Al Jazirah NewsPaper Tuesday  12/08/2008 G Issue 13102
الثلاثاء 11 شعبان 1429   العدد  13102
شيء من
متى يُحاسب المحافظ؟
محمد عبداللطيف آل الشيخ

رغم السقف الجيد، والمساحة الأوسع من ذي قبل التي تتيحها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله- لنقد ممارسات الوزارات، ومؤسسات الحكومة، وتبيان اعوجاجاتها، إلا أن تجاوب هذه الوزارات مع النقد الصحفي، والرد على المنتقدين، في غاية الضعف. التطنيش - للأسف- هو السمة التي تغلب على العلاقة بين الصحافة والمؤسسات الحكومية. فالمؤسسات الحكومية - في الغالب- لا تهتم بما يكتب عنها، وكأن الأمر لا يعنيها، حتى ليشعر الكاتب - أحياناً- بأنه يتحدث في صحراء خالية يحفها السراب من كل جانب.

السبب أن المسؤول الحكومي سواء تجاوب أو تجاهل فالأمر سيان؛ أي أنه في حصن حصين من أن تطاله المسألة ومواجهته بأخطائه، فضلاً عن (عقابه)؛ خطورة مثل هذا الوضع أن من أهم وظائف وسائل الإعلام في المجتمعات المعاصرة هي (الرقابة)؛ وعندما تتحقق الرقابة (كفعل) ولا يقابلها من الجهة الحكومية أي نوع من أنواع (رد الفعل)، فأنت في هذه الحالة كمن يكتشف العلة في الجسد ثم يتركها دون علاج، أو يعالجها بالمسكنات (الوعود)، والتي لا تقضي على المرض وإنما قد تساهم في تخفيف (الألم)، ومع مرور الوقت يتحول المرض والألم معاً إلى مرحلة لا تنفع فيها حتى المسكنات. النقد ليس غاية في حد ذاته، وإنما وسيلة لتحقيق الضبط في الأداء الحكومي؛ فإذا امتنعت الجهة التي تتعرض للنقد من التجاوب والتفاعل في ممارسة من شأنها تصحيح أوضاعها، يصبح النقد بلا فائدة.

مثلاً كنت قد كتبت قبل فترة، وتحديداً في 18-5-2008م مقالاً عمّا حل بسوق الأسهم، وأن مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، تتحمل قسطاً كبيراً من مسؤولية (الكارثة)، وتطرقت حينها إلى الأسباب بالتفصيل، وأهمها أن (محافظ) مؤسسة النقد كان قد صرح والسوق في قمة صعوده أن: (ساما -أي مؤسسة النقد- مستعدة لمعالجة أي آثار سلبية لهبوط حاد لأسعار الأسهم في حالة حدوثه) كما جاء في جريدة عكاظ؛ الأمر الذي جعل من في ذهنه ولو قليل من حذر، يدخل السوق وهو (مغمض)؛ طالما أن مؤسسة النقد -كما أكد محافظها- سوف تتدبر أمر أي آثار سلبية تكتنف السوق، ولا داعي للقلق أو الحذر أو التردد. ومنذ ذلك المقال وحتى كتابة هذا المقال لم نسمع من معالي المحافظ -حفظه الله- أي رد فعل، أو تعليق، أو توضيح، ومرة أخرى: وكأن ليس له، ولا لجهازه، ولا لوعوده التي أطلقها، فيما حل بالناس من خسائر ناقة ولا جمل؟ ف(التطنيش) واللامبالاة كان هو لسان حاله أمام هذا النقد للأسف!

إننا في أمس الحاجة للاطمئنان على أن أوضاعنا الاقتصادية، وعلى رأسها الاستثمار في الداخل، يُشرف عليه، ويديره، منهم أهل للثقة والقدرة والتمكن، والتعامل مع ما يواجهنا من (متغيرات) بما يكفل تعزيز الثقة، وتكريس الاستقرار الاقتصادي في البلاد. وفي تقديري أن هذا (الاطمئنان) لا يتحقق إلا إذا تم (الضغط) على المسؤولين من قبل القيادة، وحملهم على التجاوب مع النقد وعدم (تطنيش) ما يطرح من انتقادات، ليتسنى لنا - بالتالي- (محاسبتهم)؛ فمن غير المعقول والمقبول أن يترك الناس يواجهون أخطاء غيرهم، ويخسرون (جل) مدخراتهم، ولا يُحاسب المتسبب؛ خاصة ونحن نعيش في كنف ملك عادل، جعل الإصلاح والتقويم شعار عهده الميمون.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6816 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد