Al Jazirah NewsPaper Sunday  13/07/2008 G Issue 13072
الأحد 10 رجب 1429   العدد  13072

لَنْ أتقَاعَدَ أبَداً..
محمد عباس عبد الحميد خلف

 

ليسَ تشبثاً بالحياة بقدر ما هو رغبة للعمل فيها، واستمرار العطاء، النافع لأهلها.. فتقدم العمر -وإن كان حقيقة لا مفر منها- إلا أنه خبرة عملية طويلة، ودراية بأسرار العمل حكيمة.. تجب الاستفادة منها.. لكن القانون لا يرحم، ويوم التقاعد لا تهمه خبرة، ولا يعرف تجربة.

متَقَاعِدٌ بالسِّنِّ لاَ بالهِمَّةِ

متقاعد، لكنْ سَتَبْقى عَزْمَتي

إنَّ التَّقَاعُدَ هُدْنَةٌ مَوقُوتَةٌ

مِنْ جهدِ عُمْرٍ كَمْ مَضَى بِمَشَقَّةِ

وهُوَ استِراحَةُ بَعْدَ طُولِ مَتَاعِبٍ

وبدَايةٌ إنِّي لأرفُضُ وِحْدَتِي

أنَا سَوْفَ أخْرجُ للحَيَاةِ مُحَرَّراً

مِنْ كُلِّ تَوْقِيعٍ يُؤَرقُ سَاعَتِي

ولَسَوْفَ أَنْسَى كَمْ خِطَاباً جَاءَنَا؟

ومُعَامَلاَتٍ مِلْءُ مِلْءِ حَقِيبَتِي

ومُرَاجِعُونَ زِحَامُهُم لا يَنْتَهِي

لكنَّهُ عَمَلٌ عَظِيمُ الأجْرَةِ

مَا كَانَ أحْسَنَ خِدْمَتِي لموَاطِنِي

مَا كَانَ أعْظَم ذَا العَطَاءِ لأُمَّتِي

إنْ قِيلَ عَجْزٌ قُلْتُ لَيْسَ حَقِيقَةً

العَجْزُ تَعْطيلُ الأمُورِ بِغَفْلَةِ

كَمْ مِنْ شَبَابٍ عَزْمُهُم خَوَرٌ فَمَا

مِنْهُم عَطَاءٌ غَيرُ وَصْلِ حَبِيبَةِ

جَوَّالُهُمْ في كُلِّ وَقْتٍ شَاغِلٌ

لَهُم، وأعَمْالُ العِبَادِ بكَوْمَةِ

أوْ اعْتَذَارٌ لِلذَّهابِ.. لموْعِدٍ

أوْ ثَمَّ تَأْخِيرٌ بِذِي السَّيارَةِ

مَا كَانَ يُشْغِلُنَا بِيَوْم ٍ شَاغِلٌ

عَمَلِي وخِدْمَة أُمتِي هِيَ شِدَّتِي

لَيْسَتْ هُنَاكَ إِجَازَةٌ أوْ فُسْحَةٌ

سَنَواتُ تَمْضِي دُون أيِّ إِجَازَةِ

إنْ كَانَ ذَاكَ تَقَاعُدٌ بالأَمْرِ لاَ

سَمْعاً له، لاَ لنْ يكونَ بِطََاعَتِي

سَأظَلُّ أُعْطِي أُمَّتِي جَهدِي، فمَا

أَحْرَى بهَا دَوْماً تَفُوزُ بهِمَّتِي

إن كَانَ رَاتِبُنا سَيَبْقَى إِنه

فَضْلُ الإِلهِ، وكَمْ لهُ مِنْ نِعْمَةِ

يَا إِخْوتِي المتقَاعِدينَ إليكُمُ

رَأْياً جديداً فيهِ أعْظَمُ مِنْحَةِ

هَيَّا لِنَعْمَلَ دُونَ أَجْرٍ سَاعَةً

رَدَّ الجَمِيْلِ لموْطِنِي وقِيَادَتي

نَأْتِي نُشَارِكُ ذَا الشَّبَابَ لِسَاعَةٍ

دَعْماً لِجَهْدٍ، تِلْكَ أغْلَى حُظْوةِ

ونكُونُ في عَمَلٍ لَهم كَنَمُوذَج

أَسْرارُ مِهْنَتِهِمْ بِسَابِقِ خِبْرَةِ

ونُؤَصِّلُ الأعْمَالَ وِفْقَ قَوَاعِدٍ

هُمْ فَاعِلُوهَا دُوْنَ أَيِّ تَعَنُّتِ

فالنَّاشِئُونَ بحَاجةٍ لِسَوابقٍ

والسَّابِقُونَ لَهم طَويلُ الحُنْكَةِ

إنَّ التَّقَاعُدَ لا التَّقَاعُسَ دَأْبُنَا

دَأْبُ العَطَاءِ وبَاعِثٌ لِلقوّةِ

وإذَا هُنَالِكَ رَحْبُ وَقْتٍ إِنَّني

سَأَزيدُ وَقْتَ عِبَادَتِي وقِرَاءَتِي

سَأَنَالُ بالقُرْآنِ أَقْرَأُ دَائِماً

خَيْرَ الجَزَاءِ أَنَالُ يَومَ قيامةِ

ربَّاهُ: بَارِكْ في الحَيَاةِ مَلِيئَةً

بِرِضاكَ عَنِّي ذَاكَ أعْظَمُ رَغْبَةِ

إنَّ التَّقَاعُدَ بَدْءُ عَهْدٍ حَافِل

بالذِّكْرِ والتَّسْبِيحِ، كُلّ عِبَادَةِ

إنّي أبُارِكُ للشَّبَاب حَيَاتَهُم

بالجِدِّ تَمْضِي، للبِلادِ بِخِدْمَةِ

وأَراهُمُ صَفًّا قَوِياً نَاهِضًا

ولْيَسْمَعُوا مِنِّي عَظِيمَ نَصِيحَةِ

هَذِي بلادِي كَمْ لهَا مِنْ فَضْلِهَا

بِرِقَابِنَا، يَحْتَاجُ أقْصَى هِمَّةِ

صَفاً قَوياً ضِدَّ كلِّ مُبَاغِتٍ

سَنَداً قوياً ضِدَّ كُلِّ عَدَاوةِ

إنَّا أخَذْنَا مِن بِلادِي خَيْرَها

سِتُّون عَاماً قَدْ مَضَتْ بِسَعَادَةِ

رَغَداً حَيَاتي عِشْتُها يَا أُمَّتِي

إنَّ التَّقَاعُدَ لَيْسَ جَحْد النِّعْمَةِ

فأنَا شَبَابٌ في رِحَابِكِ عَامِلٌ

عِرْفَانُنَا باقٍ، وأنتِ بِمُهْجَتِي


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد