلك الوسيلة الضرورية الحياتية لبقاء الإنام والنبات والأنعام ضاربين أكثرهم بعرض الحائط لما قد سيحدث لهم من أضرار وخلافه ولاسيما وأن أعين الرقابة الميدانية والمالية قد باتت هي الأخرى ساهية لاهية وغير مبالية لفداحة ذلك الوضع والذي وصل وعن طريقه سعر وايت الماء الواحد إلى ثلاثة أضعاف سعره الحقيقي وأكثر، خلافاً إلى أنك لو أردت الحصول عليه فأنت وحظك وقتها، أما السبب فيكمن في وجود عامل آخر معك وهو كرت الواسطة والذي لا يهم مالكه، شديد حاجتك وطول انتظارك ولا حتى صقعة الشمس برأسك ولهيب أجوائها الساخنة على بدنك وولدك وخادمك بقدر ما تهمه مصلحته الشخصية وحصول مبتغاها سيء الطبع وعديم الرعوة والحنية وهو أمر في غاية الألم والأنانية ويعيش في أوساطنا المحلية وبحرية وعلى عينك يتاجر واللي مو عاجبه يدق رأسه في أمتن حيطة أو يذهب لتيته لتسرد له حكاية الظيطة والزنبليطة، إلا أن الغريب في الأمر كله رؤيته لمسؤولي إدارة مصلحة المياه وهم يتذمرون ويشتكون مثلك من شح المياه ونقصها ويسردون لك ولغيرك قصصاً وهمية إزاء علتها المريرة تلك والتي ترى من بعدها العجب وتسمع على إثرها العجاب وذلك عن طريق مشاهدتك وعلى الدوام لكثرة الوايتات الكبيرة والصغيرة وهي تجوب الشوارع والطرقات حاملة في بطونها آلاف اللترات من المياه والتي يدعون باطلاً وللأسف الشديد عن أزمتها وشحها ضمن الإذاعة والصحف وبأن الحديث بشأنها قد يطول ويكثر وعلى المتضرر أن يلجأ إلى كنف وساطات الأصحاب والأحباب كما هي حال كل مصاب ويريح نفسه من زيادة مشقة العناء والعذاب وإن لم يجد فاليقضب الباب ولينتظر نزول المطر ورحمة العلي التواب غافر الذنب ومرسل السحاب وكل أزمة سفلية كانت أو تحتية والجميع بخير حال واعتراب، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم