تأملت ما نشر في صحيفة الجزيرة يوم الثلاثاء 18 شعبان 1429هـ في صفحة الرأي، تحت عنوان (الأهم والأفعل.. هو المهمل!!) للأخ عبدالله البريدي، وحقيقة فإني أضم صوتي إلى صوته في غفلتنا عن السلاح الأمضى، والعامل الأقوى (الدعاء).
إن كل إنسان على هذه البسيطة لابد وأن يمر بما يمر به من عقبات وصعوبات، وهذا أمر لابد منه، فالحياة شاقة قال تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ). والسؤال كيف تكون مواجهة هذه الصعوبات أو تلك المعوقات؟
معظمنا يبذل الأسباب الحسية ويتفانى في ذلك، وفي المقابل من يستسلم للنوازل والحوادث، والأقلون الذين يبذلون السبب ولا يعتمدون عليه فهم مع السلاح الأمضى والعامل الأقوى (الدعاء)، إن الدعاء ليس معناه ترك الأسباب أو عدم بذلها لا.. لا.. إنما مع السبب يبذل الدعاء أولاً.. الدعاء سلاح العقلاء.. الدعاء دواء النبلاء.. الدعاء علاج المرضى.. الدعاء يفعل فعله ويؤثر تأثيره.. الدعاء يقتل ويفتك ويأسر.. الدعاء ينجي.. الدعاء يبني ويهدم.. الدعاء نهج الناجين، المفلحين، الموفقين.
أخي وأختي: إياكما أن تنسيا الدعاء، كررا الدعاء، ثم كررا ثم كررا مرات ومرات.
سل ربك واسأله، واسأله وأنت موقن بالجواب ادع الله وأنت مخلص أثناء الدعاء ومع الدعاء وقبل الدعاء، وأنت تتلفظ بالدعاء وقلبك متجه كلياً إلى الله، ولا تمنعك الذنوب والزلات والخطيئات، فالله سيستجيب لك مهما كانت ذنوبك وإياك أن تمل أو تكل أو تكسل.
ضاعف جهدك لا تتوقف عنه أبداً، أكثر منه وثق أن الله مستجيب لك، لا تيأس، لا تقنط، فالجواب في الطريق، سيأتي الجواب.
لا تقل إني مذنب أو مجرم أو ظالم أو باغ أو مسرف.. لا تيأس لا تقنط ادع الله ثم ادعه، ثم ادعه.
يا أخي الله أعلم بك، وسيستجيب لك، ثم لماذا لا يستجيب لك؟ وقد استجاب لمن هو أكثر منك ذنباً وأعظم منك جرماً، لماذا لا يستجيب الله لك؟ وقد استجاب لعباده المشركين لما أخلصوا في الدعاء (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ)، (وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ...) الآية.
أرأيت أخي القارئ الكريم كيف يستجيب الله للكافرين الجاحدين، ألست أولى منهم بالإجابة؟ بلى والله، ألا ترى أنه استجاب لإبليس الشيطان الأكبر لما سأله أن ينظره إلى يوم الدين قال الله: (إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ).
ادع الله يا أخي وأنت مخلص، فإن كنت مريضا، فاجمع قلبك واخلص في الدعاء، وإن كنت فقيراً فاجمع قلبك واخلص في الدعاء، وإياك أن تقول يا رب اشفني وقلبك يفكر في الطبيب الأخصائي، أو أنت تقول يا رب اقضِ ديني وقلبك مع الغني الفلاني وقل لربك استجبت لك يا ربي، فاستجب لي كما وعدتني.
قل لربك استجبت لك بقولك (فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي) فاستجب لي كما استجبت لك، والله عز وجل يا أخي قريب منك، كما أنك أنت قريب منه جل وعلا، أما قربه سبحانه فبقوله: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ...) الآية، وأما قربك أنت أخي فيقول نبيه -صلى الله عليه وسلم- : (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد).
أسأل الله أن يستجيب لي ولك، وأن يغفر لي ولك.
تنبيه: لما ورد في مقال الأخ عبدالله البريدي (الدعاء مخ العبادة) وهو حديث ضعيف.
فهد بن سليمان بن عبدالله التويجري
مدير إدارة الأوقاف والمساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة المجمعة