Al Jazirah NewsPaper Tuesday  12/08/2008 G Issue 13102
الثلاثاء 11 شعبان 1429   العدد  13102
واجب الآباء نحو الأبناء
صالح بن عبدالله الزرير التميمي

من أهداف وحكمة الزواج الاستقرار وتكوين أسرة يسود جوها الألفة والمحبة والائتلاف بين الرجل والمرأة، والرزق بأولاد تقر بهم العين وتسر برؤيتهم، يعيشون في محيط تربوي ومحضن طيب مع ابن وأم في بيت واحد كما قال ربنا جلّ وعلا في سورة الروم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}. لذا كان من دعاء الناس للمتزوج: (رزقك الله بالذرية الصالحة)، والأب والأم بلا شك عليهم مسؤولية كبيرة تجاه الأبناء تربية ورعاية واهتماماً خاصة الأب الذي يعتبر هو رب الأسرة والذي تقع على عاتقه المسؤولية الكبرى في ذلك، فهو المسؤول عن الجمل وما حمل، عن الأولاد والزوجة، وكل ما يخص التوجيه والنصح والإرشاد والتربية للأبناء بمساعدة من زوجته التي تتحمل عبئاً كثيراً داخل البيت من الاهتمام بالزوج وما يحتاج وكذلك الأولاد، وتتحمل جزءاً من مسؤولية تربية الأولاد، ولأهمية هذا الموضوع أحببت أن أساهم في توضيح واجب الأب تجاه أبنائه وواجب الأبناء تجاه والديهم، مبتدئاً بواجب الأب تجاه أولاده الذين هم أمانة في عنقه سيسأل عنهم يوم القيامة، وسيؤجر على حسن صنيعه هذا، ومن ذلك:

1- تعليمهم ما يفيدهم من أمور دينهم ودنياهم، وهي من الأمور التي يحتاجها الأبناء كثيراً.

2- النفقة عليهم وهذه من مسؤوليات الأب التي يجب عليه أن يقوم بها منذ الصغر حتى يكبروا ويستغنوا عن أبيهم ولعل زواجهم هو الحد الفاصل في ذلك.

3- العدل بينهم في المعاملة والنفقة وفي كل شيء.

4- حسن المعاملة لهم فلا يكن الأب قاسياً معهم ولا لينا، بل يتوسط في معاملته، ويستعمل المرونة في ذلك وخير الأمور الوسط، وكلما كان الأب مرناً مع أبنائه معاملاً لهم معاملة طيبة زاد حبهم له وقربهم منه.

5- نصحهم وتوجيههم، وتحذيرهم من كل ما يضر بهم من سهر ومجالسة لرفقاء السوء، وبعد عن الله بالتهاون في الفرائض والواجبات الدينية.. إلخ. والأب العاقل هو الذي يعرف كيف يكسب محبة وود أبنائه، ويعودهم على الصدق والأمانة، واحترام الآخرين.

6- مد يد العون لهم في كل ما يحتاجونه ويضطرون إليه.

7- تزويجهم عندما يطلبون ذلك، بمساعدتهم بالبحث عن الزوجة الصالحة المناسبة، ودفع المال لهم، وكل ما يسهل ذلك.

8- الدعاء لهم في كل الأوقات خاصة أوقات الإجابة بالصلاح، والبعد عن مواطن الفساد والريبة، والنفع لهذه الأمة التي تحتاج لهم.

أما بالنسبة لواجب الأبناء تجاه والديهم، فهو واجب عظيم يجب على كل ولد وبنت أن يتبهوا له حتى لا يتعرضوا لعقاب الله في الدنيا والآخرة، والعاقل خصيم نفسه، ومن أراد باباً من أبواب الجنة فليقهم بحقهما قبل أن يأخذه هادم اللذات فيخسر خسراناً مبيناً، ومن أجل وأفضل العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه القيام بحقوق الوالدين ومنها:

1- الإحسان إلى الوالدين بطاعتهما وتلبية احتياجاتهما، وتنفيذ أوامرهما، والسمع والطاعة لهما، وخفض الجناح، وعدم رفع الصوت عليهما، استجابة لأمر المولى، وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام، يقول جلَّ من قائل عليماً في كتابه العزيز في سورة الإسراء: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}،

وقال عليه الصلاة والسلام لما سأله أحد الصحابة عن أحق الناس بصحبته: (أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك) وقال في حديث آخر بأبي وأمي هو صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن أي الأعمال أفضل: (الصلاة على وقتها ثم قال أي، قال بر الوالدين، ثم قال أي قال الجهاد في سبيل الله).

2- البر بهما في حياتهما وبعد مماتهما بالدعاء لهما، والتصدق عنهما، والإحسان إلى صديقهما، وهذا منهج الله الذي رسمه لعباده، فهذا أحد الأنبياء وهو يحيى عليه السلام كان حريصاً على البر بوالديه كما أخبر الله ذلك عنه في سورة مريم: {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا}، وكذلك عيسى عليه السلام الذي قال عن نفسه: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا}.

3- الدعاء لهما في الصلاة وفي كل وقت وخصوصاً في أوقات الإجابة التي ذكرها نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، يقول ربنا في محكم كتابه: {وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}، وقوله سبحانه وتعالى على لسان إبراهيم عليه السلام: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ...} الآية، وكما ورد في السُنّة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم أن المصلي بين السجدتين يقول: (رب اغفر لي ولوالدي).

4- خدمتهما والوقوف عند أوامرهما بتنفيذها دون نقاش، والتأدب معهما أثناء الحديث.

5- إدخال السرور عليهما بكثرة الجلوس معهما والاستمتاع لحديثهما بإنصات وإعجاب، والسفر بهما عندما يرغبان ذلك.

6- الاستئذان منهما عند الخروج من المنزل أو الرغبة في السفر، وتقبيل رأس كل منهما عند رؤيتهما.

7- تقديم النصح لهما عندما يحتاجان لذلك بطريقة لبقة ليس فيها جرح لمشاعرهما ولا إهانة ولا تعد للحدود.

ختاماً: هذه أبرز الحقوق لكل من الوالدين والأبناء بينتها في مقالتي الآنفة متمنياً أن تجد صداها لدى الجميع، ويجدون فيها ما يفيدهم وينفعهم، سائلاً المولى جلت قدرته أن يهدينا جميعاً للبر بوالدينا، وأن يرق قلوب الآباء لأبنائهم، وأن يجعل مقرنا ومآلنا جميعاً إلى جنات النعيم.

- الرس


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد