Al Jazirah NewsPaper Sunday  03/08/2008 G Issue 13093
الأحد 02 شعبان 1429   العدد  13093
شيء من
مع الدكتور الفهيد
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

قرأت رأي الدكتور فهد الفهيد -الذي يعمل عميداً لكلية أصول الدين في جامعة الإمام كما عرف بنفسه- وقرأت النقاط التي أثارها حول حواري مع الشيخ صالح الفوزان. وأود هنا أن أسجّل ما أراه حول ما طرحه الدكتور الفهيد:

أولاً: يقول: (إن الواجب في النصيحة لأهل العلم أن تكون فيما بينه وبينهم سراً بالاتصال أو بالمكاتبة أو بالزيارة، وأما الكتابة في الصحف فليس هذا من الأدب فأهل العلم لهم مكانتهم وتقديرهم وحرمتهم). أهل العلم مثلهم مثل بقية المسلمين؛ فكلنا راد ومردود عليه إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم؛ فالمسوغ لرفض (النصيحة) هو التحريض -كما فهمت- فهل (نقد) الفقيه هو تحريض؟ قد يكون ذلك مقبولاً في دولة (الولي الفقيه) أما في بلادنا فلا كهنوتية يا فضيلة العميد.

ثانياً: الشيخ صالح الفوزان كان له فتاوى، ووقع على فتاوى، نهى فيها عن مناصحة ولي الأمر جهراً، وهذه النصائح التي تم النهي عن نشرها قد يحملها مصدروها -وناشروها أيضاً- على أنها: (تبيان للناس في مسائل العلم والدين، حتى وإن خالفت ما رآه ولي الأمر وسلطان الوقت في زمنهم)، كما جاء في رد الدكتور بالنص؛ وهذه نقطة في غاية الأهمية والخطورة في الوقت ذاته، والسؤال: هل يوافق الشيخ الفوزان على ذلك؟ والسؤال الثاني: هل الدكتور الفهيد بهذا الرأي يجد -إذن- لمن أصدروا المذكرة (التحريضية) والمسماة (مذكرة النصيحة) عذراً في إصدارها، لأنهم (متبعون) وليسوا (مبتدعين). والسؤال الثالث والأهم: هل هذا الرأي يتوافق من حيث التوجه مع فتوى كبار العلماء في عدم جواز (نشر) تلك المذكرة التحريضية التي صدرت آنذاك؟ والسؤال الرابع الذي يفرضه السياق: هل قرأ العميد -أصلاً- فتوى كبار العلماء في تلك المذكرة التحريضية قبل أن يكتب رده؟

ثالثاً: القياس بالإمامين أحمد بن حنبل، وابن تيمية - رحمهما الله- قياس مع وجود الفارق، كان من المفروض ألا يفوت على العميد. فالشيخ صالح، وكذلك كل أعضاء هيئة كبار العلماء، يعملون في (مؤسسة) استشارية أنشأها ولي الأمر، أي أنهم (موظفون) عند ولي الأمر، يأتمرون بأمره، ويستمدون (صلاحياتهم) منه في ممارسة وظائفهم، ويتقاضون رواتبهم بناء على أنظمة إدارية ومالية تنظم هذه الشؤون؛ بمعنى أنهم جزء من التشكيل النظامي للدولة الذي يقف على الهرم منها ولي الأمر صاحب البيعة. في حين أن الإمامين ابن حنبل وابن تيمية لا يرتبطان بأي شكل من الأشكال بالسلطان في زمانهما؛ فأعضاء هيئة كبار العلماء في هذا السياق هم بمثابة (القاضي) في دولة الشريعة الذي لا تنعقد له ولاية إلا بتعيين الإمام. وهذا ما جعل القياس الذي أورده العميد لا محل له هنا. وهو -بالمناسبة- ما جعلني أتحفظ على مخاطبة الشيخ صالح -وفقه الله- المختلفين معه من الكتاب الصحفيين بصفته الوظيفية، وعلى أوراقه الرسمية، وليس الشخصية.

رابعاً: يقول الدكتور الفهيد: (فإني آمل أن يلاحظ الكاتب أن آراءه التي ينادي بتطبيقها في المجتمع لم يسلك فيها مسلك النصيحة السرية للمسؤولين، فليحرص على أداء النصح سراً فإن هذا أنفع له وللمنصوح وللمسلمين). أنا -يا فضيلة العميد- أكتب رأياً إنسانياً، يحتمل الصواب مثلما أنه يحتمل الخطأ، ولا أطالب -إطلاقاً- أن يُحمل الناس عليه بالقوة، أو بالجلد بالسياط. في حين أن (الموقع عن رب العالمين) يُقرر (حكماً) ربانياً؛ إذا تجاوزته فأنت تتجاوز الشرعية التي قامت عليها هذه الدولة. وهنا الفرق الذي يجب ألا يغيب على أمثالك؛ وقد أشرت إليه بوضوح في كل مداخلاتي في هذا الشأن.

هذا رأيي فيما احتوته مداخلة الدكتور الفهيد من نقاط مهمة، وقد جاوزت ما وجدته أقل أهمية نظراً لضيق الحيز. ومرة أخرى هي مجرد رؤية إنسانية وليست ربانية، له أن يقبلها، مثلما له أن يرفضها جملة وتفصيلاً, إلى اللقاء.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6816 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد