Al Jazirah NewsPaper Tuesday  19/08/2008 G Issue 13109
الثلاثاء 18 شعبان 1429   العدد  13109
لا مانع من قيادة المرأة للسيارة بثلاثة شروط

قرأت تعقيب الأخ ماجد الفهيد في عدد الجزيرة الصادر يوم الأحد 2-8-1429هـ على الأخت سلوى أبو مدين في صفحة الرأي حول قيادة المرأة للسيارة، وكنت متردداً في التعقيب وطرح رؤيتي حول القيادة، إلا أن الكاريكاتير الرائع في عدد الجزيرة ليوم الخميس 13-8-1429هـ للأخ المبدع هاجد، الذي عبر بالصورة أبلغ التعبير عن قياة المرأة (السلبيات - والإيجابيات) بصورة يفهمها اللبيب ويقتنع بها العاقل، جعلتني أطرح ترددي بعيداً وأقول: إن كل مسلم يعلم علم اليقين أن الدين الإسلامي يتغلغل في مفاصل الحياة كلها، وأن الإنسان يتعبد ربه في جميع شؤونه وتصرفاته، فالعبادة ليست محصورة في الصلاة وبقية أركان الإسلام. فالصدق عبادة وحسن التعامل عبادة، والتقيد بالأنظمة العامة في الطرق والميادين عبادة، وتحري السلوكيات التي تعطي الآخرين انطباعاً حضارياً عبادة، ونبذ الأعراف والتقاليد المخالفة للإسلام واجب، وكل ذلك عبادات يؤجر عليها المسلم إذا توفرت النية الصادقة واحتسب عمله لله.

هنا نكون تمثلنا الإسلام في كل شيء ولكن الإسلام راعى الثابت والمتحول في الحياة فأنزل الشرائع الثابتة للثابت، وجعل للمتحول أطراً عامة وفيها مساحة واسعة للاجتهاد ولا يحجر فيها على أحد، وهناك قضايا متروكة لعامة الناس يحكمون بها من واقع تجاربهم وحياتهم، كما بينه حديث عائشة رضي الله عنها (إن النبي صلى الله عليه وسلم سمع أصواتاً فقال ما هذا الصوت قالوا النخيل يؤبرونها -التأبير التلقيح- فقال لو لم يفعلوا لصلح فلم يؤبروا عامئذ فصار شيصاً -التمر أو البسر الرديء- فذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إن كان شيئاً من أمر دنياكم فشأنكم به وإن كان من أمور دينكم فإليّ. أخرجه بن ماجه وأخرجه مسلم والإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه. فقيادة المرأة للسيارة تدخل في هذا الحيز، وهي من المباحات، وتحفظ بعض أهل العلم جاء سداً للذريعة وهي قاعدة فقهية مشهورة والذريعة هي الوسيلة. بمعنى أن قيادة المرأة للسيارة وسيلة قد تفضي بها إلى محرم يضر بها لذا تسد أي تمنع فأي مباح صار وسيلة إلى حرام منع هذا المباح. وكذلك القاعدة الفقهية الأخرى التي تقول (درء المفاسد أولى من جلب المصالح) بمعنى إذا تعارضت المفسدة مع المصلحة فدفع المفسدة أولى أما إذا أمنت المفسدة فيستحب عمل المصلحة، فالمفسدة في القيادة محتملة ومظنونة والمصلحة متحققة، ولو سلمنا بوجود مفسدة، فلو سمح للمرأة بالقيادة بشروط ثلاثة: أن تكون بالغة رشيدة. أن تكون القيادة داخل المدينة أو القرية. أن تمنع من مفارقة بنيان المدينة أو القرية بعيداً، أو السفر إلا بمحرم. في هذه الحالة تختفي المفسدة المتوقعة والمحتملة، ويصبح سد الذريعة لا جدوى منه.

وإذا تعرضت لمضايقة أحد فيد السلطة قوية وتضرب بيد من حديد على كل عابث ومستهتر. ثم إن المصالح راجحة ومحققة من أبرزها الاستغناء عن آلاف السائقين الذين يملؤون الشوارع والميادين، ويضيقون على البلاد والعباد، وكذلك انخفاض أعداد سيارات الليموزين المنتشرة والتي هي أحد أسباب الزحام خاصة في مدينة الرياض وجدة وكذلك تفادي وهي من أهم المصالح الخلوة المحرمة التي نشاهدها ونراها يومياً في شوارعنا وعلى أرض الواقع، وكذلك التقليل من حجم المشاكل والقضايا الناتجة عن الخلوة والتي نسمع عنها وهي مؤكدة ولا تخفى على عاقل. هذه من أهم المصالح. فهل نفوتها بسبب منع المرأة من قيادة السيارة والقاعدة الفقهية المعروفة تقول (ما حرم سداً للذريعة أبيح لمصلحة راجحة) قال ابن تيمية رحمه الله وكذلك تلميذه ابن القيم (النهي إذا كان لسد الذريعة أبيح للمصلحة الراجحة) (فتاوى ابن تيمية م1 - 164) (وابن قيم إعلام الموقعين 2-161) والقاعدة بعبارة أخرى (الفعل المنهي عنه سداً للذريعة يباح للحاجة والمصلحة الراجحة) قال الإمام السيوطي رحمه الله في (الأشباه والنظائر) (الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة) والحاجة هنا هي التي يلحق بفواتها حرج ومشقة كما هو حاصل مع كثير من النساء ومعاناتهن في التنقل وقضاء حوائجهن وبخاصة ممن ليس لديها من يخدمها. وكم هو الشوق شديد أن نناقش القضايا المطروحة بشفافية وصدق، ونية حسنة ولفظ جميل، وأن نصحوا يوماً فلا نجد في شوارعنا سائقين يقودون نساءنا يميناً وشمالاً، ولا كثافة لسيارات (الليموزين).

سليمان بن صالح الدخيل الله - بريدة



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد