Al Jazirah NewsPaper Friday  05/09/2008 G Issue 13126
الجمعة 05 رمضان 1429   العدد  13126
شهر رمضان والتآلف بين أبناء العائلة
الأجواء الرمضانية.. والخلافات الأسرية

الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:

رمضان شهر المودة والرحمة، فهو شهر القرآن الكريم والإكثار من العبادات والدعاء، وعمل الخير، وهو شهر بدايته رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، فكيف يمكن الاستفادة من خصائص هذا الشهر الكريم في احتواء الخلافات الأسرية وإعادة اللحمة إلى أبناء العائلة الواحدة؟ ولماذا تغيب (الرحمة) و(المودة) عن بعض الأسر في المجتمع الإسلامي حتى في رمضان؟. وهل يمكن أن نخلص العبادة لله في هذا الشهر الكريم وقلب الأخ يحمل في نفسه من أخيه أو الأب من أبنائه؟.

التآلف الأسري

تقول الدكتورة ابتسام الجابري (عضو هيئة التدريس بكلية التربية للبنات بجدة): إن رمضان شهر الرحمة والأسر فيه ينبغي أن تعظم بين أفرادها روابط الرحمة إذ هو شهر كريم يجب أن ترقى فيه النفوس وتترفع طمعاً في مرضاة الله سبحانه، وقد ذكر الله السبب في مشروعية الصيام، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، ووصفه نبيه صلى الله عليه وسلم (الصيام جنة)، إذاً ليس المقصود من الصوم ترك الطعام والشراب بل المطلوب تهذيب وتربية النفس حتى تلزم أمر الاستقامة في كل شؤونها وعلاقاتها.

ومن أعظم العلاقات وأهمها الروابط الأسرية الزوج مع زوجته، والأب مع أبنائه، والأم مع أولادها، ومن العجب أن تتحول الرحمة والمودة والسكن في شهر الرحمة إلى الصخب والجهل والصياح والسفه والخصام.

وقد كان من الأولى أن تترسخ هذه العلاقات الطيبة وتحسن حين تضيق مجاري الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم، فبالصيام يضيق نفوذه، لكن في الحقيقة حين يكون الهم الأول الذي تعيشه الاسرة في هذا الشهر هو الأكل والشرب والنوم والآثام لا تحصل المودة والرحمة بل تحصل الفرقة والاختلاف فبالذنوب تفترق الأحبة.

وهناك بعض الخطوات العملية للتأليف بين أفراد الأسرة ونبذ الخلاف ومنها:

1 - اجتماع الأسرة عند الافطار وتذكير الوالد أولاده بالدعاء المستجاب عند الإفطار، والدعاء بالأدعية (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين).

2 - حرص جميع أفراد الأسرة على توفير التآلف وتقديم العون واحتساب الأجر في ذلك.

3 - اصطحاب الوالد لأولاده وزوجته إن رغبت (في صلاة التراويح والقيام فهذا الذهاب والإياب له أثر إيجابي كبير على الأنفس.

4 - حض الوالدين لأولادهم وتشجيعهم على ختم القرآن الكريم عدة مرات وتنافسهم جميعاً في ذلك.

5 - اجتماعهم على السحور.

6 - اجتناب المعاصي والآثام حتى لا يصير شهر الطاعة شهر معصية عند البعض، وبالتالي تكون الخلافات الأسرية.

7 - الحرص على الصدقة والعمل الصالح عامة فبالطاعة تستجلب المحبة بإذن الله.

العفو والمغفرة

ويبين الدكتور محمد بن سعيد السرحاني (عضو هيئة التدريس بكلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى): إن شهر رمضان شهر الخير والرحمة والمغفرة والنفحات الكريمة، شهر تتصفد فيه مردة الشياطين، شهر تقبل فيه القلوب إلى بارئها، شهر تتآلف فيه القلوب، وتجتمع فيه الأسر على الطاعات وأعمال البر، وموسم يصحح فيه المسلم علاقته بربه وبالناس ومن أخص الناس الذين أوصى الله ببرهم والإحسان إليهم ذوي القربى، فما أحرانا لاستغلال نفحات الشهر الكريم في إصلاح الشأن ونزع فتيل الخلاف وتعميق أواصر المحبة.

نعم إنها فرصة عظيمة وباب خير قدره الله بما خص هذا الشهر من خصائص جليلة، ففي شهر رمضان تربية على فعل الخيرات وتدريب النفس على اكتساب الأخلاق الحميدة والتسامي عن الخلافات وسد باب النزاع والافتراق، فشهر رمضان يربي على ضبط النفس والحلم وقد حثنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خصوصاً في رمضان على هذه الخصال الحميدة فقال صلى الله عليه وسلم: (إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم).

فما أحوجنا في شهر رمضان وفي كل زمان إلى التسامح والمودة وكظم الغيظ والعفو عن الناس وقد امتدح الله تعالى اصحاب هذه الصفات الحميدة، قال تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}وإن كان كظم الغيظ والعفو عن الناس مندوباً إليه في كل حال ومع الناس عموماً فهو من الأقرباء أعظم أجراً وأوقع أثراً والأقربون أولى بالمعروف.

ويذكر د. السرحاني أموراً عملية تعين على رأب الصدع وإصلاح ذات البين وإعادة الألفة والمودة في نطاق الأسرة الواحدة ومن ذلك:

1 - تذكير الناس بفضل شهر رمضان ونفحاته، والتنبيه إلى شؤم المعصية ومنها فساد ذات البين والتحذير من قطع أواصر المحبة والألفة بين الأقارب.

2 - التأكيد على مكانة ومحاسن إصلاح ذات البين، والعفو والمغفرة والتسامح والتغاضي عن الزلات.

3 - الحرص على إقامة موائد الإفطار الجماعية التي تجمع الأسرة الواحدة والأقارب من أسر متعددة، فلعلها تصفي القلوب من خلال تلك المشاركات وتطفئ شعلة الغضب مع تصفد مردة الشيطانين في هذا الشهر الكريم.

4 - ومما يؤلف القلوب وجود هم مشترك ورسالة واحدة، وإنشاء برامج مشتركة في شهر رمضان ومن ذلك المشاركة الأسرية في المشاريع التطوعية الخيرية كإفطار صائم، أو الاشتراك في برامج دعوية واحدة فلعلها باتفاق الأهداف تتآلف القلوب ويصلح الله ذات البين.

5 - ومما يوحد الصفوف ويؤلف بين القلوب في شهر رمضان الكريم مشاركة أعضاء الأسرة في برامج تربوية هادفة والتي من خلالها تتحقق المشاركات الوجدانية.

6 - تنظيم زيارات دورية في شهر رمضان لصلة الأرحام والتي عظمت الشريعة الإسلامية من مكانتها قال صلى الله عليه وسلم: (إن الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصلته) هذه بعض الأفكار للاستفادة من خصائص شهر رمضان في احتواء الخلافات الأسرية وإعادة اللحمة إلى أبناء العائلة الواحدة.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد