Al Jazirah NewsPaper Monday  25/08/2008 G Issue 13115
الأثنين 24 شعبان 1429   العدد  13115
بين قولين
يا شرطي!
عبدالحفيظ الشمري

(يالله يا شرطي.. طلِّع الحرامي) نذكرها جميعاً، لعبة الصغار والكبار بوريقاتها الصغيرة المطوية والمعتمدة على الحظ، فاللعبة وإن كانت شعبية قديمة ومملة، وفي أحايين قاسية لقليل البخت الذي لا يوفق إلا في دور حرامي أو شرطي، إلا أن فيها من الدلالات الطبقية والتسلط والقسوة ما فيها، لاسيما حينما تكون في دور شرطي يجب عليك البحث عن (الحرامي) أو اللص، وضربه.

فاللعبة كما أسلفنا ورغم شعبيتها إلا أنها نمط ساد في المجتمع واستشرى، فأصبحنا نستحضر الشرطي بقسوته وصرامته، وبما يرتدي من زي كان غريباً عن مجتمعنا نوعاً ما، فأصبحنا نخيف الأطفال بهيئة الشرطي، ونهدد بعضنا ببعض بطلب الشرطة وما إلى تلك المحاولات التي نحاول فيها ابتزاز الآخرين أو ردعهم من خلال هذا التهديد.

فالشرطي معني بالدرجة الأولى بتطبيق النظام، لكننا نشعر دائماً ومن خلال خلفيات تاريخية أنه هو النظام حتى وإن خلع اللباس أو الزي الذي يتوشح في فترة تسلمه لواجباته، إلا أن تعلقنا في شماعة الشرطي وتدخله كأنه رجل خارق جعلنا نعيش حالة من النمطية التي استمرت ولم نستطع التخلص من تبعاتها السلبية حتى الآن والدليل على ذلك أننا وفي إشارة المرور وحينما تنقطع الكهرباء عنها.. فلك أن تنظر إلى الزحام والفوضى وقلة الوعي فالخوف من متعلقات الشرطي - إشارة المرور- جعلت الكثير ينتظم، لكن مع فقدان التوازن فيها جراء انقطاع التيار عنها يجعل الناس في حالة من الهياج والتداخل والإرباك.

الخطاب الوجداني لهذه الظاهرة خطير وشاق فقد تعودنا أن ننادي الآخرين لأن يتدخلوا في صياغة مفهوم ردع الآخرين حولنا، حتى الخدم جعلناهم يقومون وبأوامرنا بمعاقبة الأطفال المخالفين لما نريد، وكأننا نقول: (تعال يا شرطي شف فلان)، أو (انحاشوا جاكم العسكري) وما إلى تلك الصور المنفرة من رجال الأمن الذين هم نحن دائماً.

القضية تكمن عند الكبار فهم الذين يستشعرون دائماً أن كل من حولهم هم من قبيل الشرطة الذين يراقبون تحركاته، في وقت نرى عند غيرنا من المجتمعات أن الشرطي مواطن لا فرق بينك وبينه إلا بمقدار احترامك أنت وإياه النظام، فكلما احترمنا الأنظمة والقوانين حتماً سنكون جميعاً رجال شرطة، وطاقات أمن تحمي المواطن من خلال تطبيق الأنظمة دون تمييز بين كبير وصغير في المقام أو النسب.

فرغم أن ثقافتنا الأمنية تطورت وتحسن أداؤها، إلا أننا بحاجة إلى إعادة تأهيل لبعض الصور والأنماط التي ما زالت تتكرر والمتمثلة في الانضباط الناتج من الخوف من العسكر أو الشرطة أو رجال الأمن لكنه ليس وعياً في الأنظمة، أو احتراماً للقوانين، فمن المهم أن نطبق التجارب الناجحة عند الآخرين في مجال الوعي بدور النظام، وأهميته في حياتنا بدلاً من هذه الصور والأنماط التي تظهر لنا دائماً الوجه الجاف والصارم في (الحياة العسكرية) فعلى العكس من ذلك فمن بين هؤلاء من يقومون بمهام إنسانية نبيلة كالإنقاذ في أوقات الكوارث والغرق والحرائق، ومن بينهم الأطباء، والممرضون، ومن يتحملون عناء حراسة حدود الوطن، فالواجب ألا نجعل منهم بعبعاً نخيف بسيرته الصغار أو نتندر عليهم حتى بألعابنا مثل لعبة (عسكري- حرامي).



Hrbda2000@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5217 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد