Al Jazirah NewsPaper Sunday  13/07/2008 G Issue 13072
الأحد 10 رجب 1429   العدد  13072
شعيرة الحج: التعامل والتكامل
د. عبدالله إبراهيم الحديثي

أختلف مع أخي الشيخ عبدالعزيز إبراهيم الحديثي في كثير من الطروحات التي يرتفع بها صوتانا، فهو محام ماهر وأنا محاسب حاسر فالأرقام لغة لا تعرف التأويل أو التحويل أو التبديل والمحاماة من مخارجها قوة الحجة وثبات الموقف وبلاغة البيان. وقد طرح الأخ عبدالعزيز الحديثي في الكثير من لقاءاتنا الأسرية المتعددة والتي يطرح فيها أحياناً الشأن العام فكرة الاستعانة بجهات عالمية لدراسة منظومة الحج والعمرة والزيارة وكيفية قيام الدولة بإدارة هذه المنظومة وتمكين الشعب السعودي المسلم من القيام بواجبه تجاه هذه المسؤولية العظيمة والإرث الشرعي الذي شرفه الله به ويأتي ذلك عن طريق الطرح لمنافسة تقديم دراسة شاملة لهذه المنظومة وتختار شركات عالمية بالاشتراك مع جهات محلية أو جامعات ليكون هدف الدراسة الأسمي البحث عن الحكمة والإبداع وتقديم الخدمة بأفضل الطرق وأنجح الأساليب، على أن تكون المنافسة ذات جوائز عالمية مغرية مع اشتراط ملكية الحقوق الفكرية لحكومة المملكة، وأن يكون من أهداف هذه الدراسة طرح شامل للعناية بضيوف الرحمن من نية القدوم في بلادهم مروراً بالحصول على التأشيرات ودخولهم عبر المرافئ المختلفة جوية - بحرية - برية ثم عودتهم إلى بلادهم غانمين سالمين، مع أنني أتوقع أن يكون مركز أبحاث الحج قد قام ببعض الدراسات العملية والعلمية إلا أن وجود جهات عالمية متخصصة ذات مهنية عالية ومصداقية دولية وإمكانيات بشرية وبحثية كبيرة قد يكون ساعداً لمركز أبحاث الحج مع استفادة الجهة العالمية من الخبرات التراكمية لمركز أبحاث الحج.

معاملة الحاج

لقد اصطفى الله تعالى هذه البلاد لتكون مكان بيته ومحل مناسك حج هذا البيت العظيم ويتطلع المسلمون في كل أصقاع الدنيا لأداء هذا الركن العظيم من أركان الإسلام ويستعد الكثير منهم سنوات للتشرف بأداء هذا النسك العظيم ولا شك أن ما تسعى إليه المملكة من توفير كافة مقومات نجاح هذه المواسم وما تقوم به الدولة من عمارة وسقاية واحتفاء بالقادمين محل ثناء الجميع وإن المطلوب هو مسايرة هذا الارتقاء الحكومي الأدائي بارتفاع أداء الموظف والمسؤول لرعاية هؤلاء الحجاج ومعاملتهم معاملة تليق بهم وتشعرهم بالأهمية وبالترحيب، سواء كان عند قدومهم حيث تعتبر المطارات الواجهة الأولى التي يلقاها الحاج وتترسخ في ذهنه الانطباعات الحسنة والسيئة بحسب التعامل الذي يجده عند قدومه أول مرة، كما أن توفير وسيلة نقل مناسبة وسكن وطعام نظيف هي من المتطلبات الأولية للقادم، ولعل اهتمام لجنة الحج ببرنامج علاقات عامة مع الحجاج والقادمين للترحيب بهم وإشعارهم بأنهم بين أهليهم وذويهم والبعد عن العبارات المباشرة مثل (حج يا حاج) والارتقاء بالتعامل والمعاملة مع الحاج وإشعاره بأنه مرحب به ومرغوب فيه والجميع هنا صغاراً وكباراً لخدمته وتيسير أسباب حجه وعمرته، ولعل هذه المعاملة تمتد إلى حجاج الداخل فيجدون الترحيب والاحتضان والاهتمام من الجهات العاملة على خدمة الحجاج وراحتهم، كما أن ذلك يشمل المواطن الذي يجب أن ينظر إلى الحاج نظرة إكبار وتقدير وترحيب وتيسير وحسن معاملة. ولعل من المناسب إقامة دورات تدريبية لطلاب وأساتذة جامعة أم القرى وجامعة الملك عبدالعزيز للقيام بواجب الاستقبال والترحيب والمساعدة للحجاج وتواجد أكثر من أربعين ألف طالب في الجامعتين كفيل بالحصول على العدد المناسب.

