Al Jazirah NewsPaper Thursday  11/09/2008 G Issue 13132
الخميس 11 رمضان 1429   العدد  13132
نوافذ
السوبرمان
أميمة الخميس

السوبرمان الذي أقصده ليس هو تلك الشخصية الشهيرة التي كانت تظهر في سلسلة الرسوم المصورة والأفلام الهوليودية، كذلك ليس هو بالسوبرمان الذي يرى الفيلسوف الشهير (نيتشه) أنّ مصير البشرية سينقذ على يديه, ولكن ما أعنيه هنا سوبرمان آخر.

فقد نشرت إحدى الصحف المحلية خبراً حول زيارة أحد الطباخين الشهيرين إلى مدينة جدة بمناسبة افتتاح أحد المحلات الكبرى هناك , وذكر الخبر أنّ الطباخ النجم قد قوبل بحشود كبيرة من النساء تنتظرنه وتحاولن أن يلتقطن له الصور وهو يلوح بيده الكريمة للمجاميع.

وبحسب الصحيفة فقد صرحت إحدى النساء المحتشدات للصحيفة بأنّ الشيف المذكور قد أنقذ زواجها , بعد أن بدأت أسس ودعائم منزلها تتهاوى نتيجة لطبخها الرديء!!

لكن الشيف المذكور وعبر برنامجه الذي تبثه إحدى الفضائيات, وتحت شعار لا استسلام جعلها تتجاوز مأزقها وتنجو بزواجها.

وإن كان لنا هنا أن نتجاوز السؤال عن طبيعة هذا الزواج القائم على منتجات المطبخ, أو عن طبيعة العلاقة بين اثنين يتشاركان مسيرة الحياة لا يجمعهما ويوطد علاقتهما ويعطيها الدفء والعمق والحميمية سوى ... ما يخرج من بين القدور والسكاكين والملاعق؟ في منزل تلج فيه الفتاة بيت الزوجية بفيزة عاملة (طباخة) إلى ما شاء الله.

ولكن ما يستحق التوقف عنده هو أسلوب الخطاب الإعلامي الذي يروج لهذا الرؤية والمفهوم على صفحاته, ويغذي من خلال هذا الطرح الرجعي إحساس الضآلة والدونية في الذات الأنثوية, وبالتالي تكريس كل المفاهيم التي تحجب وعي المرأة عن أبعادها الثرية العميقة المتعددة , وتغفل قيمتها الحيوية الجوهرية في مؤسسة الزواج وتستبدلها بقيمة مستمدة من صولاتها وجولاتها بين حوض المواعين والفرن فقط.

وبالتالي بات (الشيف) السوبر هو وحده القادر على إنقاذ البيوت المتداعية والأسر المهددة.

هذا النوع من الخطاب الإعلامي الغائب عن الواقع والمغيب للوعي , يتقاطع مع جميع المنجز التاريخي الذي حققته النساء على مستوى العمل والوعي والإنتاجية بكافة تجلياتها, و بل يتقاطع مع كل ما هو إنساني وحضاري, عندما تستلم النساء لهذا الوعي الذي يبخس قيمتهن المعنوية, وأشواط طويلة قطعنها خارج إرجاء المطبخ.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6287 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد