Al Jazirah NewsPaper Thursday  28/08/2008 G Issue 13118
الخميس 27 شعبان 1429   العدد  13118
إضاءات نفسية
التفكير الإستراتيجي واتخاذ القرارات Strategic Thinking
د. محمد بن عبد العزيز اليوسف

* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا شاب مقيم في السعودية من سنوات وتعلمت في المدارس السعودية.. عندي طموح عال جداً لدرجة أتعبتني وأتعبت والدتي معي.. لكن مشكلتي الرئيسة يا دكتور هي التشتت.. فمرة أدرس لغة إنجليزية في الصيف.. ومرة أدرس لغة فرنسية ثم أملّ وأتوقف.. أحس أن عندي مشكلة في تحديد هدفي من الحياة.. والكثيرون ينصحونني بنصائح مختلفة ويشيدون بذكائي.. لكن أنا لا أعرف ماذا أريد بالضبط وحتى مزاجي متقلب جداً وعصبي.. هل هذي مشكلة نفسية، أرجو الإجابة وعدم التطنيش وشكراً؟

* أخي الكريم أولاً: تأكد أنني لا يمكن أن (أطنش) كما ذكرت شاباً طموحاً ويتسم كما يبدو بالذكاء مثلك، لكن الذكاء والطموح العالي رغم أهميتهما للنجاح فإنهما غير كافيين وحدهما لتحقيقه فهناك عامل مهم جداً للنجاح أظنك ستستفيد كثيراً من القراءة بتوسع عنه وهو وضوح الرؤية وتحديد الهدف.. فالناس في هذه الناحية على صنفين: هناك من يفكر بطريقة عشوائية وهي على ما يبدو الطريقة السائدة لديك حالياً حيث لم تحدد بالضبط هدفك المنشود، أما الطريقة الأخرى الفعَّالة جداً فهي ما يُسمى بالتفكير الإستراتيجي Strategic Thinking.. أي أن تبدأ والهدف واضح في ذهنك.. وتبدأ بخطوات صغيرة لكنها مهمة لتقريبك شيئاً فشيئاً من هدفك.. كما أن الهدف المنشود له مواصفات خاصة فهو يجب أن يكون أولاً محدداً وواقعياً ويمكن الوصول إليه.. فعندما يقول شخص ما على سبيل المثال أن هدفه هو أن يكون محبوباً ومقبولاً من الآخرين، فهذا الهدف غير واقعي إطلاقاً لأن النتيجة أصبحت بيد الآخرين وليست بيده هو.. كما أن رضا الناس جميعاً هو غاية لا تدرك كما نعلم.. فهذه سنة من سنن الله في الكون.. كذلك عليك أن تربط هدفك أياً كان بغاية نبيلة كخدمة الناس والمجتمع تقرباً إلى الخالق سبحانه وتعالى، عندها ستجد أن جذوة الحماس ستتقد بداخلك أكثر فأكثر، وذلك غير ممكن أيضاً ما لم تدرك جيداً إمكانياتك ومهاراتك التي وهبك الله إياها وعندها تسأل نفسك مراراً وتكراراً ما هو الشيء الذي أحبه وأتقنه حقاً وبإمكاني وضع بصمة وإضافة حقيقية فيه.

بهذا المستوى من التفكير ستجد أن التشتت الذي وصفته في سؤالك سيبدأ -بإذن الله تعالى- في الزوال وستصبح قراراتك مبنية على رؤية واضحة، وهو ما يجعل أمر اتخاذها أسهل بكثير، وهذا لا يعارض بالطبع مسألة أخذ النصح والمشورة، لكن الاستشارة يجب أن تكون من شخص موثوق به من أفراد عائلتك مجرب وخبير وذي أفق واسع والأفضل دائماً أن لا تكثر الاستشارات من الناس لأنك ستجد أن كل شخص ينطلق من زاويته هو الشخصية الضيقة إلا من رحم ربك.. أخيراً وعندما تعزم على اتخاذ القرار فعليك بدعاء الاستخارة تعلمه وطبّقه وعندما ترتاح لقرار ما فاتخذه بثقة وإيجابية كاملة وتفاؤل بأن التوفيق سيكون حليفك.

بالنسبة لكونك ذا مزاج متقلب وعصبي فهذه تعبر في الغالب عن سمات في شخصيتك أكثر من كونها عارضاً نفسياً طارئاً، وإذا وجهت لها اهتماماً حقيقياً وعملت على تصحيحها في نفسك فستنجح في ذلك -بإذن الله- عن طريق التدريب المتواصل على أن تكون أنت سيد مشاعرك وأفكارك تقودها بدل أن تقودك هي وهذا هو أساس التفكير الإستراتيجي الذي هو أحد أهم مفاتيح النجاح بعد توفيق الله تعالى.

مضادات الاكتئاب

* السلام عليكم.. مساء الخير يا دكتور محمد، عمري 28 سنة وغير متزوج.. أُعاني من تقلُّب المزاج وغالباً ما أكون غير مسرور، وأيضاً أُعاني من الوساوس منذ 8 سنوات تقريباً، ولكن الآن خفيف جداً، وهو عبارة عن حرص زائد، لكن المشكلة الأساسية الآن هي الملل والاكتئاب وتقلب المزاج، وأخذت دواء اسمه سيتالوجين باستشارة من الصيدلاني لمدة أسبوع وما حصلت فائدة، وأنا الآن آخذ دواء من أحد مراكز الأعشاب اسمه حشيشة القلب st johns wort أرجو أن تصف لي علاجاً لتحسين المزاج وشكراً؟

* أخي الكريم أشكرك لثقتك بشخصي ومراسلتي، ولكن أنت افترضت الآن أنك فعلاً مصاب بالاكتئاب وأنك بحاجة لاستخدام دواء دون أن تستشير -كما يبدو من رسالتك- أي شخص متخصص في هذا الأمر. الحقيقة أنك قد لا تكون تعاني من مرض الاكتئاب كمرض، بل مجرد أعراض تقلُّب في المزاج وإحساس بالملل، كلنا معرضون لها كبشر في أوقات معينة من حياتنا، وقد لا تحتاج سوى نوع من الدعم النفسي الاحترافي والنصائح السلوكية فسلوكك الاجتماعي مثلاً وعلاقاتك مع الآخرين قد تكون هي السبب في ما تعانيه.. المهم أنه لا يمكن الجزم بإصابتك بالاكتئاب ما لم يتم عمل تقييم نفسي متكامل لك من خلال عيادة متخصصة، وعليه، فلا يمكنني وصف دواء من خلال المراسلة.. وبالنسبة للأدوية التي ذكرتها (السيتالوجين) هو أحد مضادات الاكتئاب التي لا تسبب الإدمان أو التعود ولذلك أمكن لك أخذه بدون وصفة طبية وعن طريق صيدلي، لكن المشكلة هنا أنه على ما يبدو لم يشرح لك أن هذه النوعية من الأدوية لا يبدأ مفعولها عادة إلا بعد مرور على الأقل أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من الاستخدام المنتظم لها يومياً.. لذلك فقد توقفت عن استخدامه بعد أسبوع واحد فقط ظناً منك أنه إذا لم تظهر نتائجه خلال هذه المدة فإنها لن تظهر أبداً، وهذا يحدث كثيراً للأسف مع غيرك أيضاً نتيجة لنقص التوعية والتثقيف الخاص بالأدوية النفسية.. أما بالنسبة لعشبة(st johns wort) فهي تعتبر حتى الآن -على حد علمي- أكثر عشبة طبيعية أُجريت لها دراسات طبية مقننة ومنضبطة لدراسة تأثيرها على المزاج.. وقد أثبتت فعاليتها لعلاج أعراض الاكتئاب البسيط لكنها غير فعَّالة أبداً في حالات الاكتئاب المتوسط والشديد.. وبشكل عام هي عشبة آمنة طبياً بشرط عدم استخدام أي أدوية أخرى خاصة بعلاج الاكتئاب في نفس الوقت معها.. وفقك الله.

إضاءة:

لا تنتظر أن تكون سعيداً حتى تبتسم، بل ابتسم لتكون سعيداً.

****

زاوية تهتم بكل ما يتعلق بالطب النفسي والتنمية البشرية وتطوير الذات... نستقبل كل أسئلتكم واقتراحاتكم..

*دكتوراه في الطب النفسي
كلية الطب ومستشفى الملك خالد الجامعي-الرياض


e-mail:mohd829@yahoo.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد