Al Jazirah NewsPaper Sunday  24/08/2008 G Issue 13114
الأحد 23 شعبان 1429   العدد  13114
هل نغير قناعاتنا الآن؟
منيرة ناصر آل سليمان

هل تذكرون حكايا الأهل وخاصة كبار العائلة عن جوعهم وحرمانهم؟

هل حكوا لكم كيف باتوا الليالي بلا طعام؟ المحظوظ منهم من خبأ أهله تميرات في جزء قصي من بيتهم الخاوي!

هل وصفوا لكم كيف يكون جوع الصغار؟

هل أسمعوكم قرقرة بطونهم! وهل رأيتم دموع أجدادكم حين يعجزون!

لعلهم قالوا لكم كيف هاموا في الصحارى في ليلة سوداء باردة تجاسر فيها الجائعون ليبحثوا عن شيء يعينهم على البقاء، وقتها قد لا تكون عقولكم الصغيرة تعي كل هذا الحرمان وأنتم على الأقل لم تسمعوا صياح البطون الجائعة ولم تمروا بلحظات من الأسى والتصبر!

ويكبر الصغار ويهطل الخير ويدهش الكبار ويعم الطعام!

وقتها أصبح الناس غير الناس! وكأنهم لم يكونوا أقرب لعصر الجوع منه للاسراف!

تطايرت القناعات القديمة المتسترة في هندام مهلهل!

وحلت طباع تقطر شحما وتتثاءب في شبع!

بتنا نرى صحون الطعام بمقاساتها الكبيرة ولحوم الأغنام لازال بخارها الساخن يتصاعد من أكياس الزبالة (أعزكم الله) أصبح الناس يتعاملون مع الطعام وكأنه يهطل يوميا من السماء؟!

كلنا أصبحنا كذلك فقد اختفت أصوات الأهل ونسي الناس وتوالى الخير!

وقتها كنت أرى الصغار وأتساءل ترى ماذا سيكون مستقبلهم؟ صدقوني كنت أشعر بقلق لا أدري ما هو!

والآن وقد أصبح الجوع قلق عالمي ليس على مستوى بلادنا فحسب والتي يتزايد الخوف فيها أكثر مع قلة مصادرها الطبيعية للغذاء فالماء شحيح والارض صحرواية!

ليخرج المجتمعون العالميون صبيحة يوم فائت ويقولون كلمتهم الموجعة: عصر الطاقة الرخيصة ولى؟

وكأنهم أضرموا نار الاسعار أضعافاً كثيرة وعليه فالغلاء سيشتد فكل المتطلبات تحتاج للطاقة!

هنا يبرز سؤال يضج بالقلق، اجابته تحتاج لجلسات طويلة من العلاج النفسي والتهيئة على مستوى الجماعات والافراد وإلى تعزيز الوازع الديني للجميع: هل أعددنا أنفسنا وأجيالنا للتعامل مع مبدأ احترام النعمة؟

لن أقول احتمالية الجوع أو العودة للوراء حتى لا أكون متشائمة فالتفاؤل مطلب ولكن هذا الاسراف هذا العبث الذي حذرنا ديننا الإسلامي الحنيف كيف نتخلص منه؟ الشره اللا معقول والتباهي اللا محدود، وطباع الناس المتبارين في تكسير الأعين والتسلق إلى عالم المبهرين المشار إليهم بأنامل حاسدة أو غابطة (سيان) متى ننفك منها؟

متى نتخلص من التلذذ بابهار الآخرين والدوران في حلقتهم المغلقة؟ متى نستفيق من حلم حفلات الزواج التي أصبحت حديث الناس أياماً وليالي؟

لقد وعينا الآن على واقع مقلق عجيب!

كنا في غفلة من تقلبات الدنيا!

برغم أننا نتلو آيات التحذير من رب العباد سبحانه وتعالى!

فماذا أعددنا لذلك من حيث التقوى ومن حيث السلوكيات وتصحيح الأفكار والقناعات!؟ أتفهم السؤال الذي يكاد يفر من بين العيون الجاحظة التي قدر لها أن تمر على كلماتي!:

دولتنا غنية ونحن نستحق! أتفهم ذلك بكل اقتناع ولكن أيضاً ينبغي أن نكون أكثر وعياً وتحملاً للمسؤولية.

تفاصيل نراها صغيرة ويراها الآخرون كبيرة ومؤثرة، تدخل في دقائق حياتهم يسقونها صغارهم وينشؤون عليها، يقيسون كل شيء بمبدأ الكم ويتصرفون كما لو كانوا سيجوعون في الغد؟



marrfa@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد