Al Jazirah NewsPaper Sunday  20/07/2008 G Issue 13079
الأحد 17 رجب 1429   العدد  13079
أم الخير.. الأميرة سلطانة بنت عبدالعزيز
مندل عبدالله القباع

إن الموضوعية العادلة في مسار علاقات التفاعل الاجتماعي تبنى عن بيئة حضارية متميزة، يتمتع أفرادها بمكانة عالية من ثقافة التوافق الاجتماعي.

هذه الثقافة الحضارية المتوافقة تدعم الاعتراف بالقيم الإسلامية التي تحض على إرساء قواعد حقوق الإنسان الأساسية والجوهرية.

فالبيئة والتراث والممكنات تقدم ذوى العقول النيّرة والروح الوثابة لتقديم كل المحاولات الممكنة لمعالجة مشكلات الفئات الضعيفة في المجتمع؛ فتقدم لها معالجات كم هي حضارية وتحمل قيماً ثقافية وأخلاقية وروحية مؤداها {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى}، {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ}، و(أنا وكافل اليتيم في الجنة).

فالمثل والقدوة في ذلك هاهي (أم الخير) الأميرة (سلطانة بنت عبدالعزيز) - رحمها الله رحمة واسعة - شقيقة الأمير ماجد بن عبدالعزيز عليه سحائب الرحمة والأمير سطام بن عبدالعزيز أمده الله بالصحة والعافية وطول العمر، رافعة شعار: (نحن وهم معاً على طريق الصلاح والفلاح)؛ فهي ترعى داراً للأيتام في محيطها، ومن يلجأ إليها من الكبار تقوم بمعاونتهم مادياً أو معنوياً حسب ظروف كل حالة؛ ما يجعل معاوناتها منتشرة على رقعة كبيرة من بلادنا في وضع هذا الاتساع والانتشار، ولا يمكننا حصر مساعدتها لكثير من المواطنين، لكننا نضرب المثل فقط باعتبارها مدرسة متكاملة وشاملة لفعل الخيرات.. نضرب المثل ليتأسى بها ذوو الهمم العالية في تقديم الخيرات، وهي عملية مستمرة باستمرار الحياة؛ حيث ترتبط ببقاء الإنسان الحي، وهي باعث طيب لإشباع حاجات الضعفاء، وهو مبدأ يتصل بانتمائها لأسرة القائد الفاتح العظيم جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه - وإخوانها أولي العزم الأوفياء، وبولائها لهذا الوطن الغالي محضن الحرمين الشريفين.

ولذا فإن نشاط الأميرة سلطانة في مجال الخير يرجع إلى مبدئها في الحياة ولقناعتها أن تكون مستعدة دائماً لخدمة الناس، وهي تعبر دائماً للقادمين إليها في هدوء ورقة عن محبتها للناس واعتزازها بهذا الوطن الأبيّ المعطاء.

ومَن يعرف الأميرة العظيمة (سلطانة بنت عبدالعزيز) يدرك حرصها الكامل على ألا تمس شعور شخص ما بأنه يحتاج إلى شيء ما تمده به مهما كبر أو صغر؛ لأنها تقدر في الإنسان قيمته وتكريم رب العزة له.

هذا الخُلق الطيب الكريم الذي تتحلى به الأميرة (سلطانة بنت عبدالعزيز) ليس بمستغرب إذا وضعنا في حسباننا أنها ابنة عائلة عريقة وكبيرة وهي معروفة بنشاطها وبتوجيهاتها الخيرية التي تغطي مجالات الحياة المختلفة، وهي معروفة برصانة الفكر، وعمق التواصل الدؤوب لخدمة المحتاجين والرفع من شأنهم؛ حيث تربت على هذا الخلق على يد والدتها الأميرة أم ماجد بن عبدالعزيز - رحمها الله - التي رعت كثيراً من الأسر المحتاجة من أرامل وأيتام وعجزة وكبار سن.

وتستشعر الأميرة (سلطانة) وهي تقوم بهذا العمل الخدمي الجليل بأنها في غاية السعادة؛ لأنها تفرج عن مؤمن كربة؛ فالحس المرهف والعطف والعون والتكافل ينساب في عروقها؛ لأنها قيمة رفيعة ذات رجع عال ومتميز، معبرة عن روح الإسلام السمحة؛ حيث يعبر عن هذه السماحة والقيم الإنسانية كبار المفكرين وأصحاب الرؤوس والنظريات في الدراسات العلمية؛ فهم يرون أن الظاهرة الإنسانية يتم تحقيقها تحقيقاً عن طريق تطبيقها في أرض الواقع؛ حيث الفَهم والتواصل لصالح الإنسان والمجتمع.

ومجتمعنا العربي الإسلامي بصفة عامة والمجتمع السعودي بصفة خاصة متكامل النظم الاجتماعية التي تنشد تحقيق النمو الاجتماعي والاقتصادي في معية النمو الروحي والأخلاقي للإنسان.. حتى يتمكن من القيام بأداء رسالته القائمة على الأخوة والتعاون والتكامل بما يدفع به إلى العمل البنّاء والإنتاج مدعوماً في ذلك بالحب والرضا وشحذ الهمة لعطاء متميز، قادر على تكوين علاقات سوية مع الذات والآخر، وهذا ما ساهمت في إيجاده الأميرة (سلطانة بنت عبدالعزيز - رحمها الله)؛ لأن ما تقدمه من خير يصب في مجال الصحة النفسية للمتلقين.. وعطاؤها المتميز المتسم بالأخلاق الإسلامية يتفق مع قول الله عز وجل في سورة الحج : 77- 78:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ

لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}. اللهم اغفر لسمو الأميرة سلطانة، واجعل قبرها روضةً من رياض الجنة، واجعل ما أنفقته من خير في سد حاجة المحتاج من يتيم أو أرمل أو أرملة أو شيخ

أو عجوز أو معاق في ميزان حسناتها إن شاء الله.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد