Al Jazirah NewsPaper Thursday  11/09/2008 G Issue 13132
الخميس 11 رمضان 1429   العدد  13132
الخدمات البلدية في بريدة لا تلبي طموح المواطن

تعايش مدينة بريدة نهضة متسارعة وحثيثة على عدة أصعدة، مثل غيرها من مدن المملكة الناشطة، يأتي في المقدمة المجال التجاري والاقتصادي والذي يمثل سببا ونتيجة لهذا التطور في الوقت نفسه، نظراً للتزايد السكاني والتطور الديموغرافي حيث تجاوزت البعد المحلي فصارت مدينة جاذبة. ولقد أدرك الاقتصاديون من داخل المنطقة وخارجها ذلك بحسهم الاقتصادي فتسارعوا للاستثمار فيها، ويكفي للتدليل على ذلك استثمار الشيخ سليمان الراجحي في بريدة ما يزيد على ملياري ريال في مشروع واحد.

إن ما أشرت إليه يمثل إلماحة عجلى لنظرة الاقتصاديين لتلك المدينة ولكنها نظرة لها دلالاتها (وللاقتصاديين حساباتهم المعروفة فرأس المال لا يجامل).

غير أن التطور الذي شهدته وتشهده المدينة لم يواكبه أو يقاربه تقدم في الخدمات البلدية التي تقدمها الأمانة ممثلة بإدارتها الفرعية.

فالخدمات بشقيها الجمالي والنفعي لا يؤدى منه إلا أقل الواجب بل ربما قصر عن الواجب في أحايين عديدة، ولقد استعرضت الموقع الإلكتروني الرسمي للأمانة علي أجد ما لم أره على أرض الواقع فلم أجد في ركن (المشاريع والإنجازات) سوى ستة مشروعات أحدها تحت الدراسة وآخر لم يحدد موقعه وثالث بعنوان تحسين مداخل مدينة بريدة! والمشروعات الستة كلها مجهولة تاريخ الإنجاز.

على رغم أن كثيراً من شوارع بريدة مثلا تعاني من التصدع وتعمل خارج عمرها الافتراضي منذ فترة بعيدة، بل إنك تشك أحياناً أنك تسير في مركز من مراكز المنطقة، أما مداخل المدينة فمنظرها لا يسر، وأما (بريدة مدينة التمور) فهي بحاجة إلى طرح مستقل عنها، بوصف المهرجان مكتسباً حيويا يميز المدينة ويعكس أبعادها التاريخية والاقتصادية والتي لم تلق العناية الموازية لهذا المكتسب.

إنني لم أسهب في سرد الخدمات البلدية المعطلة أو المتدنية في مجالات عديدة، وذلك لسببين:

الأول: لأن جوانب القصور شائعة معروفة لا تحتاج إلى كثير جهد للتدليل عليها، ولعل فيما أشار إليه الشيخ علي الراشد في حديثه ل(الجزيرة) في عددها 13109 الصادر يوم الثلاثاء 18 شعبان 1429ه -وهو أحد الأعيان المسكونين إخلاصاً ووفاءً لبريدة- غنية من الإطالة كما أن القارئ يلحظ من اللغة التي تحدث بها الشيخ الحرقة والألم من أسلوب التواصل مع جهاز الأمانة حيث (التفكير الأحادي.. والتمسك بالمواقف الارتجالية) كما ذكر الشيخ، وبالتالي فليست المشكلة عدم اطلاع الأمانة على جوانب القصور.

أما الثاني فهو قناعتي أن ما تعانيه بريدة من أوجه القصور هو في الواقع نتيجة والأهم هو السبب (أعني الأسلوب الذي تنتهجه الأمانة في التعامل مع مرافق المدينة وفق إمكاناتها كأمانة).

لذا فإن على القائمين على جهاز الأمانة أن يدركوا الحقائق التالية بوصفها مسلمات:

1 - الخدمات البلدية (حق) للمواطن.

2 - المقوم الأهم والمراقب الرئيس للخدمات البلدية هم المواطنون بكافة فئاتهم.

3 - المستفيد الأول من الخدمات البلدية هم المواطنون سكان المدينة، وبالتالي فهم شركاء في المنجز.

4 - بريدة اليوم ليست هي قبل عشرين عاماً.

إن مدينة بريدة -بفضل الله ثم القيادات القائمة على بعض إداراتها الخدمية- تشهد تطوراً في تقديم خدماتها يحسب للقائمين على هذه الإدارات. فلم يعد حلما أن تنهي إجراءات تجديد الرخصة أو الاستمارة خلال زمن قياسي (عشر إلى عشرين دقيقة مثلا) في إدارة المرور وقل مثل ذلك أو قريب منه عن إدارة الجوازات، وكذا في إدارة الأحوال المدنية، حيث -وبكل أمانة وإنصاف- يشعر المراجع لهذه الإدارات أن إمكانية التطوير واردة فقط إذا توفرت الإرادة القيادية، أقول هذا مع الاعتذار لإدارات أخرى ربما نهجت نفس النهج ولم اشر إليها، فهذه الإدارات لم تكن كذلك من قبل.

أدرك أن طبيعة المهام متباينة بين هذه الإدارات و(الأمانة) ولذا فكرت في التراجع عن المقارنة، غير أني اتجهت بالبوصلة غرباً وشرقاً وجنوباً وشمالاً فرأيت بأم عيني أن البلديات الفرعية خارج (مدينة بريدة) تحقق إنجازات جميلة جدا على أرض الواقع وفق إمكاناتها، وفي هذا الصدد يكفي أن أذكر أن سكان بريدة يبحثون في مرافق هذه البلديات عن فرصة مكانية يقضون فيها بعض الأمسيات من ليالي الصيف.

إنها دعوة لأمانة المنطقة أن تفتح نوافذ الجهات الأربع لتسمح لرياح التطوير بالدخول من خلال البحث عن مكمن الخلل ثم علاجه، واستثمار تلك الثروة النفيسة والمهدرة في الوقت نفسه المتمثلة في (رجال يحترقون شوقاً لخدمة مدينتهم بمبادرات مجانية) من خلال هيئة أو جمعية تحت مظلة وكالة الخدمات البلدية مثلاً، فهل تجد هذه الدعوات المتكررة قبولاً لدى مسؤولي الأمانة؟ هذا ما نأمله ونتوقعه.

سالم بن محمد العمري - بريدة


umare73@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد