السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت ما كتبه محمد بن عبداللطيف آل الشيخ بعنوان (المرأة والسفر) في العدد 13076 في صفحة المقالات، ولأهمية هذا الأمر الذي يخص بنات حواء شقائق الرجال أردت أن أوضح بعض ما جاء في مقاله الذي فيه دعوة صريحة منه لتأليب النساء على أوليائهن، وشق عصا الطاعة، وتجردهن من وصايتهم وولايتهم من خلال السفر لأي مكان يردنه دون أخذ الإذن منهم وخاصة الأزواج، ولخطورة ما دعا إليه رأيت من الواجب علي أن أدافع عن الحق الذي أراد أن يرمي به في مكان سحيق متناسيا أن طاعة المرأة لزوجها أو لوليها عموماً واجب عليها، وأمر في صالحها الهدف منه حمايتها وحفظها من أطماع العابثين، وكل من في قلبه مرض، وسفرها لوحدها دون محرم مصيبة ستجلب لها المتاعب والمصاعب حين تتلفت يمنة ويسرة في سفرها فلا تجد من يعينها ويكون سنداً لها، وفوق كل ما ذكرته آنفاً فإن منع المرأة من السفر لوحدها إلا بعد موافقة وليها سواء أكان ذلك الولي زوجها أو أخوها أو ابنها أو والدها أمر شرعه الله، بل لا يجوز لها أن تسافر لوحدها إلا مع وجود محرم يحميها ويحفظها من كل طامع وعابث يرتبص بها ريب المنون، لا كما رمى إليه الكاتب وصوره بأن ذلك المنع تضييق على المرأة، وإجحاف لها، وسلب لحقوقها كما زعم وتصوروا بالله عليكم حال المرأة حينما تسافر لوحدها بدون رجل يسندها ويحميها من النظرات المسمومة من ذئاب البشر حينما تقع فريسة لهم بعد أن وجدت وحدها بدون ظل يحميها من المتربصين، وسهام الشياطين من الإنس والجن خاصة في هذا الزمان!
وعموماً نحن نحتكم لأدلة الوحيين، ونأخذ بأقوال العلماء الربانيين الثقات الذين يستمدون فتاواهم من كتاب الله وسنة الحبيب عليه الصلاة والسلام، وأقوال الصحابة والسلف الصالح رضوان الله عليهم لا للعواطف والهوى المتبع بدون هدى من الله، وسفر المرأة بدون محرم أو بدون إذن وليها محرم شرعاً وإثم عظيم وكلنا مطالبون باتباع الشرع الحنيف بامتثال أوامر الله وما جاءت به السنة المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم قال الحق تبارك: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (54) سورة النور، وحتى لا أطيل في تعقيبي في أمر لا يحتاج للإطالة إذ إن حكمه لا يحتاج إلى اجتهاد بعد أن أوضحه العلماء، وهذه فتوى عن تحريم سفر المرأة بدون محرم لفضيلة الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله - هذا نصها: (تمنع المرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم يصونها ويحميها من أطماع العابثين والفسقة، فقد جاءت الأحاديث الصحيحة تمنع سفر المرأة بدون محرم، منها ما رواه ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا ومعها ذو محرم).
وعن أبي سعيد - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تسافر المرأة مسيرة يومين أو ليلتين إلا معها زوجها أو ذو محرم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لامرأة تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها). متفق عليه انتهى كلامه حفظه الله، أما بالنسبة لما يخص خروج المرأة أو سفرها بدون إذن وليها وحرمة ذلك أن المرأة لا تخلو في هذا من حالين: أن تكون متزوجة أو غير متزوجة، فإذا كانت متزوجة فلا تخرج إلا بإذن زوجها قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (لا يحل للزوجة أن تخرج من بيتها إلا بإذن وإذا خرجت من بيت زوجها كانت ناشزة عاصية لله ورسوله ومستحقة للعقوبة). مجموع فتاوى شيخ الإسلام (32 -281) وقال ابن قدامة - رحمه الله -: (قال أحمد في امرأة لها زوج وأم مريضة طاعة زوجها أوجب عليها من أمها إلا أن يأذن لها ولأن طاعة الزوجة واجبة فلا يجوز ترك الواجب لما ليس بواجب، ولا يجوز لها الخروج إلا بإذنه ولكن لا ينبغي للزوج منعها من عيادة والديها وزيارتهما، لأن في ذلك قطيعة لهما وحملاً لزوجته على مخالفته، وقد أمر الله تعالى بالمعاشرة بالمعروف. المغني (7-244) فإذا كان هذا بمجرد الخروج من البيت فكيف بالسفر خارج البلد!! وإذا كانت غير متزوجة فلا يجوز لها الخروج إلا بإذن الأبوين في حال وجودهما، أو الجد في حال عدم وجود الأب كما قرر ذلك أصحاب المذهب وهذا ما تيسر لي توضيحه حتى لا يضل الناس بغير علم، سائلاً المولى جل وعلا لي ولأخي ولجميع المسلمين الهداية، وسلوك الطريق المستقيم والقول بالحق المبين الذي جاء به كتاب ربنا وسنة نبيه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
صالح بن عبدالله الزرير التميمي
الرس ص.ب 1200