كنت إلى وقت قريب أعلق نجاح موسم الحج على وجود نظام قطارات فاعل بين المشاعر ولكن التفكير في تفاصيل هذا الاقتراح ومشاورة بعض المختصين مثل معالي الدكتور خالد نحاس ومعالي المهندس خالد اليحيى إشارت إلى استحالة إقامة نظام نقل فاعل بالقطارات وذلك لضيق المساحة وضيق الوقت وإمكانيات الزمان والمكان وتحريك حوالي ثلاثمائة ألف شخص في ساعة على مدى أيام محددة وهو من سابع المستحيلات، ولعل الدراسة المشار إليها بعاليه تقترح أفضل السبل والترتيبات والبدائل من حيث:

1- وسائل النقل الأساسية والرديفة المناسبة.

2- التنظيمات الفاعلة للإدارة والإشراف والرقابة والتسعير والمتابعة ورصد الجودة والنوعية.

الشعائر والنسك

تتداخل الشعائر والنسك والأركان والواجبات التي يؤديها ضيوف الرحمن سواء كانوا قادمين للعمرة أو الحج وتتداخل هذه النسك مع بعضها البعض وخاصة الحج ونوع الحج وكيفية الحج وأركان الحج وواجبات الحج ويجب دراسة كل شعيرة متخصصة وأداؤها على الوجه الأكمل بما في ذلك التفويج للطلوع إلى عرفات والنزول منها والإقامة في مزدلفة والعودة إلى منى ورمي الجمرات والطواف والسعي.

متطلبات الحاج

يتطلب الحاج أمناً وأماناً وتسهيلاً من الجهات الأمنية وتساعد وزارة الداخلية جهات أخرى مثل الحرس الوطني والجيش والمطلوب توعية القائمين على خدمة الحجاج بأهمية واجبهم تجاه الحاج وتيسير أسباب الرفاه للحج، وكذلك الإجابة عن استفسارات الحجاج عن أماكن إقامتهم وغيرها حيث إن الكثير من قوى الأمن قادمين من خارج منطقة مكة المكرمة والمطلوب منهم معرفة الخرائط والأماكن والشوارع التي قيم فيها الحجاج، حيث يبقى الكثير من أسئلة الحجاج دون جواب من كثير من العاملين في الحج والحقيقة إننا يجب أن ندرب هؤلاء على المشاعر والأماكن حتى يستطيعوا القيام بواجبهم الأساسي كاملاً.

الرعاية الصحية

تبذل وزارة الصحة جهداً كبيراً في موسم الحج ويعاونها في ذلك الهلال الأحمر السعودي وكذلك الخدمات الصحية في الجيش والحرس الوطني والمطلوب الارتقاء بهذه الجهود وإعطاء الأولوية للحالات الحرجة بالإضافة إلى تقديم الخدمات الصحية العادية.

دور وزارة الحج

ربما كان لوزارة الحج أدوار فاعلة وخدمات جليلة لا يلمسها المواطن السعودي لكونها موجهة ربما للحجاج القادمين من الخارج ولعل من المناسب أن تشمل الدراسة خدمات الوزارة وواجباتها والتنسيق الذي يجب أن يتم بين منظومة خدمات الحج الأمنية والصحية وخدمات وزارة الحج، وعلى وزارة الحج بالتنسيق مع وزارة الداخلية والخارجية بذل الكثير من جهودها خارج المملكة في برنامج علاقات عامة يستهدف الدول ذات الكثافة السكانية والتي ترسل الكثير من الحجاج للمملكة مثل مصر - نيجيريا - الهند - الباكستان - إندونيسيا؛ وذلك لعمل دورات تدريبية للحجاج وتثقيفهم فيما يتعلق بالحج كشعيرة وواجباته وأركانه وشروطه وطريقة الحصول على التأشيرة للحج وتيسير الدخول إلى المملكة والنقل الداخلي والسكن وأداء شعيرة الحج والإشراف على المطوفين والعاملين على راحة الحجاج وتقييم أفضل الخدمات وأجودها لضيوف الرحمن. إنني أثق في جهود ومتابعة وإشراف صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، ولكنه يحتاج إلى عون كافة الجهات ليكون موسم الحج ناجحاً وآمناً ميسراً، وعوداً حميداً للحجاج لدولهم وأهليهم وذويهم سالمين غانمين والله الموفق.



aalhudaithi@cecorp-sa.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد