ليسَ تشبثاً بالحياة بقدر ما هو رغبة للعمل فيها، واستمرار العطاء، النافع لأهلها.. فتقدم العمر -وإن كان حقيقة لا مفر منها- إلا أنه خبرة عملية طويلة، ودراية بأسرار العمل حكيمة.. تجب الاستفادة منها.. لكن القانون لا يرحم، ويوم التقاعد لا تهمه خبرة، ولا يعرف تجربة. |
متَقَاعِدٌ بالسِّنِّ لاَ بالهِمَّةِ |
متقاعد، لكنْ سَتَبْقى عَزْمَتي |
إنَّ التَّقَاعُدَ هُدْنَةٌ مَوقُوتَةٌ |
مِنْ جهدِ عُمْرٍ كَمْ مَضَى بِمَشَقَّةِ |
وهُوَ استِراحَةُ بَعْدَ طُولِ مَتَاعِبٍ |
وبدَايةٌ إنِّي لأرفُضُ وِحْدَتِي |
أنَا سَوْفَ أخْرجُ للحَيَاةِ مُحَرَّراً |
مِنْ كُلِّ تَوْقِيعٍ يُؤَرقُ سَاعَتِي |
ولَسَوْفَ أَنْسَى كَمْ خِطَاباً جَاءَنَا؟ |
ومُعَامَلاَتٍ مِلْءُ مِلْءِ حَقِيبَتِي |
ومُرَاجِعُونَ زِحَامُهُم لا يَنْتَهِي |
لكنَّهُ عَمَلٌ عَظِيمُ الأجْرَةِ |
مَا كَانَ أحْسَنَ خِدْمَتِي لموَاطِنِي |
مَا كَانَ أعْظَم ذَا العَطَاءِ لأُمَّتِي |
إنْ قِيلَ عَجْزٌ قُلْتُ لَيْسَ حَقِيقَةً |
العَجْزُ تَعْطيلُ الأمُورِ بِغَفْلَةِ |
كَمْ مِنْ شَبَابٍ عَزْمُهُم خَوَرٌ فَمَا |
مِنْهُم عَطَاءٌ غَيرُ وَصْلِ حَبِيبَةِ |
جَوَّالُهُمْ في كُلِّ وَقْتٍ شَاغِلٌ |
لَهُم، وأعَمْالُ العِبَادِ بكَوْمَةِ |
أوْ اعْتَذَارٌ لِلذَّهابِ.. لموْعِدٍ |
أوْ ثَمَّ تَأْخِيرٌ بِذِي السَّيارَةِ |
مَا كَانَ يُشْغِلُنَا بِيَوْم ٍ شَاغِلٌ |
عَمَلِي وخِدْمَة أُمتِي هِيَ شِدَّتِي |
لَيْسَتْ هُنَاكَ إِجَازَةٌ أوْ فُسْحَةٌ |
سَنَواتُ تَمْضِي دُون أيِّ إِجَازَةِ |
إنْ كَانَ ذَاكَ تَقَاعُدٌ بالأَمْرِ لاَ |
سَمْعاً له، لاَ لنْ يكونَ بِطََاعَتِي |
سَأظَلُّ أُعْطِي أُمَّتِي جَهدِي، فمَا |
أَحْرَى بهَا دَوْماً تَفُوزُ بهِمَّتِي |
إن كَانَ رَاتِبُنا سَيَبْقَى إِنه |
فَضْلُ الإِلهِ، وكَمْ لهُ مِنْ نِعْمَةِ |
يَا إِخْوتِي المتقَاعِدينَ إليكُمُ |
رَأْياً جديداً فيهِ أعْظَمُ مِنْحَةِ |
هَيَّا لِنَعْمَلَ دُونَ أَجْرٍ سَاعَةً |
رَدَّ الجَمِيْلِ لموْطِنِي وقِيَادَتي |
نَأْتِي نُشَارِكُ ذَا الشَّبَابَ لِسَاعَةٍ |
دَعْماً لِجَهْدٍ، تِلْكَ أغْلَى حُظْوةِ |
ونكُونُ في عَمَلٍ لَهم كَنَمُوذَج |
أَسْرارُ مِهْنَتِهِمْ بِسَابِقِ خِبْرَةِ |
ونُؤَصِّلُ الأعْمَالَ وِفْقَ قَوَاعِدٍ |
هُمْ فَاعِلُوهَا دُوْنَ أَيِّ تَعَنُّتِ |
فالنَّاشِئُونَ بحَاجةٍ لِسَوابقٍ |
والسَّابِقُونَ لَهم طَويلُ الحُنْكَةِ |
إنَّ التَّقَاعُدَ لا التَّقَاعُسَ دَأْبُنَا |
دَأْبُ العَطَاءِ وبَاعِثٌ لِلقوّةِ |
وإذَا هُنَالِكَ رَحْبُ وَقْتٍ إِنَّني |
سَأَزيدُ وَقْتَ عِبَادَتِي وقِرَاءَتِي |
سَأَنَالُ بالقُرْآنِ أَقْرَأُ دَائِماً |
خَيْرَ الجَزَاءِ أَنَالُ يَومَ قيامةِ |
ربَّاهُ: بَارِكْ في الحَيَاةِ مَلِيئَةً |
بِرِضاكَ عَنِّي ذَاكَ أعْظَمُ رَغْبَةِ |
إنَّ التَّقَاعُدَ بَدْءُ عَهْدٍ حَافِل |
بالذِّكْرِ والتَّسْبِيحِ، كُلّ عِبَادَةِ |
إنّي أبُارِكُ للشَّبَاب حَيَاتَهُم |
بالجِدِّ تَمْضِي، للبِلادِ بِخِدْمَةِ |
وأَراهُمُ صَفًّا قَوِياً نَاهِضًا |
ولْيَسْمَعُوا مِنِّي عَظِيمَ نَصِيحَةِ |
هَذِي بلادِي كَمْ لهَا مِنْ فَضْلِهَا |
بِرِقَابِنَا، يَحْتَاجُ أقْصَى هِمَّةِ |
صَفاً قَوياً ضِدَّ كلِّ مُبَاغِتٍ |
سَنَداً قوياً ضِدَّ كُلِّ عَدَاوةِ |
إنَّا أخَذْنَا مِن بِلادِي خَيْرَها |
سِتُّون عَاماً قَدْ مَضَتْ بِسَعَادَةِ |
رَغَداً حَيَاتي عِشْتُها يَا أُمَّتِي |
إنَّ التَّقَاعُدَ لَيْسَ جَحْد النِّعْمَةِ |
فأنَا شَبَابٌ في رِحَابِكِ عَامِلٌ |
عِرْفَانُنَا باقٍ، وأنتِ بِمُهْجَتِي |
|