Al Jazirah NewsPaper Monday  08/09/2008 G Issue 13129
الأثنين 08 رمضان 1429   العدد  13129
بين قولين
تنابز
عبدالحفيظ الشمري

حتى الأرقام في حياتنا لو تسلم من العبث، والاستخدام السيء، فلم يعد الرقم مجرد إشارات للاستدلال على الأشياء، إنما بات فرية، وعالماً من استدعاء كل ما هو منفر في حياتنا، بل بات حالة من العبث على نحو تنابز البعض في مجتمعنا بالأرقام وما فيها من مترادفات رقمية تشبه نتائج كرة القدم بين فريق قوي كاسر، وآخر ضعيف خائر، إلا أن الأرقام هذه المرة لا تمت للمباريات بأي صلة، إنما هي من قبيل التنابز بأرقام الهاتف، ومفاتيح الاتصالات، وكأننا تحولنا إلى عالم من الأرقام التي يجدر بنا ألا نجعل لهذه المهاترات وجوداً في الذائقة العصرية، والحس الوطني النبيل.

التنابز بالأرقام هو من قبيل خصلة التنابز بالألقاب التي نهى عنها ديننا، ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، فربما لم يعد التنابز بالألقاب مجدياً لدى بعض محدودي التفكير، أو ضعاف العقول، إنما تفتقت ذهنياتهم عن هذه المنابزات الضاربة في أرقام مفاتيح المناطق، وكأنه ابتكار فاعل سيقوي شوكة الحضور في خاصرة الزمن.

وما يزيد السالفة طيناً وماء هو أنك تسمع هذه التصنيفات أحياناً من رجال كبار ومن مسؤولين بيدهم بعض القرارات كالتوظيف والانتداب وخارج الدوام، فكل شيء داخل بعض الأجهزة يقوم على أساس هذا الرقم الصفري، بل إن الأمر تعداه إلى معاقل العلم، ففي بعض الجامعات هناك عدد من الصراعات التي تقوم على هذا الأساس في تحكيم البحوث ومناقشة أطروحات الماجستير والدكتوراه، ففي ظل هذه الشحناء يقع الإنسان البسيط ضحية لمثل هذه الممارسات التي كنا نحسبها قد انقرضت مع بعض الأشياء الجميلة؛ لأن الأشياء الجميلة للأسف هي التي تختفي وتتلاشى، فمن باب أولى أن نغيب بقوة الوعي كل العادات السيئة على نحو هذه التصنيفات ذات الأفق الضيق.

الأمر قد يكون من قبيل العادات السيئة والخصال الرديئة التي قد تزول سريعاً إلا أنه مع دخول بعض الشعراء الشعبيين على خط التنابز المعهود، لم تعد الحالة محتملة أبداً.. فلم يعد (وش انت من طير؟)، أو (إلا.. من وين أنت يا الأخ؟) وما إلى تلك المكاشفات الفجة للتأقلم والتحزب والتفيوء.

بالتأكيد، نؤكد أننا لا نعمم قضية التنابز بالأرقام في كل الشعراء، إنما البعض ممن يمارسون التعالي على الآخرين بشعر ملفق، يصورون فيه (صفرهم) ورقمهم باعتباره المفضل على سائر أصفار وأرقام الآخرين، فهم لا يكلون من التغني بأمجاد رقمهم المكتنز بالشجاعة والإقدام والنخوة، فيما يصورون باقي أصفار خلق الله وأرقامهم بأنها عاجزة عن اللحاق بجياد (صفرهم) النافرة، حيث يسكبون على مسامع الريح وفي آذان الحكائين الكثير من الهجاء الذي تعجز عن صده جموع العقول المستنيرة.

فالمجدي أن نستعد جميعا لمكافحة ومحاربة هذه العادات السيئة في مجتمعنا، من قبيل مكافحة المخدرات، والتدخين، ومحاربة الغش، والتفحيط، والترقيم، وإدمان الشعر الذي يذود عن مكتسبات الجهل في هذا الكم الهائل من قصائد التنابز حتى في أرقام مفاتيح المناطق الهاتفية.



Hrbda2000@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5217 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد