Al Jazirah NewsPaper Thursday  21/08/2008 G Issue 13111
الخميس 20 شعبان 1429   العدد  13111
أمريكا تحذر روسيا من غزو جورجيا: يا للعجب؟
عبد الله بن راشد السنيدي

لا أحد يختلف أن الولايات المتحدة الأمريكية من الدول المعاصرة ذات الأهمية في مجال الديمقراطية والحرية والإنسانية والتعدد والتقدم واستقطاب الآخرين، وأن لديها نظاماً فريداً في الحكم.

حيث تستقل كل من السلطات الحاكمة فيها عن الأخرى، ومدة الإدارة السياسية فيها محدودة جداً، أربع سنوات قابلة للتمديد لأربع سنوات أخرى فقط، كما أن الولايات المتحدة ناصرت العديد من قضايا العدالة في العالم كقضية شعب البوسنة وكوسوفو.

وقد ظلت الولايات المتحدة مقصداً لكثير من شعوب العالم للسياحة أو الدراسة أو العلاج، وذلك بسبب تقدمها، إضافة إلى سهولة الدخول إليها، قبل أن يتغير ذلك بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر لسنة 2001م، فقد تغيرت الولايات المتحدة بعد هذا التاريخ وأصبح الدخول إليها من الأمور المستعصية خاصة لمواطني الدول العربية والإسلامية ودول العالم الثالث.

إن التسعة عشر رجلاً الذين هاجموا بعض المنشآت المهمة في الولايات المتحدة صبيحة الحادي عشر من سبتمبر لا يمثلون إلا أنفسهم والفكر الذي يحملونه منبوذ من حكوماتهم وشعوبهم، وكان يفترض من الولايات المتحدة الأمريكية عدم تعميم جريرتهم على غيرهم.

لقد مضى على تلك الإجراءات المشددة التي طبقتها الولايات المتحدة على من يرغب زيارتها نحو ثماني سنوات ولم تكتشف حالة واحدة، يهدف صاحبها إلى إلحاق الضرر بالولايات المتحدة وهو دليل على أن تعميم الحكم الخاص بمن فجر مركز التجارة العالمي ومبنى وزارة الدفاع الأمريكية على غيرهم لم يكن في محله، وهو الأمر الذي يؤمل فيه من الولايات المتحدة إعادة النظر في تلك الإجراءات الطويلة المطلوبة من المسافرين إليها حتى تعود الولايات المتحدة كما كانت رمزاً للحرية ومقصداً لكثير من الشعوب.

من ناحية أخرى يعد من إفرازات أحداث الحادي عشر من سبتمبر قيام الولايات المتحدة بمهاجمة أفغانستان وإسقاط نظام حكم طالبان، وغزو العراق وإسقاط نظام الحكم فيه. وإذا كان العالم يتفهم قيام الولايات المتحدة بالهجوم على أفغانستان وإسقاط حكم طالبان بافتراض أن المهاجمين للولايات المتحدة في الحادي عشر من سبتمبر ينتسبون للقاعدة التي كانت تتخذ من أفغانستان مقراً لها والخطوة الأمريكية تلك تأتي في إطار الدفاع عن النفس فإن كثيراً من دول العالم بل ونسبة كبيرة من الشعب الأمريكي لا يتفقون مع قيام الولايات المتحدة بغزو العراق وإسقاط نظام الحكم فيه للأسباب التالية:

- أن العراق لا علاقة له بما حصل في الولايات المتحدة في الحادي عشر من سبتمبر للاختلاف الأيديولوجي بين فكر القاعدة وفكر نظام صدام.

- أنه لم يثبت حيازة العراق لأسلحة الدمار الشامل بعد سلسلة طويلة من عمليات التفتيش التي جرت في العراق من قبل هيئة الأمم المتحدة.

- أن تطبيق الديمقراطية في العراق أو عدم تطبيقها شأن داخلي يخص العراقيين وليس من حق دولة أخرى التدخل في هذا الأمر لفرض أسلوب معين للحكم في العراق بالقوة.

- أن الولايات المتحدة قامت بغزو العراق وإسقاط نظام الحكم فيه بصفة فردية وبدون شرعية دولية.

- أن الغزو لم يحقق للعراق فائدة تذكر، بل إن هناك سلبيات عديدة ظهرت على السطح بسبب الغزو لم يكن يعرفها العراق، كالطائفية والفوضى والقتل والتفجير والتهجير فقد ذكر أن القتلى تجاوز الستمائة ألف والمهجّرين تجاوزوا الأربعة ملايين.

إذاً ما هي الحجج أو المبررات التي تدعو الولايات المتحدة لانتقاد روسيا على عملياتها العسكرية في جورجيا وتحذرها من غزوها مع ما قامت به في العراق من قتل وتشريد مع أن روسيا لديها الأسباب التي جعلتها تقوم بما قامت به في جورجيا وهي:

- أن غالبية سكان الإقليم الجورجي (أوستيا) محل النزاع بين روسيا وجورجيا من القومية الروسية.

- أن جورجيا هي التي بدأت العمل العسكري في الإقليم المشار إليه وروسيا دخلت الحرب للدفاع عن مواطنيها، معلنة أن هذا هو هدفها وليس من أهدافها احتلال جورجيا.

- أن جورجيا قامت بالتجسس على تحركات القوات الروسية شمال القوقاز واستخدمت عملاء روس لهذا الصدد.

- استفزازات دول الغرب لروسيا وبالذات دول حلف النيتو عندما شجعت دول الاتحاد السوفيتي سابقاً ومنها جورجيا للانضمام للحلف.

- عزم الولايات المتحدة على نصب صواريخ في بلوندا حيث ترى روسيا أن ذلك يشكل خطراً عليها. إن هذا الموقف الأمريكي من أزمة جورجيا هو الذي دعا مندوب روسيا في مجلس الأمن الدولي عند بحث هذا الموضوع للخروج عن نص كلمته التي أعدها منتقداً المندوب الأمريكي حين طالب روسيا بعدم غزو جورجيا والتعرض للمدنيين، مذكراً إياه بما قامت به الولايات المتحدة في العراق.

فعلاً إن الموقف الأمريكي من الأزمة بين روسيا وجورجيا يدعو للعجب.

فاكس: 4032285



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد