Al Jazirah NewsPaper Tuesday  22/07/2008 G Issue 13081
الثلاثاء 19 رجب 1429   العدد  13081
المعاني السامية في خطاب خادم الحرمين الشريفين
عبد الله بن راشد السنيدي

تناقلت وكالات الأنباء العالمية، ونشرت الصحف في مختلف الدول خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - الذي افتتح به المؤتمر العالمي للحوار في العاصمة الإسبانية (مدريد). كما أثنى العديد من رجال السياسة في العالم على ما ورد في الخطاب..

.. من فكر موضوعي ومعانٍ سامية، تهدف إلى التآخي الإنساني والعمل المثمر الذي يخدم البشرية.

والذي يمكن قوله في هذا المجال، إنّ هذا الثناء على الخطاب الملكي ليس بالأمر المستغرب، فالجميع يدرك الجهود التي يبذلها الملك عبد الله - رعاه الله - في سبيل سعادة الإنسانية، وإبعادها عن مواطن الضياع والرِّيبة والشُّبهات، فقد اجتمع ببابا الفاتيكان مرتين، مرّة عندما كان ولياً للعهد والمرة الثانية بعد تولِّيه مقاليد الحكم، وقد كان لهذين اللقاءين أثرهما الإيجابي على العلاقة بين الإسلام والأديان الأخرى وبالذات الدين المسيحي، خاصة بعد التُّهم التي وُجِّهت للإسلام بأنّه دين يدعو للإرهاب والعنف، وبالذات بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، فقد جاء هذان اللقاءان ليثبتا سماحة الإسلام وصلاحيته لكلِّ زمان ومكان، باعتباره آخر الأديان السماوية، ورسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم هو آخر الأنبياء والمرسلين، الذي كان يحترم الأديان الأخرى والأنبياء والرُّسل الآخرين عليهم الصلاة والسلام ويقدِّرهم، والدليل على ذلك أنّه صلى الله عليه وسلم لمّا قدم إلى المدينة المنورة مهاجراً من مكة المكرمة، وعلم بصيام اليهود في يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي نجَّى الله عز وجل فيه رسوله موسى عليه السلام من بطش فرعون، قال النبي محمد عليه الصلاة والسلام أنا أولى بموسى منهم، فصام هذا اليوم وأمر المسلمين بصيامه.

كما أنّ الدعوة للحوار وتبادل الرأي، ليس بالأمر المستغرب على خادم الحرمين الشريفين - أيّده الله - ، فقد وجَّه بإنشاء مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، وهو مشروع داخلي يخصُّ المواطنين في المملكة العربية السعودية، وقد عقد هذا المركز العديد من اللقاءات في مختلف مناطق المملكة، وطرح في كلِّ لقاء أحد الموضوعات الحيوية التي تتطلّب الدراسة وتبادل الرأي، للوصول إلى رؤية مشتركة تخدم الصالح العام.

كما وجَّه بعقد اللقاء الذي تم في مكة المكرمة بين علماء ومفكِّري الأُمّة الإسلامية، والذي أسفر عن عدد من النتائج الإيجابية التي تهدف إلى وحدة المسلمين الفكرية والثقافية.

إذاً فإنّه لا غرابة في أن يحظى خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله - وفَّقه الله - في المؤتمر العالمي للحوار بهذا الاهتمام من ساسة العالم ووسائل الإعلام، وذلك للمعاني السامية التي ركَّز عليها هذا الخطاب وهي:

- كانت بداية الخطاب الآية العظيمة التي جاءت بمبدأ المساواة التي يدعو إليها الإسلام بين سائر البشرية، وهي قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، فالإسلام بهذه الآية لم يفرِّق بين إنسان وآخر بسبب لونه أو جنسه أو قوميّته، بل جعل المعيار في التفاضل هو تقوى الإنسان وإيمانه ومساهمته في مصلحة المجتمع.

- تأكيد الخطاب الملكي على أنّ الإسلام دين اعتدال ووسطية وتسامح كما أقرّ ذلك علماء المسلمين في اجتماعهم الأخير في مكة المكرمة، ويأتي ذلك مصداقاً لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (ليعلم يهود بأني بُعثت بالحنيفيّة السمحة).

- التأكيد على أنّه ليس هناك ما يحول دون الحوار بين أتباع الأديان السماوية باعتبارهم مؤمنين بربٍّ واحد وهو المولى عزّ وجل، وأنّ الاختلافات لا ينبغي أن تؤدي إلى الصراع والنزاع.

- إنّ الحوار ينبغي أن يهدف إلى إصلاح شأن البشرية وانتشالها مما تعاني منه من ظلم وضياع وعنصرية.

- التأكيد على أهمية الإنسان الذي أوجده الله عزّ وجل ليكون خليفة في الأرض، فالإنسان الذي سخّر له كل شيء قادر بإذن الله على الترفُّع عن صغائر الأمور وأسوأها إلى المستوى الذي يحقق منه الهدف الذي من أجله وجد في هذه الأرض وهو عبادة الله وإعمار الكون.

وفَّق الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - لما فيه خير الإسلام والإنسانية جمعاء.

فاكس: 014032285



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد