Al Jazirah NewsPaper Tuesday  15/07/2008 G Issue 13074
الثلاثاء 12 رجب 1429   العدد  13074
أحمر .. بالخط العريض
محمد بن عبد العزيز الفيصل

قد يكون ذلك ممكناً ومتاحاً في المجتمعات الأخرى - غير العربية - وقد تتقبّله الأخيرة على مضض؛ ولكن أن يكون من صلب سلوكياتهم وأفعالهم المعتادة (الرائجة) فهذا هو الأمر الذي يجب أن يعاد النظر فيه أكثر من مرة وألا تُؤخذ بعين الاعتبار تلك العينة (المنحرفة) نادرة الوجود والمهدّدة (فعلياً) بالانقراض؛ إن كان لها وجود على حد زعمهم..

من مِنَّا معشر (السعوديين) أو العرب يقبل بأن تعيش ابنته أو أخته التي لم تتجاوز الخامسة والعشرين وحدها ومن دون مبرر أو حتى سبب منطقي (حي) ملموس بمعنى أصح (قاهر) لا يمكن أن يوجد مع وجوده حل لهذه المشكلة التي لم أسمع عنها - على أقل تقدير - في المجتمعات الخليجية والعربية المتاخمة للمملكة.

في تلك الليلة الساخنة صُدمت كغيري من المشاهدين عندما تابعت - مصادفةً - برنامج (أحمر.. بالخط العريض) على قناة الLBC وكان يناقش قضية سكن الشابات وحدهن في شقة أو منزل تحت أي ظرف من الظروف - وعلى فكرة - فجميع الفتيات اللاتي استضفن في البرنامج لا يعشن تحت أي ظروف قاهرة إنما هُنَّ يقمن وحدهن (ترفاً) على حد زعمهن فلا وجود لمبررات مقنعة لديهن!... فكانت المستضافات من الجنسيات التالية: السعودية, واللبنانية, والأردنية, والمصرية.., وتوزعت أعذارهن بين العمل والدراسة مما يضطرهن للتغرّب وبالتالي السكن وحدهن في ظل عدم وجود أقارب لهن في تلك الدولة اللاتي يَقْطِنَّ فيها, وكانت (السعودية) مع الأسف هي الوحيدة التي لم تقدم شيئاً, فكان العذر أقبح من الذنب؟!.. فكانت الثورة والمصادمة العنيفة لكل قيم المجتمع وأولوياته, وكان التأييد (الغريب) من قِبل والديها هو ما يثير الضحك والحزن في نفس الوقت, كيف يمكن لأشخاص مثل هؤلاء أن يشجعوا بناتهم على ارتكاب مثل هذه الأفعال الغريبة!... لم يكن هناك سوى مواطن سعودي (نزيه) واحد داخل الاستوديو وما إن شرع في الحديث حتى انهالت عليه أصوات المعارضين والمعارضات ينتقدونه ويشنعون بكلامه الجارح و(الشاطح؟!), فكيف له - ابتداءً - أن ينتقد سلوك هذه الفتاة السعودية التي تقطن وحدها (مزاجاً), وهل يعقل أن ينتقد مثل هذا السلوك (الرصين) سعودي عاش طيلة عمره تحت ظلال هذا البلد! ففي تلك الليلة أصبح الباطل حقاً والحق باطلاً ولا ألوم هذا الشاب المسكين الذي أحجمته أصوات الناعقين في تلك الحلقة, ولكنني ألوم معد البرنامج وإدارة القناة على هذه الصورة (المشرِّفة)!! عن مجتمعنا وسلوكياته التي لا يجهلها الغربيون فكيف بمن ينتقدون هذه السلوكيات وهم على علمٍ راسخٍ بها ولا تخفاهم مثل هذه الأمور.

الإثارة قد تكون مطلوبة في أي عمل إعلامي (فضائي أو صحفي), ولكن أن تُصاغ فيه الأمور بالشكل (المعكوس) الذي لا يقبل إلا التفسير الخطأ الذي لا نملك إزاءه إلا أن نقف مذهولين من هذا التصرّف (الغريب) من قِبل معد البرنامج ومقدِّمه اللذين لم يجدا أمامهما سوى هذه القضية التافهة ليثيراها إعلامياً، ومن شاهد أحداث هذه الحلقة ومحتواها فسيرى وبوضوح معالم تلك الصورة (الباهتة) التي قدّمها هؤلاء عن المجتمع السعودي وسلوكياته, فعلى أية حال فهذا الأمر ليس انفتاحاً أو تحرراً بل شرخاً واضحاً في صميم مجتمعنا المحافظ.



Alfaisal411@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7448 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد