Al Jazirah NewsPaper Tuesday  12/08/2008 G Issue 13102
الثلاثاء 11 شعبان 1429   العدد  13102
محمود عبدالله طيبة رحمه الله
د. صالح بن سليمان الوهيبي

إن كان للمرء نصيب من اسمه، كما يقال, فإن لمحمود طيبة أوفر نصيب فيما أحسب، والله أعلم؛ إذ كان مثالاً للطيبة وحسن الخلق والتواضع. وكان محمود السيرة, صاحب دين وخير... عليه رحمة الله.

تابعت أخباره وهو في مرضه الذي توفي فيه, وحاولت زيارته فلم أقدر, وشاءت إرادة الله ألا أراه في مرضه على الرغم من قرب الدار والقلوب. وبلغني نبأ وفاته وأنا في مدريد؛ فشعرت بحسرة وألم شديدين لفقد شخص عزيز على نفسي؛ فالحمد لله على ما قدّر, ولا حول ولا قوة إلا بالله... وإنني لأقدم تعازيّ إلى أبنائه وبناته الكرام، وإلى محبيه سائلاً الله أن يعوضهم خيراً، وأن ينزل عليهم السكينة والرحمة.

زاملت معالي المهندس محمود في العمل الخيري, وكنا نلتقي في الندوة العالمية للشباب الإسلامي وغيرها، ونتبادل هموم العمل من بعد أحداث أمريكا التي لا تزال تلقي بظلالها علينا, وكان لديه مؤسسة خيرية أسماها (مؤسسة الحرمين والمسجد الأقصى) معنية بالأيتام في البوسنة بالذات. وقد لقي العنت كما لقينا من بعد وقف التحويلات المالية إلى الخارج، واشتركنا معاً في شرح الوضع للمسؤولين وإيصال الصورة الصحيحة لهم.

ومن شدة تواضعه لم يقبل أن يكون رئيساً لأي وفد نذهب فيه معاً لزيارة مسؤول, بل كان يلقي الأمر عليّ, متعللاً حيناً بأننا أخبر بالعمل, وحيناً بثقل السمع, وحيناً يلقي ابتسامة جميلة دون تعليل.. ما أروع ذلك الرجل!! وما أشد خسارتنا بموت أمثال محمود عبدالله طيبة من الأتقياء الأخفياء الذين لا يعلم عن عملهم النبيل إلا القليل ممن يباشره معهم, ولكنه قدر الله, نسأل الله أن يعوض الأمة خيراً, وأن يبارك في مَن بقي.

كنت أعجب من دأبه - عليه رحمة الله -؛ إذ كان صاحب علاقات واسعة اجتماعية وعملية.. وكان يطرب إذا سئل عن الجمعيات وعملها. وكان شديد الدقة في الحفاظ على المواعيد, فقلما يتأخر عن لقاء.

دخل عليّ في الندوة العالمية يوماً، وتبدو عليه البسمة والسرور؛ فبادرت أبا هاني بالتحية، فرد عليّ وجلس والبشر يملأ وجهه, وقال: أتدري.. أنا في أوج السعادة اليوم! قلت: الحمد لله, ويسرني أن تكون كذلك... فما الأمر؟ قال: وقعنا اليوم اتفاقية لبناء محطة كهرباء بكذا وكذا, وذكر المبلغ.. قلت: ما الجديد؟ قال: الجديد هو أننا مقبلون على أزمة كهرباء كبرى إن لم يقم المشروع نظراً إلى سرعة التوسع وشدة الطلب على الكهرباء!! وأسأل الله أن يجنب بلادنا ذلك, وقد تأخر المشروع قرابة ست سنوات.

هكذا كان أبو هاني يفرح لبلده ولأبناء بلده ولأمته.. عاش لكل أولئك, ورحل تاركاً وراءه ذكراً حسناً وسيرة عطرة في خدمة الناس وبذل المعروف وإسعاد المحتاجين.. فاللهم تغمد أبا هاني برحمة منك واسعة, وآنس وحشته, وبارك في مَن بعده من أولاد وبنات وأقرباء ومحبين... آمين.

- الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد