Al Jazirah NewsPaper Monday  01/09/2008 G Issue 13122
الأثنين 01 رمضان 1429   العدد  13122
يارا
المجاهرة بالصيام
عبد الله بن بخيت

المجاهرة بالإفطار كالمجاهرة بالصيام إذا كان في الأولى معصية ففي الثانية شيء من التفاخر الذي قد يؤدي إلى النفاق والعياذ بالله. أشكر الله بأني سوف أصوم هذه السنة في كندا (البلد المتسامح) وأتمنى أن تتاح لي مثل هذه الفرصة كل عام. سوف أسير في الشارع وأتعامل مع الناس وأجلس في الحدائق لا يعرف أحد بأني صائم، ولن أقول لأحد بأني صائم ولن يظهر عليّ أي شيء يشي بأني جائع أو طفشان أو متوتر. ولن أتلطم بشماغي حتى يعرف الناس بأني ظمآن، ولن أقود سيارتي بسرعة جنونية حتى لا يفوتني الإفطار، ولن أسد بسيارتي الطريق لكي ألحق على الصلاة دون أدنى احترام للأنظمة والقوانين، ولن أضع في فمي مسواكاً طوال اليوم ليعلم القاصي والداني بأني صائم. سأتعامل مع الآخرين بشكل عادي لأني في وضع عادي. لا أشعر أن الصيام يثقل علي. لن أحتاج منهم إلى عون ودعم وتسامح وعناية تخصني ولن أطالب أحداً أن يراعي شعوري أو يكف عن تجريح صيامي. فليفعل الآخرون ما يريدونه أمامي. يأكلون يشربون يلبسون ملابس فاضحة أو ملابس محتشمة. لن أغضب منهم لن أحسدهم لن أتدخل في شؤونهم ولن أنكفئ في البيت حتى لا أتأثر بهم. فأنا أصوم لأني أريد أن أصوم. هذا خياري, هذا إيماني. لا أريد أن تتكيف الشوارع وتغلق المطاعم ويمنع الآخرون من شرب الدخان علناً وأن تصدر البيانات شديدة اللهجة التي تؤكد على غير المسلمين مراعاة مشاعر الصائمين من أمثالي. لا يسرني كمسلم أن أرى من يساعدني على إيماني ويتأكد نيابة عني بأني صائم ويهيئ لي الأجواء والشوارع والطرقات ويغلق المطاعم ويخفف عني ساعات العمل ويتسامح مع أخطائي لمجرد أني صائم. لن يسرني أن يكون لي أي امتياز صيام. لن يتحقق لي ذلك في كندا على أي حال. سيتركني الكنديون لمصيري إما أن أشعر بالإيمان أو بالوحشة. إما أن أكون مسلماً يقوم بواجبه الديني بمحض إرادته أو أن أكون قلقاً متوجساً لا يسيطر إيماني على رغباتي الصغيرة التافهة.

ليس للصيام تقاليد يتوجب عليّ مراعاتها والعودة إليها كل عام. ستغيب عن مائدتي هذا العام اللقيمات والسنبوسة و شوربة كوكر والتوت وقمر الدين، أما طفلتي الصغيرة فستكون أسعدنا في رمضان هذا العام. ستنام لأول مرة منذ أن ولدت في وقتها المحدد بعيداً عن ضجيج المايكروفونات المتلاطم. لن يفرض عليها الضجيج أن تبقى مستيقظة حتى صلاة الفجر لمجرد أن وزارة الشؤون الإسلامية غير قادرة على تنفيذ قراراتها وفتاوى الفقهاء. وسأتخلص هذا العام من الداعية الذي يسفط خمسين ألف ريال على الحلقة ليقول لي إن الصيام يعالج السكر والضغط والمعدة وكأني في حاجة إلى عكاز دنيوي ليقوي إيماني.

كندا بلد جميلة وفاتنة. تنطوي على تناغم كبير بين الطبيعة والناس والنظام. يوجد بها عدد كبير من المسلمين يعيشون بسلام واطمئنان مع مواطنيهم من الأديان الأخرى. لا يزعجهم ويفسد إيمانهم إلا نفحات العنف والتناحر والقسوة القادمة من بلادهم الإسلامية وكل عام وأنتم بخير.



Yara.bakeet@gmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6406 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد