Al Jazirah NewsPaper Monday  08/09/2008 G Issue 13129
الأثنين 08 رمضان 1429   العدد  13129
أضواء
منازل بلا أبواب
جاسر عبدالعزيز الجاسر

في باريس نقل مصور صحفي روسي مأساة أهل بغداد إلى مدينة النور، فالمصور الروسي يوري كوزيريف الذي وصل للعراق عام 2002م وظل على أرضه حتى غادره لإقامة معرض متنقل قبل أيام ولينقل مأساة أهله بعد احتلاله إلى خارجه ليتعرف الآخرون على مأساة مدينة كانت تسمى (دار السلام) وبغداد التي جسدها المصور الروسي تظهر كم هي بشعة الحرب، وكيف يؤدي الاحتلال إلى هروب السكان، فالصور تظهر المنازل البغدادية التي كانت تعج في الحياة، مهجورة من السكان ومع هذا يصر جنود الاحتلال على تفتيشها خوفاً من المسلحين...!!

أما الصور الأكثر تعبيراً عن واقع بغداد اليوم، فهي تلك التي تظهر رجلاً يحمل كومة مفاتيح لمنازل هجرها أهلها خوفاً من الاقتتال الطائفي، فأغلقوا أبواب منازلهم، وتركوا مفاتيحها كأمانة لدى هذا الرجل، ولكن هيهات تسلم هذه المنازل من اللصوص، أو حتى من الاستيلاء عليها فكثير من المنازل في جميع أحياء بغداد استولى عليها المسلحون، بعضهم جعلها مراكز لعملياتهم الاجرامية، والبعض الآخر جلب جماعته أو أفراد أسرته من المحافظات الأخرى واحتلوا المنازل التي هرب أهلها إلى خارج العراق خوفاً من بنادق مليشيات الاجرام الطائفية، أما ما تبقى من المنازل فقد أخلاها اللصوص ومعظمهم من عناصر المليشيات الاجرامية، أخلوها أولاً من الأجهزة الكهربائية المستديمة من ثلاجات وتلفزيونات ومكيفات وأفران غاز وغيرها، ثم أتبعوا ذلك بالاثاث، وبعد أن أفرغوها من كل ذلك، أخذوا يجردونها حتى من الأسلاك الكهربائية والأبواب الداخلية، أبواب الغرف وغيرها، ولم يبق سوى باب المنزل ومفتاحه لدى من أستؤمن عليه...!!

أثناء الاجازة التقيتُ ببعض الشخصيات العراقية التي كنت أعرفها، وقد علمت منهم أنهم يخططون للعودة إلى بلادهم بعد أن نضبت أموالهم وقتلتهم الغربة.

كثير منهم نالت منهم الأمراض بسبب الاكتئاب وتخلي الجميع عنهم، فالدول التي يقيمون بها ملوا منهم ويتمنون مغادرتهم، وسفارات العراق لا تهتم بهم، حتى تذاكر سفر لا توفر لهم...!!

أكثر هؤلاء الذين التقيتهم يفكرون كيف يعودون إلى بلادهم، ومدينتهم بغداد ومنازلهم إما محتلة أو مسروقة بلا أثاث ولا أبواب، وأنهم لولا نضوب أموالهم لبقوا خارج العراق حتى يفرج الله كربتهم ولكنهم مجبرون على العودة لأنه ليس من شيمهم التسول.. ولهذا فإنهم مجبرون على العودة حتى إلى منازل بلا أبواب.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد