Al Jazirah NewsPaper Thursday  21/08/2008 G Issue 13111
الخميس 20 شعبان 1429   العدد  13111
صدى لون
لوحات في المزابل!!
محمد الخربوش

أستميحكم عذرا على عنوان زاويتي لهذا اليوم والذي جال بخاطري عنوة عندما لمحت أكوام من اللوحات وسط ركام من المهملات المرمية وبحكم فضولي فإنني أوقفت سيارتي جانبا وبدأت أستخرج هذه اللوحات المؤطرة ببراويز ذهبية وفق مقاسات طولية وعرضية وما آلمني أكثر وأكثر أيضا هو وجود عدد من اللوحات التي تحمل آيات قرآنية ضمن هذا الكوم من اللوحات. حقيقة دهشت أشد الدهشة للحال الذي وصلت إليه الذائقة الجمالية الأمر الذي أدى إلى أن تساوى هذه اللوحات الفنية بأكوام النفايات مما يؤكد أيضا تدني درجة الاهتمام باللوحة كمصدر للزينة والديكور والجمال ثم أن وجود لوحات تحمل آيات قرآنية وترمى بهذا الشكل فهذا مصدر الألم الأكبر أيضا.. صحيح أن هذه اللوحات هي من نتاج دول الشرق وبالتالي فهي لوحات كلاسيكية تحمل المناظر الطبيعية ومساقط المياه والأشجار والغابات والطبيعة الصامتة وغيرها من مواضيع تدخل في مبيعات (أبو ريالين) لكن هذا لا يمنع القول إنها لوحات فنية بما تحمله من قيم لونية وتكوين وعناصر ومعطيات فنية وغيرها بما يمنحها أيضا تأصيل الجمال ثم إن بعض الأذواق أيضا تعشق مثل هذه المنتجات (الرخيصة) بخاصة أنها تحمل براويز ضخمة وغاية في الجمال حتى بدا لي أن جهد المنتج تمثل في البراويز التي تشد المتلقي العادي الحريص على الديكور بالدرجة الأولى.

أعود لحكاية الذائقة التي ما فتئت وزملائي ندعو لها وإلى تأكيدها والحرص على تأصيلها منذ البدايات والنشأة الأولى في مراحل التعليم الابتدائي إضافة إلى دعوة جهات أخرى للمساهمة في تنمية الذائقة الجمالية وغرسها في النفوس سواء من خلال الإعلام بكافة قنواته أو من خلال برامج التنشيط السياحي الصيفي أو غير ذلك من فعاليات تؤكد على الجمال قولا وعملا. إن ما حدث لهذه اللوحات وبكل أسف هو مؤشر يبعث في النفس الألم لما وصل إليه حال البعض من عدم تقديره للجهد الإنساني أيا كان والمتمثل في هذه الأعمال الفنية الناطقة بالجمال رغم كل شيء.

دعوة أخرى للجهات المختصة بهذا النوع من العطاء الإنساني إلى فتح مسارات أكثر جدية ونوافذ أكثر إشراقا لبناء أجيال تحترم الجهد الإنساني وتقدر العطاء والإبداع وهذا لن يأتي إلا من خلال تبني سياسات جمالية تدعوا لنمو الذائقة الجمالية وتناميها على كافة الأصعدة إنها دعوة لعشق الجمال ليس إلا.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد