Al Jazirah NewsPaper Tuesday  02/09/2008 G Issue 13123
الثلاثاء 02 رمضان 1429   العدد  13123
نوافذ
الجائزة
أميمة الخميس

فوز الإنسان السعودي بإحدى الجوائز العالمية على مستوى الفن والإبداع يعتبر اختراقاً لكثير من التابوهات التي تطوق التذوق والاستقبال والتقييم على المستوى العربي والمحلي، فعلى سبيل المثال عندما تفوز الروائية (رجاء عالم) بجائزة المنتدى العربي في باريس (وهي الجائزة التي فاز بها سابقاً أحمد أبو دهمان على روايته الشهيرة الحزام) فإن هذا يحيلنا إلى عدد من الحقائق التي أبرزها:

- أن المنتج الإبداعي هو مشروع متكامل لا بد أن يكرس له المبدع جل حياته وطاقاته وليس على هامش الوقت أو فتاته، وهذا ما تقوم به رجاء عالم بجهد متواصل ومكرس مع عزوف عن الإعلام وفرقعاته الضوئية، فهو وظيفة بحاجة إلى الانضباط والعمل الشاق المجهد الذي يستمر لساعات طويلة متواصلة ومن هنا تأتي أهمية التخلص من الصورة النمطية للمبدع الشاعر الصحراوي الكسول اللاهي الذي ينتظر مزاجية بنات الشعر وطفرات الخيال.

- الأمر الآخر هنا أن تجربة رجاء عالم قد تجاوزت الكثير من العقبات التي تنهض في وجه المبدع السعودي، وأبرزها إشكالية المركز والأطراف حيث المراكز الثقافية المنتجة للثقافة والمصدرة لها، ومن ثم على عموم العالم العربي أن يستقبل ويتلقى بتبجيل وإجلال فقط.

ويتحول الأمر إلى شكله المركب عندما يصبح الخليج ورشة منتجة للطاقة فقط مع غياب للفعل الإنساني المبدع الراقي المساهم في حضارة المكان.

وبالتالي يصبح القفز على هذا الستار الغامق بحد ذاته ولو حتى للفت الانتباه إلى جدية التجربة المحلية للمبدعين المحليين ليس على المستوى العربي ولكن على المستوى العالمي أيضاً.

- أيضاً هناك نقطة جوهرية لابد من الإشارة لها في هذا السياق تتعلق بتجربة المرأة السعودية (كون الفائزة امرأة سعودية) مع التعليم، فمدرسة البنات التي انبلجت من بين فكي الظلمة والحرق وأسنة الرماح، أورقت الآن وباتت خميلة وارفة بالتجارب والقطاف.

هذا الصيف في باريس زرت عدة مرات معهد العالم العربي، وكالعادة كان محبطاً بالنسبة لي وبخاصة في ما يتعلق بغياب أو لربما إغفال (لا أدري) التجربة الخليجية والمحلية تماماً في ردهاته عدا عن إحدى قاعاته التي مولت من قبل ثري خليجي!!

فمعهد العالم العربي الذي ينهض بشكل بهي على ضفاف السين كسول ولم يتحول إلى مشغل نشط وفاعل في ما يتعلق بإبراز التجربة العربية عامة وتجسير الصلات بين المكانين بشكل شمولي. كان هناك معرض لأم كلثوم ومع حبي لسيدة الطرب لكن معرض أم كلثوم!!؟؟

هل يختصر العالم العربي في هذا؟ أو في الهرم الزجاجي الذي يتصدر مدخل اللوفر مثلاً؟ هل يختصر تاريخ المنطقة الكثيف والمتنوع والمتعدد بالتجربة المصرية فقط؟

قد أفهم أن يكون هناك حضور قوي لتجربة شمال إفريقيا الحضارية في معهد العالم العربي نتيجة للفرانكوفونية والتجربة الاستعمارية التي صنعت الكثير من مفاصل الاتصال بين فرنسا كمركز تنويري وإشعاعي عالمي ودول شمال إفريقيا، ولكن الذي لم أفهمه تماماً هو غياب الحضور الخليجي والمحلي تماماً عن المعهد، وكالعادة لم أجد هناك سوى عدد من الكتب لمؤلفين محليين (صدرت عن دور نشر لبنانية) متناثرة بشكل محدود ومتوار في المكتبة الملحقة بالمعهد.

هذا الإغفال والتهميش لا أدري هل بسبب تقاعس من سفارتنا هناك أو مؤسساتنا الثقافية عموماً، أو هو يندرج في نفس الحلقة السابقة المتعلقة بالهامش والأطراف؟

ومن هنا تأتي أهمية الجائزة التي حصلت عليها المبدعة السعودية رجاء عالم... فالحواجز التي تنهض في وجه التجربة المحلية صلدة ومتعجرفة ولكنها حتماً لن تكون كذلك لفرس سباق المسافات الطويلة.. الجسورة.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6287 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد