Al Jazirah NewsPaper Saturday  19/07/2008 G Issue 13078
السبت 16 رجب 1429   العدد  13078
يارا
عبد الله بن بخيت

بدأت أحس إما أني خارج العصر أو هناك خلل ما أصاب الفن الحديث. من غير المعقول

(في نظري على الأقل) أن يطالب الحبيب حبيبته بقتله وتدميره وتسميمه والفتك به. نعرف منذ أن خلق الله البشر أن الحب يقوم على أضعف جوانب الإنسان وأكثرها هشاشة. فالبطل المغوار والفارس المقدام يتحول أمام الحبيبة إلى عصفور متهالك والفتاة الجبارة ذات السطوة تتحول أمام الرجل الذي تحبه إلى دجاجة مرشوشة بماء. أما الكلام الذي يدور بين المحبين وهو مربط الفرس له طابع الرقة كأنما اخترعته الملائكة وألقت به في أفواه البشر. بقراءة متعمقة في قصائد الأغاني الجديدة ستعرف أن ملائكة الشعر تخلت عن وظيفتها المعهودة أو أن كثرة المطربين التي أفرزتهم الفضائيات فاق قدرة الملائكة على إنتاج ما يكفي من شعر أو أن ملائكة الشعر قد غيروا لغتهم استجابة لسطوة بن لادن والظواهري. هل سمعتم من يأتي و يقول لحبيبة قلبه: (أدع علي بالموت وإلا سمني بس لا تفارقني دخيل الله وتغيب). أو أن يقول: (مو على كيفيك حبيبي تهدني وتخون وعدك والله لو حبيت غيري لا قتلك وأموت بعدك) (زعلان بدي فرحك وألي بيفكر يجرحك بارتاح منو بأقتلوا). قتل وانتقام وتسميم. لا يمكن ربط ما سمعته في حياتي من قصائد حب بهذا النوع من الكلام. القصائد السابقة للفضائيات كانت تتسم بكثير من الفجاجة ولكنها على الأقل كانت تقترب من الحب. بعد تواري الفن الحجازي وكلام الغزل البسيطة الموحية (سبحانه وقدروا عليك وخلوك تنسى أحبابك) دخلنا في موجه التوصيف الحسي بشعر يتناسب مع تكنولوجيا الفيديو كلب. لم يعد المراهق في حاجة إلى التخيل الذي توحي به الكلمة فالبضاعة أمامه.

في كل مرة أسمع مثل هذا الشعر أحاول أن أصل إلى الأسباب التي غيبت الحياة عن الشعر الغنائي في الأغنية العربية. غيبت تفاعلات الحب الحقيقية من أن تتسرب إلى الفن. الشعر الغنائي العربي يقوم على تكرار نفس المعاني (الهجر الصد والعذال). من النادر أن تجد أغنية عربية يتسم فيها الشعر بفردية التجربة الإنسانية. أترككم مع أغنية جولين لمطربة السبعينات الشهيرة أوليفيا نيوتن جون لنعرف معنى التفرد في التجربة:

جولين جولين لا تخطفي حبيبي لمجرد أنك تستطيعين.

رجائي لا تأخذيه لأنك فقط تستطيعين.

جمالك فوق الوصف, مجلل بشعر أحمر كالشعلة وبشرة كالعاج

وعينان خضراوان مضيئتان وابتسامتك كنسيم الربيع وصوتك ناعم كمطر الصيف

لا أستطيع منافستك يا جولين

أسمعه يتحدث عنك وهو نائم

لا شيء يوقفني عن البكاء كلما ورد اسمك على لسانه

أفهم أنه من السهل عليك أن تخطفيه مني ولكنك لا تعرفين ما يعنيه بالنسبة لي

أمامك خيارات من الرجال أما أنا فلا أستطيع أن أحب مرة أخرى.

هو الوحيد بالنسبة لي

سعادتي تعتمد عليك ولك أن تقرري ما تشائين

جولين جولين أتوسل إليك لا تخطفي حبيبي.

فاكس 4702164


Yara.bakeet@gmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6406 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد