Al Jazirah NewsPaper Tuesday  26/08/2008 G Issue 13116
الثلاثاء 25 شعبان 1429   العدد  13116
تفجيرات الجزائر.. وتداعياتها الخطرة!
د. سعد بن عبدالقادر القويعي

يخشى الجزائريون المزيد من التفجيرات وإراقة الدماء، والذي بات أمراً مألوفاً، بعد أن شهدت الأيام الماضية العديد من التفجيرات الدامية أدت إلى سقوط ما لا يقل عن سبعين قتيلاً وعشرات الجرحى. وتشير القراءات والتحليلات إلى أن التفجيرات والاعتداءات هي من صنع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وهو ما أكده المسؤول الإعلامي للتنظيم (صلاح أبومحمد) في شريط صوتي بثته قناة الجزيرة قبل أيام: (أن تلك الاعتداءات تندرج في إطار غزوة الثأر).

إن محاولة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي القيام بعمليات ضخمة كان أمراً حتمياً، على أساس أنه جزء من الثمن الذي يترتب عليها دفعه إلى القاعدة الأم، لقاء منحها الوكالة الحصرية لتمثيل القاعدة في سائر المغرب العربي. وقد بدأت الجماعة السلفية للدعوة والقتال على ما يبدو في دفع فاتورة التحالف، ثم الانضمام إلى القاعدة منذ أكثر من ثلاثة أعوام وإعلانها البيعة لزعيمي تنظيم القاعدة (أسامة بن لادن وأيمن الظواهري). وهو ما أكده (جيف بورتر) -المحلل في مجموعة أوروبا وآسيا- بأن: (الهدف يشبه أساليب استخدمتها القاعدة في العراق وهو ما يمكن أن يشير إلى أن المعلومات المتعلقة بالإستراتيجيات والتكتيكات على حد سواء يجري تبادلها داخل الحركة السلفية الجهادية العالمية. وأن الهجوم تذكرة موجعة بأن الجزائر مازالت ثالث أنشط ساحة قتال للقاعدة بعد العراق وأفغانستان- باكستان).

ما حصل من تفجيرات في الجزائر يدل على غياب الرؤية الشرعية واضطراب المنهج وخلل التفكير، لأن ما تلا تلك الهجمات لم يؤسس إلا لقتل النفس وتخريب البلدان. وهي أزمة حقيقية بلا شك، أوصلت التنظيم إلى طريق مسدود، وأوقعته في دائرة مفرغة. وفي هذا السياق وجه مؤسس الجماعة السلفية للدعوة (حسن خطاب) -تزامناً مع التفجيرات الأخيرة- المسلحين إلى تسليم أسلحتهم، وقال في بيانه: (أوجه هذا النداء إلى جميع من يقاومون، وجميع الشبان الراغبين في العمل المسلح. أنصحكم بوقف عملكم والتخلي عن العمل المسلح. لقد سبقناكم إلى هذه الدرب، وكنا بين قادتها الأساسيين، بعد أن أجرينا تقويماً لمسيرتنا توصلنا إلى الاستنتاج أننا أمام مأزق).

إن الدراسة الواعية والقراءة المتأنية لمضامين البيان، تؤكد أن استمرار التفجيرات في بلاد المسلمين لا يخدم بأي حال من الأحوال سوى أعداء الأمتين - العربية والإسلامية- إضافة إلى إزهاق الأرواح البريئة، وسلب أمن المواطن، وعدم استقرار الوطن.

وبعد.. فكم من الأبرياء قتلوا؟ وكم من الدماء أريقت؟ بسبب منهج دموي، يهدم ولا يبني، يفسد ولا يصلح، ينفر ولا يبشر، لأن الإفساد لم يكن يوماً من الأيام طريقاً نحو الإصلاح. مما يستوجب التأكيد على الوسطية والوعي بقيمة الأمن. ورفض التخريب والعدوان. وبيان الأحكام الشرعية لتطبيقات الفكر المنحرف، من أجل مدافعة الباطل، وتقديم البديل العلمي المؤصل وفق أصول الدين ومقاصد الشريعة، حتى لا تستمر آفة الإرهاب في التفريخ لعمليات أخرى. كما أن من المهم فتح باب الحوار تحت سقف المؤسسات الوطنية، لإشاعة فكر الوسطية، والاعتدال في المشاعر والتصرفات والسلوكيات وفق منهج الجدال بالتي هي أحسن.



drsasq@gmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد